يالها من أيام.. تعلمنا فيها ومنذ نعومة أظفارنا «قيمة حب الوطن» والحفاظ عليه، وقتها ومنذ عشرات السنين كنا فى مدارس ذات مساحات وأفنية واسعة بطوابير طويلة منظمة واستراحتين «فسحتين» فى اليوم الدراسى الطويل خاليتين من العنف والفوضى.
وكنا «بالطبع» لسنا أهدأ من تلاميذ هذه الأيام ولكننا كنا ندرك أن حب الوطن خط أحمر وهو الشعور الأسمى من بين مشاعر كل البشر، فتعلمنا من حبه الانضباط والنظام والنظافة والحفاظ على المرافق والحوائط منذ بداية المرحلة الابتدائية، وكان واجب الشرطة المدرسية، الذى كان الانضمام إلى فريقه مثار اعتزازنا فى هذه المرحلة العمرية المبكرة «ومنذ عمر 6 سنوات»، فكان لنا الفخر عندما يتم اختيار تلميذ منا «أو تلميذة» كشرطى مدرسى للحفاظ على أمن ونظام المدرسة، فنشعر بالمسئولية والعزة ومنذ اللحظة الأولى لارتدائنا شارة «الشرطة المدرسية» على ذراعنا اليسرى، وعندما لايتوافر الشارات بالمدرسة بمايكفى أعدادنا «لقلة الامكانيات» كنا نشتريها بل ونخيطها بأنفسنا نحن فتيات الشرطة ونشغلها خيوطا «بالكنافاه»، ونتأنق بها خارج أسوار المدرسة، وقد تعلمنا الالتزام والانضباط ليس بالورقة والقلم والكراسة ولا بالسهر على حفظ تعليمات من كتاب، ولكن من عملنا بالشرطة المدرسية وكانت من مهامها: تنظيم الآداء المدرسى اليومى، وتنظيم صفوفها الصباحية «الطابور المدرسى»، ومتابعة آداء تحية العلم بشكل منضبط ولائق بهيبة المدرسة والوطن، ومنع التلاميذ من إحداث فوضى بحانب حجرات إدارة المدرسة أو بجانب الفصول، ومنعهم من تخريب المساحات الخضراء بها، وسحب الأدوات الحادة من التلاميذ المشاغبين وتسليمها على الفور لإدارة المدرسة، وتسجيل أسماء التلاميذ غير المنضبطين وغير المهتمين لتوجيهات الشرطة المدرسية دون الدخول فى جدال معهم لدراسة كيفية التعامل معهم، فالشرطى هو رجل أمن من الدرجة الأولى، كذلك فإن الشرطى المدرسى هو المسئول عن ضبط النظام والأمن داخل الساحة المدرسية.
كانت هذه هى الشرطة المدرسية قديما فى جميع المدارس حكومية وخاصة، ولكن للأسف الشديد لم تسر على خطاها المدارس الحديثة أو «الانترناشونال»، وقد زادت مظاهر العنف واللعب بالسلاح وتفشت الفوضى بالمدارس الحالية وشتم المدرسين والتطاول على إدارة المدرسة واستخدام المطاوى والأمواس فى المشاجرات خاصة فى «البريك» أو وقت «المرواح» وخروج التلاميذ من المدرسة، وبازدياد أعداد التلاميذ فى المدارس الحكومية بشكل عام والمدارس الخاصة على وجه الخصوص، أجد «كأم واعلامية وولية أمر» أنه قد آن الأوان لأعضاء مجالس إدارات المدارس والمؤسسات التربوية العمل بجد وجهد على إحياء مشروع «الشرطة المدرسية» وبما يواكب هذا العصر وشبابه، فمن أسمى أهداف الشرطة المدرسية تعويد التلاميذ على النظام المدرسى وطاعتهم لمعلميهم، وحثهم على إظهار أنفسهم ومدرسيهم بالمظهر الحسن، ومعرفتهم بقيمة العمل الجماعى، وتعلمهم قيم وقد قامت بعض المدارس مؤخرا فى محافظات مصر بإحياء مشروع الشرطة المدرسية، وتم توزيع مهامها «الوطنية» فى بعض المدارس على التلاميذ المنضبطين، ليتعرفوا أهمية قيمة أن الشرطة فى خدمة الوطن، وبالتالى فإن مهمة الشرطة المدرسية مساعدة الحراسة العامة فى ضبط النظام وحفظ الأمن والأمان داخل المدرسة، فالشرطة المدرسية ليست تقليدا حديثا كما يعتقد البعض، إنما تقليد قديم تم إحياؤه لضبط النظم والأخلاقيات والمبادئ الوطنية التى تربينا عيلها -وربما آباؤنا من قبلنا- ونتمنى أن يشب عليها أولادنا من بعدنا.
[email protected]
لمزيد من مقالات سعديه شعيب رابط دائم: