رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حذار من رفع الأسعار

تداول الحديث أخيرا عن اتجاه الحكومة إلى رفع أسعار عدد من السلع والخدمات التى تقدمها الحكومة بنهاية يونيو 2018م، ومع بداية الميزانية الجديدة. ومن هذه السلع الكهرباء والغاز والمشتقات البترولية (البنزين وخلافه)، وكذلك تذاكر المترو والقطارات والأتوبيسات....إلخ. والمعروف والمستقر أن زيادة هذه السلع تحديدًا يؤدى إلى مضاعفة أسعار جميع السلع والخدمات الأخرى، بعضها يرتبط بأسعار هذه السلع، وبعضها لا يرتبط بها ولكنه الجشع الذى لم تستطع الحكومة كبح جماحه ولا السيطرة عليه.

وقد رجعت لتقارير رسمية داخلية وخارجية، وكذلك دراسات عديدة عن شخصيات تفهم فى الاقتصاد السياسي، عن الآثار التى ترتبت على تعويم الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار والعملات الأجنبية بحجج ليست مقنعة، فالتقارير الرسمية تشير إلى تحسن فيما يعرف بالمؤشرات الكلية التى لا يعرفها إلا أساتذة الاقتصاد ولا يفهمها الشعب بطبيعة الحال، فهناك أحاديث عن زيادة معدل النمو، وتراجع فى عجز الموازنة، وتراجع بسيط فى التضخم.....إلخ. إلا أن الواقع الفعلى يشير إلى تدهور اقتصاد المواطنين ذوى الدخول المحدودة والرسمية.

فجميع موظفى الدولة باستثناء الوظائف المتميزة هم من طبقة الفقراء الحقيقيين. وهؤلاء يبلغ عددهم (7) ملايين، بمتوسط رعاية أسرة (5) أفراد، أى أكثر من 35 مليون مواطن هبطوا فجأة من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الدنيا. فما هو السبب؟ بوضوح أن دخول هؤلاء لم ترتفع نهائيًا إلا الفتات، والأسعار تضاعفت بفعل التعويم من ناحية، وضعف دور الدولة فى السوق من ناحية أخرى، فكيف إذن من يتقاضى ألف جنيه، يصرفهما وكأنهما (300) جنيه وهكذا.

يرى البعض من العالمين بأسرار البيوت، أن الشعب قد تحامل على نفسه وتحمل هذه القرارات المؤلمة على خلفية حماية الوطن، وكل آثارها، واتجه إلى عدة خيارات منها: التقشف، وإعادة جدولة ميزانية الأسرة، وصرف العجز من مدخرات محدودة للزمن.... إلخ، حتى أضحى هؤلاء غير قادرين على التحمل نهائيًا. فما بالكم أصحاب المعاشات الذين أصبحوا يمدون أيديهم ولم يعودوا قادرين على الحياة لأنهم غير قادرين على الأكل والشرب والعلاج، وهى أمور أساسية، فمبالكم لو كانوا يرعون أسرة؟!

فالمرتبات لم تزد، رغم زيادة أسعار الطاقة (بنزين وسولار)، والكهرباء إلى الضعف (100%)، فمن أين يصرف هؤلاء؟! كانت إحدى حلول ضعاف النفوس رفع الرسوم غير الرسمية (الرشاوي)، وهؤلاء بدأ الخوف يدب فى نفوسهم بعد المحاولات والجهود الكبيرة والمثمنة من أجهزة الرقابة، وسقط مرتشون عديدون، فماذا يفعل هؤلاء، وكيف يستقيم الحال؟

وظيفة الحكومات والسلطة والبرلمان، هى خدمة الشعب، ورفع مستوى معيشته للأمام، فمابالكم وقد قام الشعب بثورتين (25 يناير ، 30 يونيو) لإسقاط نظامين، وهو يطمح إلى قفزة هائلة فى حياته لم يتحقق منها شيء، بل تدهورت أحواله، ولنكن صادقين فى شرح الصورة لكى تبنى سياسات وخيارات أفضل. فليس من دور الحكومة أو البرلمان هو اتخاذ قرارات واتباع سياسات من شأنها أن تحقق البؤس والاكتئاب عند الشعب، وقد يصل ذلك إلى تفاقم الجريمة بكل أنواعها حتى الإرهاب والعنف والفساد أيضا لذلك أنصح الحكومة التى كانت تنوى حسبما نشر رفع الأسعار فى يناير 2018م، وأجلتها إلى يونيو بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية لكى تمر بهدوء؟! والسؤال: ماذا بعد؟ والحال الذى عليه الناس كما هو؟!

إننى أنصح الحكومة بألا تفكر فى زيادة الأسعار نهائيًا خلال هذا العام حتى تتم جدولة الرواتب والمعاشات قياسًا على ما تم فى خيار تعويم الجنيه. كما أطالبها بإعادة النظر فى السياسات الاقتصادية المطروحة، وتقديم نفسها كنموذج فى خفض نفقات الحكومة وترشيد أبواب صرفها إلى النصف وكذلك نفقات البرلمان مع حظر زيادة البنزين ومشتقاته نهائيًا وكذلك عدم زيادة أسعار الكهرباء، أما عن أسعار المترو، فيمكن توزيع المحطات بحد أدنى جنيه واحد لعدد محدود وتتزايد مع زيادة المحطات، فيشعر الناس بالتدرج فى التحمل، وأن خفض السعر إلى جنيه مقابل عدة محطات، مع الزيادة التدريجية، هى محل قبول. وكذلك القطارات التى مازالت الحكومة لا ترى إلا الخصخصة أسلوبًا للإصلاح وقد ثبت فشل هذه الخيارات!، فالأمر يحتاج إلى مراجعة.

وختامًا أنصح الحكومة، بل وأحذرها من تداعيات خيار السياسات السهلة وهى رفع الأسعار، حيث إن الغضب يتصاعد داخل النفوس، وربما يهدأ الناس عندما تؤكد الحكومة فى بيان رسمى وحاسم وقاطع وواضح بلا غموض أنها لا تنوى رفع الأسعار بأى شكل حرصًا على مصلحة المواطنين.


لمزيد من مقالات د.جمال زهران

رابط دائم: