ومازالت العشوائيات مستمرة!

قبل نهاية العام الماضى وتحديدا فى 28 ديسمبر قامت حملة موسعة ضمت قوات أمن من مباحث ومرافق ومرور ونجدة وحماية مدنية ولجنة من حى مدينة نصر لإزالة السوق العشوائية التى يطلق عليها سوق المنهل بالمنطقة التاسعة بالحى الثامن بمدينة نصر، والمجاور للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، وبالفعل على مدى يومين تقريبا تم ازالة السوق بالكامل تنفيذا لقرار صادر من الحي، والذى أكد ضرورة الإزالة لردع كل من تسول له نفسه الاستيلاء على أراضى الدولة بدون وجه حق وتحقيقا لسيادة القانون وفرضا لهيبة الدولة، واستقبل الناس الحملة بارتياح شديد خاصة بعد ان كان الوضع خارج السيطرة تماما.

وبعد أيام من هذه الحملة الموسعة بدأ البائعون يعودون مرة أخرى على استحياء، حتى عاد الوضع الآن إلى سابق عهده قبل الإزالة وكأن شيئا لم يكن، وأصبح الناس يعانون من عشوائيات ازالة العشوائيات.. فبطبيعة الحال انصرفت قوات الأمن بعد تنفيذ مهمتها، ولكن ظلت مخلفات الهدم ولم يتدخل الحى لتنظيف المنطقة وترك المنطقة اكثر عشوائية مما كانت، لذلك كان من الطبيعى أن يعود الباعة مرة اخرى بشكل فردى وعندما لم يتم ردعهم او توفير مكان بديل منظم وتحت سيطرة الدولة، بدأوا يتوافدون بشكل جماعى مرة أخري، حتى إن أصحاب اكشاك الفراخ والجزارة عادوا للعمل كما كان الوضع فى السابق، والغريب أن نائب المحافظ خلال عمليات الإزالة اعترف أنه تم التعامل مع السوق أكثر من مرة، ثم يعود الأمر الى ما كان عليه؟!

التطوير وفرض هيبة الدولة يحتاج الى متابعة جادة من كافة أجهزة الدولة، وأن يتم توفير مناطق منظمة وحضارية ويتم تخصيصها وفق النظم المعمول بها بالدولة قبل الإزالة بطبيعة الحال، واعتقد ان ما حدث فى مشروع الأسمرات أو غيط العنب بالإسكندرية أكبر دليل على ان هناك امكانية للتخطيط الحضاري، ولكن ما حدث بسوق المنهل وما سيحدث هو ترسيخ لمبدأ استمرار العشوائية.