رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأمير محمد بن سلمان ..وزيارة ناجحة

حين يأتى الحديث عن العلاقات المصرية السعودية فنحن أمام تاريخ طويل وروابط ممتدة ومصالح جمعت الشعبين فى أشد الظروف صعوبة وقسوة .. وتبقى السعودية من أقرب بلاد الله إلى قلوب المصريين وهم أكثر الحجاج عددا وتمتد العلاقات الأسرية بين الشعبين عبر أجيال كثيرة.. من هنا فإن هذه الروابط التى جمعت الشعبين تمثل رصيدا تاريخيا يمكن فى أى مرحلة من المراحل البناء عليه من أجل علاقات أوسع ومصالح أكبر.. وقد جاءت الزيارة الناجحة التى قام بها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولى عهد المملكة العربية السعودية إلى القاهرة والحفاوة البالغة التى أستقبل بها من الرئيس عبدالفتاح السيسى والجولات الكثيرة التى زار خلالها مواقع كثيرة فى الإسماعيلية وقناة السويس والتقى مع الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا تواضروس بابا الأسكندرية وبطريارك الكنيسة الأرثوذكسية خلال ثلاثة أيام، كان برنامج الزيارة حافلا وحمل نتائج كثيرة حول مستقبل العلاقات المصرية السعودية ..

كنت واحدا من نخبة من الكتاب والإعلاميين ورؤساء التحرير التقينا مع سمو الأمير محمد بن سلمان فى منزل السفير السعودى أحمد القطان والذى أصبح الأن وزيرا لشئون إفريقيا فى الحكومة السعودية وهو رجل سوف يترك فراغا كبيرا فهو من الدعائم الأساسية فى تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية ..

< بدأ الأمير محمد بن سلمان حديثه منبهرا بما شاهد من إنجازات فى الإسماعيلية وقناة السويس من الأنفاق إلى المشروعات والمدن الجديدة وقال إن ما تحقق شئ يفوق الخيال وانه يمثل نموذجا لكل من يحاول بناء دولة فى التخطيط والنتائج وسرعة الإنجاز وان ما حققته مصر بأيدى أبنائها شئ يدعو للفخر والاعتزاز تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى .. وتناول ولى العهد مستقبل الإستثمارات بين السعودية ومصر وانها شملت مجموعة من المشروعات الاقتصادية والسياحية بالاشتراك مع الأردن فى منطقة شرم الشيخ والبحر الأحمر فى مشروعات سياحية ضخمة على مساحات واسعة من الأراضى فى الدول الثلاث ..

< على الجانب السياسى قال الأمير ان هناك تطابقا فى المواقف بين مصر والسعودية فى كل القضايا السياسية سواء ما يخص العالم العربى أو القضايا الدولية وان الموقف السعودى فى جميع قضايا المنطقة لا يختلف من قريب أو بعيد عن موقف مصر .. وحول الموقف مع قطر قال انه لا يتابع بنفسه هذا الملف ولكن تركه لمجموعة عمل لأنه لا يرقى لأن يعطيه الكثير من الوقت وان الخلاف مع قطر لا يمثل أهمية فى جدول السياسة السعودية .. وان المعارك فى اليمن حققت نتائج طيبة واقتربت من نهايتها وان إيران تسعى إلى تشييع كل الدول الإسلامية ولن تنجح فى ذلك رغم كل المؤامرات التى تقف وراءها ..

وقال الأمير: إنه متفائل بمستقبل العالم العربى وان الدول التى تعانى الأن من ظروف صعبة سوف تصل إلى حلول لأزماتها وهى تمثل 20% من الدول العربية وهى سوريا والعراق واليمن وليبيا وان العالم العربى سوف يتجاوز كل هذه الأزمات فى وقت قريب .. وحول القضية الفلسطينية أكد على ان القدس الشرقية هى عاصمة الدولة الفلسطينية وان مصر والسعودية لديهما رؤية موحدة حول القضية الفلسطينية ولا تنازل عنها وفى مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية .

< أكد ولى العهد السعودى أن مصر والسعودية قادرتان على مواجهة الظروف الدولية مع أى طرف من الأطراف لأن مصر دولة كبيرة تستطيع أن تجمع حولها عددا كبيرا من الدول وكذلك السعودية لديها أطراف دولية كثيرة يمكن ان تؤثر فيها ويجب أن نتعامل مع العالم بهذه الروح.. إننا دول صاحبة دور ورسالة ولن نخضع لأى إبتزاز من هنا أو هناك.

< سألت ولى العهد السعودى عن معاركه الداخلية التى حملت رؤى إصلاحية شابة وكيف قرر أن يخوض هذه المواجهات مرة واحدة وخلف كل قضية منها ثوابت تاريخية تأصلت فى المجتمع السعودى وعلى سبيل المثال هناك المد الدينى المتطرف وتحكمه ثوابت قديمة فى رجال الدين ما بين الوهابية والنهى عن المنكر .. هناك ثوابت وظروف اجتماعية حكمت لسنوات طويلة الواقع الإجتماعى السعودى بكل تاريخه وجذوره وهناك قضايا الاقتصاد وكيف لجأ إلى إجراءات صارمة لإسترداد أموال الشعب وبعد ذلك كله قضايا السياسة وما يحيط بها من ظروف وملابسات.

قلت للأمير من أين جاءتك كل هذه الأفكار الإصلاحية وكلها قضايا معقدة خلفها موروث ثقافى ودينى وفكرى إمتد مئات السنين ..

< فى البداية أكد الأمير محمد بن سلمان أن المجتمع السعودى منذ سنوات ليست بعيدة لم يكن بهذا التشدد فقد كانت الحياة أكثر رحابة وكانت فى السعودية دور للسينما وأنشطة ثقافية وفنية متعددة وكان المجتمع منفتحا على العالم بصورة أكبر ولهذا فإن هذا التشدد ليس من الإسلام فى شئ وان علينا أن نختار الإسلام الصحيح الذى يحترم حرية الإنسان وخصوصياته وان فى المجتمع السعودى نسبة عالية من المواطنين لا تحب التشدد وتلتزم بقواعد الدين الصحيح وإذا حدث خلاف بيننا فإن القرآن والسنة هما الحكم بين الآراء لأن طوائف كثيرة من المجتمع السعودى خاصة الشباب سعداء بما يحدث من إجراءات إصلاحية فى المجتمع السعودى.. وتحدث عن نشأته وأثر والده الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فيما اكتسبه من التجارب والخبرات وكيف تشكل مخزونه الثقافى والفكرى برعاية والده وانه تولى مسئوليات مهمة فى عهد جلالة الملك عبدالله رحمه الله وهو فى العشرينيات من عمره وانه مقتنع تماما بأن الأزمات والمشكلات لابد أن تواجه بصورة شاملة لأن هناك إرتباطا وثيقا بينها فلا يمكن الحديث فى قضايا الدين بعيدا عن الظروف الإجتماعية ولا يمكن الإقتراب من عالم السياسة بكل تناقضاته بعيدا عن الإقتصاد الذى يحرك كل شئ .. هذا التداخل الشديد فى ظروف المجتمعات يتطلب رؤى شاملة ومتداخلة فى الطرح والحلول والإنجازات وهذا ما أكده الأمير لذا فلابد أن نطرح كل هذه القضايا مرة واحدة ونبحث عن حلول جذرية عاقلة تتناسب مع روح العصر الذى نعيش فيه وان هناك أجيالا جديدة من حقها أن تتمتع بكل ما حققته البشرية من إنجازات ولهذا كانت القرارات الخاصة بالحريات وحقوق الشعب خاصة أجيال الشباب مع تأمين مستقبل آمن للجميع

< تناول اللقاء فى بيت السفير قطان موضوعات أخرى ولكن كان هناك إجماع من الحاضرين على أننا أمام نموذج شاب فى دولة شقيقة لديه إلمام شديد بكل ما يحيط بالمجتمعات العربية من الأزمات والتحديات وان الأمير الشاب قادر على مواجهة التحديات على المستوى الداخلى والإقليمى والعالمى ..

وقد خرجت من هذا اللقاء متفائلا حول مستقبل العلاقات المصرية السعودية قد تختلف درجة التحديات وقد تكون هناك عوامل مؤثرة فى دولة دون الأخرى ولكن لغة المصالح يجب ان تكون لها اليد العليا خاصة أن الأمير محمد بن سلمان يواجه تحديات صعبة لإقامة مجتمع جديد أكثر رخاء وإستقرارا وحرية وكذلك الرئيس عبدالفتاح السيسى يواجه تحديات أمام واقع شرس وضرورات تفرض مطالب كثيرة.

وحين تحدث الأمير عن مستقبل الأحزاب السياسية فى السعودية قال: ليس لدينا ملك واحد، إن على رأس كل قبيلة ملك وعلى رأس كل قرية مسئول له سلطات الملك, نحن نمثل حالة خاصة جدا من سجل الثوابت الإجتماعية والدينية التى تحكم العلاقات بين أبناء الوطن الواحد لأن القبيلة فى السعودية كيان متأصل فى حياة الناس بدرجة كبيرة ولا يمكن الخروج عليه.

هناك تحديات مشتركة بين مصر والسعودية يمكن ان نتوقف عندها:

أولا : إن قضية التطرف الدينى والحرب ضد الإرهاب تحتاج إلى جهد مشترك بين البلدين لأننا امام دولة قامت بها الدعوة الإسلامية وهى مزار المسلمين من كل مكان وهناك الأزهر الشريف بكل تاريخه وتراثه وهو من أهم الدعائم التى حافظت على الإسلام دينا وعقيدة ولهذا فإن المعركة ضد الإرهاب لا تخص بلدا دون الآخر كما أن التطرف الدينى الظاهرة والخطر يحتاج الى موقف موحد بين مصر والسعودية ..

ثانيا : ان المملكة العربية السعودية مازالت تتمتع برصيد ضخم من الأموال التى تسعى إلى إستثمارها والأرض المصرية الأن يمكن أن تستوعب جزءا كبيرا من هذه الأموال فى إستثمارات تحقق الرخاء للشعبين الشقيقين خاصة أن مصر الأن قد وضعت ضمانات كثيرة فى قوانين واضحة لحماية الاستثمار كما أنها أقامت بنية أساسية دفعت فيها المليارات لكى تكون الأرض مؤهلة لإستيعاب حجم كبير من الإستثمارات فى كل المجالات لقد أكد ولى العهد أن فى أمريكا رؤوس أموال سعودية تتجاوز 800 مليار دولار وهذا الرقم يمكن أن يحدث ثورات إقتصادية فى كل العالم العربى .

ثالثا : نحن أمام تجارب إصلاحية وليدة تحاول النهوض بالبشر فكرا وسلوكا وتشهد مصر الأن إنشاء دولة جديدة وهى تفتح أفاقا لفكر جديد وهذا ما يجرى فى السعودية أمام مسئول شاب يحاول أن يضع أسسا جديدة لدولة أكثر انطلاقا وحرية .. هنا يمكن أن يكون اللقاء بين الرئيس السيسى والأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى لقاء مثمرا على كل المستويات خاصة أن المنطقة كلها تواجه تحديات وظروفا صعبة وأمام مصر والسعودية فرصة تاريخية لانتشال الواقع العربى من كل ما يحيط به من العواصف كما أن العالم يعيش لحظة تاريخية فارقة لأنه لا مستقبل فيه إلا لمن تعلم لغة العصر وأصبح شريكا فعالا فى صنع المستقبل ..

رابعا : يجب على القيادات فى البلدين أن تستثمر اللحظة التاريخية وهى تشهد متغيرات كثيرة فى كل شيء أن تستعد لمواجهة العصر خاصة أن هناك قوى إقليمية ودولية لها مطامع وأهداف وترى فى العالم العربى مجالا واسعا لتحقيق أطماعها ومصالحها ..

إن حشد مصادر القوة بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين يمكن أن يمثل بداية عصر جديد لهذه الأمة بعد حالة التمزق والشتات التى تعانى منها .. قد تختلف الظروف بين الدول أحيانا وتجمعها المصالح فما بالك إذا كانت الظروف واحدة والتحديات واحدة فيجب ان يكون هناك حرص شديد على المستقبل لأنه أغلى ما تملك الشعوب

كانت زيارة ولى العهد السعودى صفحة جديدة فى تاريخ من العلاقات العميقة بين البلدين خاصة أن الأمير الشاب كان نموذجا مشرفا فى الفكر والثقافة وإدراك حجم التحديات والمسئولية.

 

 

..ويبقى الشعر

 

مازلتُ أسكنُ فى عيونكِ مثل حباتِ النهارْ

أطيافُ عطركِ بين أنفاسى رحيلٌ .. و إنتظارْ

مازلتُ أشعرُ أننا عمرٌ نهايتُه .. إنتحارْ

و الحبُّ مثل الموتِ يجمعُنَا .. يفرقـُنَا

و ليس لنَا إختيارْ

هل تـُنْجب النيرانُ وسطَ الريح ِشيئًا

غيرَ نارْ؟

مازلتُ أحيا كلَّ ما عشناه يومًا

رغم أن العمر َ.. أيامٌ قصارْ

والحبُّ فى الأعماقِ بركانٌ يدمَّرُنَا

وبينَ يديكِ ما أحلى الدَّمارْ

والشوقُ رغمَ البعدِ

أحلامٌ تطاردنَا

ومازلنا نُكابرُ كالصَّغارْ

فالهجرُ فى عينيكِ هجرُ مُكابرٍ

هل تهربُ الشطآنُ من عشقِ البحارْ؟

إن جاء يومٌ و استرحتِ من المنى

فلتُخبرينى.. كيف أسدلتِ الستارْ؟

فإلى متى سنظلُ فى أوهامِنَا

و نظن أن الشمسَ ضاقتْ بالنهارْ؟

أدمنتُ حبَّك ِمثلما

أدمنتُ فى البحر الدُّوارْ

فلقاؤنا قدرٌ

و هل يُجدى مع القدر ِالفِرارْ؟

 

 

قصيدة ليس لنا اختيار سنة 1982

[email protected]

[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها فاروق جويدة

رابط دائم: