رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حياة واحدة لاتكفى

المشكلة أننا نعيش الحياة مرة واحدة فقط دون أى بروفة لتصحيح الأخطاء. ولانعرف معنى الحياة إلا بعد أن نجربها تماما، ساعتها، تكون انتهت. وساعتها أيضا لايمكن أن نعود لنخبر أحدا بأى شيء. كأننا نقول للجميع اشربوا من نفس الكأس، ومن كان ذكيا أو عبقريا فليعبرها كما يريد. وعليه أن يخبرنا بصدق هل هو راض عن هذه الحياة حياته؟.

أحيانا يقول البعض أمام الكاميرات والابتسامات أنه راض تماما، ولو عادت به الحياة فسوف يعيشها كما هى. فأى فقر فى الخيال وفى الحياة هذا؟.

كيف أعيش ما عشت فقط، أنا لا تكفينى حياة ولا حياتين ولا مائة، ولا أشبع من الحياة أبدا، لأننى مجرد إنسان. ودور واحد على المسرح لا يكفى اشباعى ولا نهمى من المعرفة والحياة، وأى ممثل موهوب لايقنع أبدا بدور وحيد فى السينما مهما كان رائعا. فمن اتقن دور الضابط يعجبه ما فى حياة اللص من إثارة، والمتهم يود أن يجلس مرة مكان القاضى. أغنى الأغنياء يحسد الفقير على كوخه وراحة البال التى لاتقدر بثمن، وطبيعى أن يحلم ساكن الكوخ بحياة الغنى حتى لو كان الثراء عنده مجرد بيت له سقف لاتنفذ منه قطرات المطر فى الشتاء. حياة واحدة لاتكفى ولابد من بروفة حياة حتى نعرف كيف نتجنب أخطاءنا والشرور والأحقاد. فحياة واحدة قصيرة وكل واحد يود أن يكون أقوى وأغنى من الآخرين وفى غمرة الصراع نستخدم كل الوسائل للوصول. وعندما نعجز لايبقى فى قلوبنا غير الخواء وكراهية الآخرين دون أن يكون لهما سبب فيما أصابنا غير ضعفنا. وفى خضم دوائر الكراهية تلك ينسى كل إنسان أنه اختار حياته كما يريد، وتحققت كما كان يحلم بالضبط. فمن كان يريد جمع المال أصبح غنيا، ومن أحب أن يكون صاحب رسالة عاش فى الدنيا فقيرا مثل الأنبياء. لكن لأن حياة واحدة لا تكفى، فالغنى يكتشف أنه نسى أن يكون صاحب رسالة، وأن ما جمعه لم يجعل منه إنسانا ساميا حقيقيا، وصاحب الرسالة يكتشف أنه أضاع عمره، بينما حصل على المال والغنى أولئك الذين يتهمهم دائما بأنهم لصوص. وينسى أن رسالته هى أصلا لهؤلاء.

حياة واحدة لاتكفى ليكون هناك سلام بين البشر.. وعندما نعيش أكثر من حياة وتقوم بعمل كل الأدوار، ساعتها سوف يغفر كل منا للآخر ما به من ضعف للمال والقوة والسلطة. فإن تكون فى مكان الآخر سوف تشاهد الصورة أوضح وتغفر وتسامح. وليس أمامنا إذا تعذر أن نعيش هذه الحيوات الكثيرة إلا أن نحاول أن نعيشها فى حياتنا الواحدة حتى نملك المقدرة على التسامح، فحياة واحدة لاتستحق أن نحرقها بشرورنا التى لاتنتهى وإنما تحتاج الرضا والحب حتى تصبح جميلة ولها معنى، يكفى أنها حياة واحدة فقط.


لمزيد من مقالات محسن عبد العزيز;

رابط دائم: