رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بحديث بوتين عن أسلحته الجديدة
موسكو تطلق العين الحمراء فى وجه واشنطن !

د. سامى عمارة
بوتين خلال خطابه السنوى الأخير

في خطاب هو الأخطر منذ أن اعتلي سدة الحكم في الكرملين عام 2000 ، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين ان القرن 21 لا بد أن يكون «عصر اعتلاء روسيا مركز الصدارة في العالم»، بينما استعرض ما حققته بلاده من إنجازات أعادتها الى المكانة التي تستحقها على خريطة السياسة الدولية. كشف بوتين عما يمكن اعتباره تجسيدا عمليا للرد على ما سبق وحذر منه في خطابه الاشهر الذي ألقاه في مؤتمر الأمن الأوروبي في ميونيخ في فبراير 2007 ، وأعلن فيه رفضه عالم القطب الواحد وتحذيره من مغبة الانسياق وراء أوهام الانفراد بالقوة والقرار الدولي.

وبمفردات خطاب يشى بأن المتحدث زعيم يجمع ما بين الحكمة والقوة، ومن موقعه كقائد أعلى للقوات المسلحة ومسئول عن أمن روسيا وحلفائها، شخص بوتين بكل اعتزاز قدرات شعبه، وبما يملكه من مقدرات علمية وثروات مادية وبشرية، ليكشف في خطابه السنوي الى الأمة أمام أعضاء الجمعية التشريعية والحكومة والمحافظين، بل والعالم بأسره ، عن امتلاك بلاده الكثير من مفاتيح القوة التي تكفل لها استعادة مواقع الصدارة والتأثير في الساحتين الاقليمية والدولية. حرص بوتين على استعراض ما حققته روسيا من انجازات عسكرية لا مثيل لها في العالم بأسره، وكأن لسان حاله يقول :«لسنا ضعافا، ولم نتأثر بعقوباتكم، وها هي روسيا التي لن يستطيع أحد في العالم كبح جماحها»، وإن حرص على تأكيد أن روسيا فعلت كل ذلك دون تجاوز أو انتهاك لأي من المعاهدات الدولية . وبغير إشارة الى أن خطابه ليس برنامج عمل انتخابي يحدد معالم سياساته خلال السنوات الست المقبلة، بقدر ما كان إعلانا عن مواقف بلاده في مواجهة التحديات المحلية والعالمية، ورسالة تكاد تكون أقرب إلى المباشرة يوجهها الى الولايات المتحدة، ومن يسير في ركابها ممن انزلقوا الى فرض العقوبات ضد روسيا. وبعد استعراض ما حققته روسيا خلال سنوات طوال تستمد بدايتها من مطلع القرن الحالي، طرح الرئيس بوتين رؤيته لما يجب أن تكون عليه روسيا في المستقبل القريب، متكئة على ما تملكه من مواهب وقدرات بشرية وذخائر علمية يمكن الاستناد اليها لمواجهةالاخطار والتحديات العالمية.

ومن هذا المنظور استهل بوتين حديثه عن قضايا الداخل، مستعرضا ما حققته بلاده التي تسلمها مثقلة بالديون والأزمات والحركات الانفصالية والحروب الاهلية، من انجازات على مختلف الاصعدة. واشار الى التوجهات الاستراتيجية لبرنامج العمل في الفترة المقبلة ، الذي حاول بوتين من خلاله تأكيد اهتمام القيادة الروسية برفع مستوى معيشة المواطن الروسي وتطوير قطاعات التعليم والصحة والاسكان ومواجهة التحديات الاقصادية والاجتماعية. كما كشف عما يحتويه برنامجه الذي يستهدف بناء الانسان الروسي القادر ليس فقط على اللحاق بركاب الحضارة العالمية ، بل وتبوأ موقع الصدارة. موضحا اهتمامه بقطاعات التعليم والصحة والاسكان والحفاظ على البيئة بما يسهم في الارتفاع بمتوسط العمر الذى قفز به من 63 سنة حتى 73 في الآونة الراهنة، مشيرا الى هدفه في الصعود به الى ما يزيد على الثمانين عاما مع نهاية عشرينيات القرن الحالي. وأوجز خطته في ضرورة الارتقاء باقتصاد بلاده حتى مستوى «الاقتصادات الخمسة الكبار ومضاعفة الناتج الداخلي الإجمالي لكل فرد بمقدار مرة ونصف مع حلول منتصف العقد المقبل، وزيادة ميزانية قطاعات الصحة والتعليم والاسكان خلال السنوات الست المقبلة حتى 5%، والعمل من أجل مضاعفة حجم الصادارات الى 250 مليار دولار، دون الاعتماد على صادرات الطاقة والمعادن .

 لكن المفاجأة تمثلت فيما أوجزه بوتين في الشق الثاني من خطابه والذي استعرضه من خلال مشاهد الفيديو على شاشات عملاقة انتشرت بقاعة اللقاء، مُعيداً الى الاذهان تحذيراته التي أعلنها في عام 2004 من مغبة التوجهات الامريكية ومحاولات نشر «الدرع الصاروخية» على مقربة مباشرة من الحدود الروسية، في اطار سعيه من اجل اقناع الاطراف الاخرى بالتخلى عن نهج المواجهة والتصعيد والتحول الى المفاوضات والتخلى عن الغطرسة.

وفيما عزا ما اتخذته روسيا من قرارات وخطوات الى إصرار الولايات المتحدة على الخروج من معاهدة الانظمة المضادة للصواريخ في عام 2002 ، وتهديداتها روسيا بشبكتها التي نشرتها في رومانيا وبولندا غربا ، وفي اليابان وكوريا الجنوبية والاسكا في الشرق ، فضلا عما ينتشر من  سفن وغواصات  مزودة بأحدث الاسلحة النووية على مقربة من كل الشواطئ الروسية. كشف بوتين عن عدد من أحدث «المنظومات الصاروخية» ومنها «سارمات»، و»كينجال» ، و»أفنجارد» المزودة بمحركات نووية وتتجاوز سرعاتها أربعة أضعاف سرعة الصوت وتصل الى أهدافها في عمق أراضي العدو المحتمل، من خلال مسارات متعرجة عبر القطبين الشمالي والجنوبي متجاوزة كل المنظومات الدفاعية والتضاريس الجغرافية جوا وبحرا وبرا أينما كانت، فضلا عن غواصات «الدرون» النووية وأسلحة أخرى لم يستقر الرأي بعد حول اسمائها وهو ما طرح على مواطنيه المشاركة بالرأي على موقع وزارة الدفاع لاختيار ما يرونه من تسميات لهذه الاسلحة. وقال بوتين ايضا إن بلاده انتهت من تجاربها وتحولت الى انتاج ما يكفل لها الرد على كل التحديات العالمية، والاخطار التي تتهدد حدودها شرقا وغربا، مؤكدا ان نسبة الأسلحة الحديثة في تسليح القوات المسلحة الروسية ارتفعت خلال الاعوام القليلة الماضية بـ 3.7 أضعاف، وان هناك ايضا ما لا تسمح ظروف السرية الى الاعلان عنه، أو البوح بتفاصيله.

وفيما اعتبره الكثيرون من المراقبين في الداخل والخارج الكشف عن مثل هذه الاسلحة اعلانا عن التحول نحو سباق جديد للتسلح، قال سيرجى شويجو وزير الدفاع الروسي «ان ما انتجته وتنتجه بلاده من أسلحة فائقة الدقة ، سوف يساعد روسيا على تفادى الانزلاق الى جولة جديدة من سباق التسلح تحاول بلدان الناتو الزج بنا الى متاهاته». وأضاف الوزير الروسي « ان هذه الاسلحة تكفل لبلادنا تأمين مصالحها وأمنها لعقود طويلة مقبلة». وأشار الى ان «المظلة» التي تنشرها الولايات المتحدة من خلال عناصر درعها الصاروخية في رومانيا وبولندا والاسكا واليابان وكوريا الجنوبية، تتحول الى ما هو أشبه بـ«المصفاة كثيرة الثقوب»، تحت وقع ما توصلت اليه روسيا من أسلحة ومنظومات صاروخية، في نفس الوقت الذي خيم فيه الذهول على الكثير من المراقبين في الداخل والخارج، وبلغ ببعضهم حد التشكيك في وجود مثل هذه الاسلحة، التي تبدو في جوهرها أقرب الى «أسلحة الخيال العلمي»، وهو ما يبدو أنه لم يكن بعيدا عن تفكير الرئيس بوتين الذي حرص على أن يشرح الكثير من جوانب خطابه، في حديثه الذي أدلى به إلى قناة «ان بي سي» الامريكية .

كان بوتين استهل حديثه بتأكيد وجود بعض من هذه الاسلحة ضمن التسليح الحالي للقوات الروسية المسلحة، مؤكدا انها  «تستطيع التغلب بسهولة على المنظومة الدفاعية الأمريكية المضادة للصواريخ». وقال إنه لا يستهدف إشعال جولات جديدة لسباق التسلح، وإن أشار الى ان سباق التسلح بدأته الولايات المتحدة الامريكية منذ اعلنت الانسحاب من معاهدة الانظمة المضادة للصواريخ». وللمزيد من الايضاح سارع دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين الى اعلان ان «ما كشف عنه بوتين من أسلحة ليس اعلانا عن بداية سباق للتسلح، بل مجرد رد عملي على انتهاك معاهدة الحد من الانظمة الصاروخية وضد قرار الولايات المتحدة حول الخروج من هذه المعاهدة، وعملية نشر عناصر الدرع الصاروخية الامريكية وانتهاك التكافؤ النووي ومحاولات تحييد القوات الاستراتيجية لروسيا الاتحادية».

ومن جانبها أكدت ماريا زاخاروفا الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ان ما أعلنه بوتين من اسلحة حديثة لا يستهدف إلا تحقيق التكافؤ النووي ودعم القدرات الدفاعية لروسيا، مؤكدة اعتبار ذلك دعوة الى الحوار من مواقع تختلف عن ذى قبل، وليست «طلبا» او «خوفا من تهديدات».

ولعله من الغريب والمثير معا ما ظهر من ردود افعال «أولية» ، سرعان ما كشفت الخارجية الامريكية عن بعض ملامحها التي تباينت بين محاولات التهوين والقول ان ما كشفت عنه موسكو كانت واشنطن تعرفه منذ فترة طويلة من جانب، والتهويل واعتباره انتهاكا للمعاهدات الدولية من جانب آخر.

وننقل عن هيذر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قولها إن: «روسيا تطور أسلحة تهدد الاستقرار لأكثر من عقد من الزمن، وهو ما يمثل انتهاكا مباشرا لالتزاماتها التعاهدية»، في نفس الوقت الذي سارع فيه الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالإتصال بنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون وبالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ليعلنوا سويا قلقهم تجاه ما كشف عنه بوتين، فيما اشاروا الى ما «يتهدد عملية ضبط التسلح النووي من أخطار».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    ابو العز
    2018/03/05 09:35
    0-
    0+

    الأقمار الأسرائيلية التجسسية !!
    تصور طائرات شبح روسية متقدمة لا يرصدها الرادار رابضة في احدى القواعد العسكرية الروسية في سوريا ؟! ..
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    أحمد حسين
    2018/03/05 08:35
    0-
    0+

    الدب الروسي
    التقارير الصادرة من الولايات المتحدة تعكس القلق ليس من تصريح بوتين عن الأسلحة الحديثة ولكن إظهارها بشكل أكبر من حجمها الحقيقي المعروف لديهم -مصر من ارادها بسوء قصمه الله
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق