رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«سيناء 2018» بعيون علماء الدين ( 3 )
وزراء أوقاف الدول الإسلامية: مواجهة الإرهاب تحتاج ثقافة شعبية ومجتمعية

تحقيق ــ نادر أبو الفتوح
د. مختار جمعة خلال افتتاح مؤتمر وزراء أوقاف الدول الاسلامية

جاءت مناقشات المؤتمر الثامن والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذى نظمته وزارة الأوقاف برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 26 إلى 27 فبراير الماضي، تحت عنوان «صناعة الإرهاب ومخاطره وضرورة المواجهة وآلياتها»، بمشاركة 100 من الوزراء والمفتين وعلماء الدين من مختلف الدول العربية والإسلامية، لتؤكد حاجتنا إلى منظومة متكاملة لنشر الثقافة الشعبية والمجتمعية المقاومة للإرهاب، وان تنهض جميع المؤسسات الدينية والثقافية والشبابية بدورها فى تفنيد أكاذيب الجماعات المتطرفة التى تسعى للسيطرة على عقول الشباب عبر مفاهيم خاطئة، بجانب المواجهة العسكرية.

وإذا كانت معركة جنود مصر البواسل «سيناء 2018» ضد أيادى الإرهاب الآثمة قد انعكست على جلسات ومناقشات المؤتمر وكلمات ومداخلات الوفود العربية والإسلامية والأجنبية المشاركة، فإن وزراء الأوقاف والمفتين وعلماء الدين المشاركين فى المؤتمر قد اجمعوا على أن مصر ستنتصر على الإرهاب، وأعلنوا دعمهم الكامل لمصر فى مواجهة الإرهاب والتطرف وقوى الشر. وأكدوا ان كل نقطة عرق يبذلها المفكرون توفر نقطة دم من جنود مصر والأبرياء الذين يستهدفهم الإرهاب.

وفى ختام أعماله، أصدر المشاركون وثيقة عمل تمثلت فى عدد من التوصيات حول خطط وآليات المواجهة الفكرية للجماعات المتطرفة، وتأكيد دعم الدولة الوطنية فى مواجهة عناصر الجماعات المتطرفة، وأشاد المشاركون بالجهود التى تبذلها مصر وحربها ضد الإرهاب، وأكدوا أن مصر الأزهر هى بلد الأمن والأمان، وأشادوا بالمناقشات والمداخلات التى تمت خلال الجلسات.

 

يقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف ورئيس المؤتمر، إن الجلسات التى تمت على مدى يومين ناقشت كل جوانب ومحاور المؤتمر، وقدم المشاركون خطة عمل فى طريقة المواجهة الفكرية للإرهاب وبيان آليات تلك المواجهة، مؤكدا أن التوصيات التى صدرت عن المؤتمر سوف تتم الاستفادة منها، وتدريب الأئمة والدعاة والواعظات على مواجهة الإرهاب، من خلال تصحيح المفاهيم والتواصل مع الشباب. وركز المؤتمر على قضية مهمة للغاية فى مواجهة الإرهاب، وكانت هى أولى التوصيات، وتمثلت فى أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان، وأن كل ما يقوى ويدعم بناء الدولة الوطنية إنما هو من صميم الدين، وأن أى عمل ينال من كيان الدولة أو يعمل على إضعافها يتناقض غاية التناقض مع كل المبادئ والقيم الدينية والوطنية والإنسانية، ويعد خيانة عظمي.

صناعة الإرهاب

وناقش المؤتمر فى أحد أهم محاوره مفاهيم وأسباب صناعة الإرهاب، وأكد الدكتور ناصر مسفر الزهراني، مؤسس مشروع «السلام عليك أيها النبي»، ضرورة أن نصل إلى رؤية واضحة لأسباب الإرهاب وأن نضع خططا عاجلة للمواجهة الفكرية بجانب المواجهة العسكرية، وأشار الى أن هناك دورا كبيرا يقع على عاتق الأئمة والدعاة فى المواجهة، لأن هذه الظاهرة دخيلة علينا، فالإسلام هو دين السلام والتعايش السلمى وقبول الآخر، وعلينا ألا نضيع الوقت فى الدفاع عن ديننا، فالإسلام ليس متهما والإرهاب لا دين له ولا وطن، ومن العيب أن نظل فى موقف الدفاع، بل علينا أن نصحح المفاهيم، ونصل للشباب عبر جميع الوسائل المتاحة، لأن الأفكار التى فى العقول تحتاج إلى تصويب، وإذا كانت الجماعات المتطرفة تقدم هذه المفاهيم المغلوطة للشباب وتقنعهم بهذا الفكر، فإن واجب العلماء والدعاة التصدى للفكر المنحرف، وتصويب هذه الأفكار، وأن نعمل على توعية الشباب أولا، ونجفف منابع التطرف والتشدد.

الأمر نفسه أكده فريد عمادي، وكيل وزارة الأوقاف الكويتية، موضحا أن البحث فى أسباب الإرهاب من الأمور التى تسهل وضع خطط المواجهة، ويجب على العلماء والدعاة تفهم أسباب الإرهاب، بهدف الوصول لتصحيح المفاهيم وحماية الشباب، لأن الإرهاب ينتج عن جهل بالحقائق، ونتيجة مفاهيم مغلوطة، وأشاد بجهود مصر فى مواجهة التطرف والإرهاب، من خلال هذا المؤتمر الذى يناقش بموضوعية وطريقة علمية حتمية المواجهة وآلياتها، من خلال نخبة من العلماء والمفتين.

مفهوم الإرهاب

وقد اجتهد الدكتور سردار محمد يوسف ـ وزير الشئون الدينية بدولة باكستان - وقدم بحثا تحت عنوان «مفهوم صناعة الإرهاب» يطرح تعريفا للإرهاب بأنه هو العدوان الذى يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذًا لمشروع إجرامى فردى أو جماعى ضد الإنسانية، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر. فى السياق نفسه، قالت الدكتورة عزة محمد أبو الهدي، أستاذة علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، إن قضية الإرهاب أصبحت محور اهتمام العالم أجمع، بعدما استفحل شره وتفاقم أثره، حتى وصل إلى أماكن العبادة، والمجتمعات العربية والإسلامية التى عانت أكثر من غيرها ويلات هذه الظاهرة، وأوضحت أن أسباب صناعة الإرهاب ينبغى النظر لها من المنظور السوسيولوجي، باعتبارها ظاهرة اجتماعية تتطلب تحليل بواعثها وعواملها، فى ظل التحولات الثقافية والتقنية التى يشهدها عالمنا.

حتمية المواجهة

وأكد المشاركون ضرورة المواجهة الفكرية للإرهاب بجانب المواجهة العسكرية، وأشار الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى العام ورئيس جامعة بنى سويف الأسبق إلي، أن الإرهاب جريمة تغتال الإنسانية، ولابد من التضافر والتعاون سواء أكان قضائيا أو شرطيا لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه، بجانب وجود نظام للعدالة يشتمل على آلية متكاملة، حتى نجد حلولا متعددة لمقاومة ودحر هذه الظاهرة. وفى السياق نفسه، أكد الدكتور فريد يعقوب، وكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالبحرين، أن الإرهاب أصبح تجارة ويتم تمويله من جهات ومؤسسات ودول تعمل على تصديره إلى دول ومجتمعات فتهدد أمنها وتزعزع استقرارها، داعيا إلى ضرورة التكاتف لحماية أوطاننا من هذه الآفة الخطيرة، مطالبا علماء الأمة بالقيام بدورهم فى تفكيك هذا الفكر ونشر قيم التسامح الإسلامي.

الإرهاب الإلكتروني

وحذر المشاركون من مخاطر الإرهاب على الفرد والمجتمع، كما حذروا من ربط الإرهاب بالأديان، لأن الجماعات الإرهابية تشوه وجه الإسلام السمح، وكل أفعالها تخالف تعاليم الشريعة الإسلامية، وأبدت الدكتورة آمنة نصير، الأستاذة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، استغرابها خروج هذه الظاهرة وانتشارها بصورة كبيرة، رغم أن الإسلام وتعاليمه تتنافى مع العنف بكل أشكاله، فديننا دين السماحة واليسر والإيمان بالتنوع وقبول الآخر.

من جانبه، أشار الدكتور محمد البشاري، مدير عام الفيدرالية العامة لمسلمى فرنسا، إلى أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب، وأن خطر الإرهابيين على المجتمعات الإسلامية ينبغى أن يوضع فى أولوية الدراسات الفكرية، وطالب الأمم المتحدة بإصدار تشريع يجرم الإرهاب الإلكترونى ومعاقبة من يدعمه.

توصيات المؤتمر

وفى نهاية أعمال المؤتمر، وبعد العديد من الجلسات والمناقشات، انتهى المشاركون من الوزراء والمفتين والعلماء، لمجموعة من التوصيات، كان أبرزها، الإجماع على أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان، وأن كل ما يقوى ويدعم بناء الدولة الوطنية إنما هو من صميم الدين، وأن أى عمل ينال من كيان الدولة أو يعمل على إضعافها يتناقض غاية التناقض مع كل المبادئ والقيم الدينية والوطنية والإنسانية، وانه يجب إعطاء الأولوية القصوى لدعم مشروع الدولة الوطنية وصمودها فى مواجهة الإرهاب، مع تأكيد أن العمل من أجل صمود وقوة الدولة الوطنية.

كما أوصى المؤتمر بضرورة العمل على رفع الوعى العام إلى مستوى الإدراك، بأن ظاهرة الإرهاب ليست مسئولية الأنظمة وحدها وإنما مسئولية كل فرد فى المجتمع، وأن من واجب المجتمع المشاركة الفاعلة فى مواجهته، وخلق روح المسئولية الجماعية بما يشكل حائط صد منيعا فى مجابهة التطرف والمتطرفين، والتركيز على بيان المخاطر الاقتصادية للإرهاب، وأنها تنعكس سلبيا على الحياة المعيشية اليومية للأفراد، فلا اقتصاد ولا استثمار ولا تنمية مع الإرهاب.

كما تضمنت التوصيات ضرورة العمل على خلق بيئة معادية للإرهاب والإرهابيين للقضاء على حواضن الجماعات الإرهابية، وتحويل مواجهة الإرهاب إلى ثقافة شعبية ومجتمعية, بحيث يصبح المجتمع بكل أطيافه وفئاته رافضا للإرهاب ومقاوما له. والعمل على خلق مناخ دولى يؤدى إلى ملاحقة دولية حقيقية وجادة للدول الراعية للإرهاب إيواء أو تمويلا أو دعما فكريا أو إعلاميا، وسن التشريعات الكفيلة بتجفيف منابع وحواضن وتمويل الإرهاب, وتتبع مصادر تمويله محليا ودوليا, واعتبار تمويل الإرهاب أو إيواء عناصره أو التستر عليهم جريمة ضد الإنسانية.

كما أوصى المؤتمر بالتوسع فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى لمجابهة مواقع الجماعات المتطرفة وتفنيد ادعاءاتها وضلالاتها وإبطالها بالحجة والبرهان، وضرورة التنبيه لخطورة الشائعات، ومحاسبة مروجيها وسن القوانين الرادعة لمن يبثها أو يروجها، كونها أحد أسلحة حروب الجيل الرابع فى محاولات إسقاط الدولة أو إفشالها، والعمل الجاد على تحصين النشء والشباب، وتأكيد أهمية الوسطية وعدم الذهاب إلى النقيض الآخر من الإلحاد والانحلال الأخلاقي.

وطالب المشاركون الأمم المتحدة بإصدار قانون دولى يجرم الإرهاب الإلكترونى ومسئولى المواقع التى تبثه أو تروج له، وإدراج ذلك فى عداد الجرائم ضد الإنسانية، مع رفع هذه التوصية إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الوطنية والدولية برلمانية وتنفيذية لتبنيها والعمل على إقرارها دوليا، وتأكيد تحويل هذه التوصيات إلى برامج تدريبية وتثقيفية للأئمة والوعاظ، والتوصية بأن يكون موضوع المؤتمر القادم بعنوان «الدولة ونظام الحكم» لدحض افتراءات وأباطيل الإرهابيين المتعلقة بهذا الأمر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق