رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إعادة إعمار العراق.. رسالة مصرية كويتية

انتهى مؤتمر الكويت الدولى لإعادة إعمار العراق، الأربعاء الماضى، بأن تلقت بغداد تعهدات بقروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات للمساهمة فى إعادة إعمار الدولة الخارجة من حرب مدمرة مع تنظيم «داعش» الإرهابي، استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. وبينما كان الرقم المستهدف يتراوح بين 88 و100 مليار دولار، لم تصل قيمة تلك التعهدات إلى 30 مليار دولار، قال لنا إبراهيم الجعفري، وزير الخارجية العراقي، إنها «أقل مما يتطلبه العراق»، موضحًا أن تلك المبالغ «ستسهم فى إعادة الإعمار لكنها لن تسد الحاجة». ونضيف إلى ما قاله أن العراق لن يتمكن وحده من تجاوز أزماته ومن معالجة ما لحق به من دمار.

ما يدعو إلى القلق هو أن الولايات المتحدة ومعها الدول الأعضاء فى التحالف الدولى لمحاربة «داعش»، أعلنت فى بيان مشترك أن المعركة مع «داعش» لم تنته بعد. كما أنك تكون متفائلًا لو انتظرت أن تتحقق تلك التعهدات، لأن الواقع يقول إن مؤتمرات دولية عديدة لإعادة إعمار العراق، انعقدت منذ أكتوبر 2003، دون أن تنتهى إلى شيء أو فى قولٍ آخر، انتهت إلى لا شيء. وتكفى الإشارة إلى أن الولايات المتحدة (التى تسبب غزوها للعراق، سنة 2003، فى تدمير بنيتها التحتية) تعهدت خلال هذا المؤتمرات، بتقديم 20 مليار دولار للعراق، لكنها لم تلتزم بوعودها أو بتعهداتها، ثم أعلنت سنة 2006 أنها لن تخصص أى أموال إضافية لإعادة إعمار العراق. ولا تعتزم إدارة الرئيس دونالد ترامب المساهمة بأى أموال، وإن كان ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، قد أعلن اعتزام بلاده منح بغداد قروضًا بنحو ثلاثة مليارات دولار.

التعهدات، التى تظل محل شك حتى نراها على الأرض، لم تصل إلى 30% أو ثلث الرقم المرجو أو المستهدف، ومع ذلك وصف أنتونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، مؤتمر إعادة إعمار العراق فى الكويت بأنه «نجاح هائل». وكان جوتيريش قد طالب المجتمع الدولى بتقديم الدعم «بالسياسة والموارد». وقال موجهًا كلامه إلى العراقيين: «العالم مدين لكم جراء نضالكم ضد التهديد العالمى الذى فرضه تنظيم (داعش)» وحان الوقت لإظهار امتناننا الخالص والتعبير عن تضامننا مع الشعب العراقي».

غير استضافتها للمؤتمر، قررت الكويت تخصيص مليارى دولارعلى شكل قروض واستثمارات، بينما تعهدت السعودية بتخصيص مليار دولار لمشاريع استثمارية فى العراق و500 مليون دولار إضافية لدعم الصادرات العراقية. وأعلنت الإمارات تعهدها بمبلغ 500 مليون دولار دعما لعملية إعمار العراق، إضافة إلى استثمارات القطاع الخاص فى مشروع معسكر الرشيد وميناء أم قصر بخمسة مليارات و500 مليون دولار. وزعمت تركيا أنها ستخصص 5 مليارات دولار على شكل قروض واستثمارات، بينما قالت بريطانيا، التى شاركت الولايات غرو (تدمير) العراق سنة 2003، إنها ستمنح العراق تسهيلات ائتمانية فى مجال الصادرات تصل إلى مليار دولار سنويًا، لمدة عشر سنوات. بالإضافة إلى مليار دولار تقريبًا على شكل مساعدات إنسانية تعهد بها الاتحاد الأوروبي، ومنظمات غير حكومية.

بغداد أعلنت انتصارها على تنظيم «داعش» فى ديسمبر الماضى، وبالإضافة إلى الدمار الكبير الذى خلفته الحرب، فإن الدولة الشقيقة عانت ماليًا فى السنوات الماضية بعد تراجع أسعار النفط، وتتطلع اليوم إلى طى صفحة الحرب والانطلاق نحو إعادة الانطلاق اقتصاديًا، فاتحة أبوابها أمام الشركات الأجنبية والمستثمرين. لكنها تواجه عددًا من التحديات أبرزها استشراء الفساد. إذ إن آخر قائمة أصدرتها منظمة الشفافية الدولية للدول الأكثر فسادًا احتل فيها العراق المرتبة 166 من بين 176 دولة. ولم تنف بغداد وهى تقدم عرضًا موجزًا، الثلاثاء الماضى، عن فرص وظروف ومكاسب الاستثمار، أن المستثمرين «يواجهون مخاطر كبيرة»، لكنها استدركت بأن هناك أيضًا فى المقابل أرباحًا كبيرة. كما أقر حيدر البغدادي، رئيس الوزراء العراقي، فى كلمته، بوجود فساد فى الدولة، لكنه تعهد بمحاربته كما حارب «الإرهاب». كما أعلن أنه فى الأسابيع القليلة الماضية أطلقت الحكومة «حزمة إجراءات لتحسين بيئة الاستثمار فى العراق». وكان العبادى قد أعلن أمام المستثمرين، أن الحكومة تقود برنامجًا إصلاحيا لمكافحة الفساد، ويستهدف أيضًا تبسيط الإجراءات وإزاحة العقبات أمام المستثمرين ورجال الأعمال العراقيين والأجانب ورفع العراقيل أمام المشروعات.

..وتبقى الإشارة إلى أن مصر شاركت الكويت فى توجيه رسالتها الإنسانية، بأن لدينا التزامًا تجاه دولة شقيقة نجحت فى اجتثاث الإرهاب من أراضيها، وقام الوفد المصرى المشارك فى المؤتمر، بتأكيد دور مصر المحورى فى دعم ومساندة كل الدول العربية. وفى ظل وجود الإمكانات الفنية والتجارب التى خاضتها فى السنوات الماضية، أثبتت مصر أنها تستطيع «تصدير الأمل» إلى العالم كله، وليس إلى العراق فقط. ومصطلح «تصدير الأمل» أنقله عن رئيس الوفد المصرى المهندس إبراهيم محلب، الذى يستحق أن يضاف هذا المصطلح إلى الصفة التى يحملها: مساعد رئيس الجمهورية لشئون المشروعات القومية، وتصدير الأمل.


لمزيد من مقالات ماجد حبته

رابط دائم: