رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

لا تنسوا مواقف الرجال

كان افتتاح حقل ظهر فى أعماق البحر المتوسط لحظة تاريخية لا تنسى ليس لأنه يضيف للاقتصاد المصرى قدرات وإمكانيات جديدة ولكن لأنه يؤكد قدرة مصر على حماية أرضها وحدودها ومصالحها, كان المشهد رائعا وكل هذه الإمكانيات الضخمة تم تشييدها فى أقل من عامين .. لم يكن اكتشاف الغاز بهذه الكميات اعجازا اقتصاديا فقط ولكنه يضع مصر فى مكان كانت تستحقه من زمن بعيد أن تكون شريكا مؤثرا وفعالا فى مسيرة الاقتصاد العالمى .. كانت إسرائيل قد سبقتنا من سنوات فى استغلال مياهها الإقليمية واكتشفت حقلا كبيرا من الغاز وكذلك فعلت قبرص وكنا نتساءل وأين مصر وحقولها الغائبة فى هذه الاكتشافات إن هذا الانجاز يعتبر واحدا من أهم المشروعات الاقتصادية الضخمة فى تاريخ صناعة البترول فى مصر..

كنت أتمنى لو أن المصريين الشعب والنظام والمعارضة شهدوا هذا الحدث الكبير بروح من التجرد والحرص على مصالح هذا الوطن ولكن الغريب أن ذلك لم يحدث أمام اجتماعات حملت اسم المعارضة رغم أنها لم تكن صاحبة دور فى السنوات الأربع الماضية التى تولى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية..

> لقد غابت هذه المعارضة فى مناسبات كثيرة كان ينبغى أن تتصدى فيها للعمل الوطنى, لقد غابت تماما فى انتخابات مجلس الشعب منذ أكثر من عامين باستثناء حزب الوفد وحزب النور أما بقية التيارات السياسية فقد دخلت فى معارك سواء من رفعوا لواء الرأسمالية أو من كانوا بلا لون أو من تجمعوا فى النهاية وصنعوا حزبا داخل البرلمان تجمعهم بعض المصالح والأغراض .. وللإنصاف فإن الدولة لم تمنع أحدا من القوى السياسية من دخول مجلس النواب او ممارسة العمل السياسى ولكن التقصير كان من جانب القوى الليبرالية التى ترفع لواء المدنية..

> غابت المعارضة أيضا فى كل ما جرى من أحداث فى مصر ابتداء بالمعركة ضد الإرهاب أو فى التصدى للقوى الخارجية التى تفرغت للهجوم على مصر, فلم نشهد يوما وفدا مصريا شعبيا يسافر إلى دول مثل أمريكا وإنجلترا وألمانيا لتوضيح صورة مصر أمام الهجوم الضارى الذى تتعرض له فى قضايا حقوق الإنسان والحريات بجانب دعم هذه الدول الدائم لجماعة الإخوان المسلمون سياسيا وإعلاميا وماليا..

> غابت المعارضة أيضا فى المواقف الصعبة التى تعرضت لها مصر والمعارك الضارية مع قوى إقليمية مازالت تدفع الملايين لتمويل الإرهابيين فى سيناء والمنطقة الغربية وتدفع بهم من كل جانب ولم نشهد للمعارضة المصرية موقفا واحدا ضد ما قامت به قطر وتركيا وإيران فى دعم قوى الإرهاب فى بلادنا..

> لم تهتم المعارضة المصرية بما يجرى فى مصر من إعادة بناء الدولة والمشروعات الضخمة التى تم إنجازها وكان من واجب المعارضة أن تقيم وتناقش بل وترفض وتدخل مع الحكومة فى حوار متصل حول هذه المشروعات بالسلب والإيجاب وتثبت للشعب أنها تدرك مسئوليتها وتتابع كل ما يجرى فى البلاد..

من هنا كانت انتفاضة المعارضة فى الأيام الأخيرة تعكس حالة من الشكوك لأن ذلك ارتبط بالانتخابات الرئاسية وبدء الترشح لاختيار رئيس الجمهورية فى الفترة الرئاسية القادمة .. وهنا نتساءل..

> ماذا فعلت رموز المعارضة فى الشارع المصرى منذ ثورة يونيه وحتى الآن وماذا فعل أكثر من ١٠٠ حزب تشكلت بعد ثورة ٢٥ يناير وأين الكوادر التى أعدت نفسها سياسيا وفكريا وثقافيا وشعبيا لكى تخوض معركة الانتخابات .. هل كانت تنتظر مساعدة من الدولة ومن قال إن الحريات وحقوق الإنسان تمنحها الانظمة السياسية طواعية وبلا حدود.. من قال ان العمل السياسى يشبه العمل الاجتماعى التطوعى يقوم على المنح والمعونات, إن العمل السياسى فى جوهره يقوم على المنافسة والاقناع والمسئولية ولا يمكن أن يطلب فريق معارض من نظام سياسى أن يسلم له الحكم وينسحب راضيا, خاصة إذا كان قد وصل إلى السلطة من خلال دعم شعبى كبير وإنجازات حقيقية..

إن الرومانسية التى تتعامل بها قوى المعارضة فى مصر هى التى ضيعت عليها فرصا كبيرة ابتداء بهزيمتها أمام الإخوان فى ثورة ٢٥ يناير وانتهاء بعودة الفلول إلى مواقعها بعد ثورة يونيه..

> ليس من العدل والإنصاف أن نقول للرئيس عبد الفتاح السيسى يكفيك أربع سنوات حكمت فيها وأنجزت ما أنجزت لكى يأتى رئيس آخر لا نعرف كيف جاء ونحرم الرجل من ثمار غرسه ومشروعاته التى لم تشهدها مصر من قبل .. إن من حق السيسى أن يكمل مشروعه خاصة أن ما رأيناه فى أربع سنوات من الجهد والعمل يعطى الرجل الحق كاملا أن يطرح نفسه أمام الشعب مرة أخرى ليحصل على ثقته أما أن تتصور رموز المعارضة أن يعلن السيسى انسحابه من الانتخابات ليترك الفرصة لرئيس آخر .. فأين هذا الرئيس ومن فى المعارضة -رغم تقديرى لهم جميعا ومنهم أصدقاء- يصلح الآن لقيادة السفينة وسط هذه الأمواج المتلاطمة.؟

> إن على المعارضة أن تلوم نفسها إذا كان اللوم هو الطريق الوحيد لأنها فرطت فى دورها ومسئوليتها وابتعدت كثيرا عن هموم الشعب وأحلامه بل إنها فى فترة ما تخلت عن هذا الشعب أمام حالة من الصخب والضجيج آثارتها جماعة الإخوان المسلمون واستطاعت أن تسطو على إرادة المصريين وتمسك بكل مفاصل الدولة رئاسة وبرلمانا ووزارة وحكما ولم يكن ذلك إلا لأن المعارضة تخلت عن دورها وموقفها بجانب الشعب..

> من الخطأ الجسيم أن تراهن المعارضة أمام ضعف تواجدها وتأثيرها فى الشارع المصرى على انقسام الجيش المصرى خاصة بعد قصة الفريق عنان وترشحه للرئاسة وما جاء بعد ذلك من توابع, لأن هذه المنطقة من أخطر المناطق التى لا ينبغى أبدا العبث فيها لأن جيش مصر جيش واحد وهو من أبناء هذا الشعب وقام كل تاريخه على الانتماء الحقيقى لهذه الأرض ولن يكون يوما ضد إرادة هذا الشعب .. إن هذا الجيش كان مصدر الحماية للمصريين حين اختلت منظومة الأمن فى ثورة 25 يناير و هذا الجيش كان فى الطليعة يوم أن خرج الشعب المصرى واسقط مؤامرة الإخوان فى حكم مصر ولن يكون غير ذلك .. إن مصر لا ينقصها الآن المزيد من الانقسامات ويكفى ما نعانيه الآن ليس على مستوى الشعب ولكن على مستوى الأسرة الواحدة .. إن الجيش المصرى هو الآن أهم وأخطر مؤسسات الدولة المصرية فى لحظة نشهد فيها سقوط دول كثيرة حولنا سقطت جيوشها ودخلت فى مآسى من الانقسامات والهزائم .. فلتترك المعارضة الجيش المصرى بعيدا عن صراعات السياسة وحساباتها المغرضة ويكفيه ما يتحمل من المسئوليات فى إعادة بناء وطنه وحماية شعبه وأرضه ومصيره ..

> إن من حق المعارضة أن تحاسب الدولة عن عشرات المشروعات التى اقيمت وبلايين الجنيهات التى أنفقت ولكن ذلك ينبغى أن يكون من خلال منظومة علمية ونقدية أمينة وموضوعية لأنه لا يعقل أن يكون النقد جزافا وأن تستخدم فيه لغة أبعد ما تكون عن الموضوعية والأمانة أنا نتحدث دائما عن اختلال لغة الحوار فى حياة المصريين وكنا نقول إن الثورات أخرجت أسوأ ما فينا وهى هذه اللغة الفجة الرخيصة التى انتشرت على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعى ولكن حوارات المعارضة كان ينقصها الكثير من النبل والترفع خاصة من أشخاص نقدر تاريخهم..

> بقيت عندى ملاحظة أخيرة, إن المسئولية الوطنية تحتم علينا مسئولين ومعارضين وشعبا أن نكون على وعى بما يجرى حولنا الآن .. نحن نعيش فى منطقة كلها عواصف ومؤامرات وخطط وشعوب لا تصنع مصيرها ولا تحدد مستقبلها .. هناك خطط لتقسيم هذا العالم العربى المنحوس وهو الآن يترنح بين قوى خارجية تعبث فى أرضه وفوق ترابه وكل هذه الشواهد ليست بعيدة عنا ما بين هزائم وانكسارات الجيوش وهجرة الشعوب وخراب المدن وضياع الحاضر والمستقبل والعالم العربى الآن يستعد لكى تأخذ كل دولة وشعبها دورا فى المقصلة أمام قوى أجنبية تحارب بجيوشها على التراب العربى وتستعد لكى توزع الغنائم ويخطئ من يتصور أن مصر بعيدة عن هذا المصير إلا إذا اتحدت إرادة شعبها وحماية جيشها واستطاعت أن تنجو من هذه المؤامرات بالعمل والبناء والتضحية..

> لا ينبغى أن تنسى المعارضة المصرية أن عبد الفتاح السيسى المرشح الرئاسى الآن هو نفسه عبد الفتاح السيسى الذى أنقذ مصر من أكبر محنة عاشتها فى عصرها الحديث وهى الحرب الأهلية لأن كل الشواهد كانت تؤكد أن الإخوان لن يتركوا السلطة إلا بالدم وأن الرجل حين وضع روحه على يديه فى ثورة يونيو كان يغامر بحياته فلا تنسوا للرجال أعمالهم ومواقفهم فى ساعات المحن والازمات.

أعرف اننا شعب يعانى كثيرا من ظواهر الجحود والنسيان ولكن فى لحظات الشدائد تظهر معادن البشر..

> عندى يقين أن المعارضة المصرية وهى وطنية حتى النخاع ولا يجرؤ إنسان أن يشكك فى انتمائها وحبها لهذا الوطن سوف تسمع صوت العقل والحكمة لكى نعبر سويا من هذا النفق الذى يسمى الانتخابات الرئاسية, لكى نحافظ على ما حققناه وانجزناه وحتى لا نفتح الأبواب لرياح مسمومة تنتظر أن يكون الدور على مصر, حماها الله وسدد خطاها.

 

 

 

..ويبقى الشعر

 

‎أتيتُكِ نهراً حزينَ الضِفافِ

فلا ماءَ عِندى ؛ ولا سنبلهْ

‎فَلاَ تَسألى الرّوضَ كيف انتهْيتَ

ولا تَسألِى النهَر من أَهْمَلَه

‎أنا زهرةٌ مِنْ ربيعٍ قَديمٍ

أحَبَّ الجَمَالَ ؛ وكَم ظللَهْ

‎حَقَائِبُ عُمرِى بَقايَا سَرابٍ

وأطلالُ حلمى بها مُهْمَلَةْ

وجُوهٌ على العَيْنِ مرَّتْ سَرِيعاً

فمَنْ خَانَ قلْبِى ؛ وَمَنْ دَللهْ

‎ولا تَسْألِى الشِعْرَ مَن كانَ قَبْلِي

ومَنْ فِى رحابِ الْهوى رَتّلَهْ

‎أنا عَابِدٌ فى رِحَابِ الجَمَالِ

رَأَى فِى عُيُونكِ مَا أَذْهَلَهْ

‎يَقُولُون فى القتلِ ذنبٌ كبيرٌ

وقتلُ المحبينَ مَنْ حَلّلَهْ

‎أُنَاديكِ كالضوءِ خَلفَ الغيومِ

وأسْألُ قلبَكِ منْ بَدَّلَهْ

‎وأصبَحْتُ كالنهْرِ طَيفاً عجُوزاً

زمانٌ من القَهرِ قدْ أَثْقَلَهْ

‎فَهَذا الحَريقُ الذِى فِى يَديْكِ

يُثيُر شُجُونِى ..فمَنْ أَشْعَلَهْ

‎وهذا الشمُوخُ الذى كانَ يوْماً

يُضيءُ سماءَكِ مَن أَسْدَلَهْ

‎أَعِيدى الربيعَ لهذِى الضفافِ

وقُومِى من الْيأسِ ؛ ما أَطْوَلَهْ

‎فخيْرُ الخلائِقِ شَعْبٌ عَنِيدٌ

إذا ما ابْتَدَا حُلْمَهُ ؛ أَكْمَلَهْ

‎حَزينٌ غِنائِى فهلْ تسْمعينَ

بُكاءَ الطيورِ عَلَى المِقْصَلَةْ

‎أنَا صَرخَةٌ من زمَانٍ عَريقٍ

غَدَتْ فى عُيُون الوَرَى مَهْزَلَةْ

‎أنَا طَائرٌ مِنْ بَقَايَا النُسورِ

سلامُ الحَمائمِ ؛ قد كَبَّلَهْ

‎أنَا جذوةٌ مِنْ بَقايَا حَريقٍ

وَبُسْتانُ وردٍ بِه قُنْبُلَةْ

‎فَلاَ تسْألِيِ الفجْرَ عنْ قاتِليهِ

وعنْ سَارقيهِ ..ومن أَجَّلَهْ

‎ولا تسْألِى النَّهرَ عَنْ عَاشِقيهِ

وعنْ بَائِعيهِ ؛ ومَا أَمَّلَهْ

‎تَعَالَيْ أُحبُّكِ ما عَادَ عِنِدي

سِوى الحب والموتِ والأسِئلَةْ

‎زَمَانٌ دَميمٌ أذلَّ الخُيُولَ

فَمَا كَانَ مِنَّى ؛ وَما كُنتُ لَه

‎خُيُولٌ تَعرَّتْ فصَارتْ نِعَاجًا

فَمَنْ َروّجَ القُبْحَ ؛ مَنْ جَمَّلَهْ

‎وَمَنْ عَلَّم الخَيْلَ أنَّ النبَاحَ

وَرَاءَ المُرابِينَ ؛ مَا أجمَلَهْ

‎هُنَا كَانَ بالأمْسِ صَوتُ الخُيُولِ

عَلَى كُلَّ بَاغٍ لَهُ جَلْجَلَهْ

‎فَكَمْ أسْقَطَ الحَقُّ عَرشَ الطُّغَاةِ

وَكَمْ واجَهَ الزَّيفَ كَمْ زَلْزَلَهْ

‎فَكيفَ انتَهَى المَجْدُ للْباكِيَاتِ

وَمَنْ أخْرسَ الحَقَّ ؛ من ضَلَّلَهْ

‎ومَنْ قَالَ إنَّ البُكَا كالصَّهيلِ

وَعَدوَ الفَوارِسِ كَالهَرْوَلَهْ

‎سَلَامٌ عَلَى كُلَّ نَسْرِ جَسُورٍ

يَرَى فِى سَمَاءِ العُلا مَنْزِلَهْ

 

 

[email protected]

[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها فاروق جويدة

رابط دائم: