«أيها الكتاب الشبان.. يمكنكم أن تنتقدوا حكوماتكم ومجتمعكم.. لايجب عليكم أن تتأقلموا.. من الدارج الآن الهجوم على ترامب وعلى الجمهوريين وتفادى حكومات أوباما وكلينتون.. ولكن تذكروا ذلك. إنه خلال الثلاث عشرة حربا التى خضناها فى الثلاثين عاما الماضية والأربعة عشر تريليون التى أنفقناها ومئات الآلاف من الأرواح التى أزهقت على الكرة الأرضية, تذكروا جيدا أن المسئول عن كل ذلك ليس قائدا أو شخصا واحدا ولكن هو نظام مكون من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء, وسموه ماشئتم .. الصناعة العسكرية.. البيزنس.. الأمن.. الإعلام.. المؤسسات فى النهاية فهو نظام تمت استدامته تحت ستار أن هذه حروب عادلة يتم تبريرها باسم علمنا الذى يرفرف خفاقا فوق رءوسنا باعتزاز. أصبح بلدنا محل ازدهار بالنسبة للكثيرين ولكن باسم تلك الثروة لايمكن القول أن نظامنا هو مركز القيم فى العالم.. فى الوقت الذى ننشر فيه الحروب والفوضي.. فى النهاية أصبح هذا النظام يقود إلى دمار الكوكب وانقراضنا.. لقد قاومت هؤلاء الناس الذين يشعلون الحرب طيلة حياتي.. استمعوا جيدا إلى صمت قلوبكم, لاتحاولوا تقديم مايريده الناس من أجل الوصول إلى النجاح ولكن حاولوا أن تجدوا المعنى الحقيقى لوجودكم على هذه الأرض وألا تتخلى أبدا عما فى قلبك وعن الكفاح من أجل السلام والأخلاق وقول الحق».
كلمة رائعة ألقاها أوليفر ستون المخرج والسيناريست الأمريكي، الحائز على جائزة الأوسكار ثلاث مرات،
والذى عرف عنه انتقاده للمجتمع الأمريكى وسياسة الحكومة الأمريكية. أخرج فى عام 2006 فيلما عن أحداث 11 سبتمبر..كما أخرج العديد من الأفلام مثل الهمج وول ستريت ونيكسون وملفات سنودن وسلفادور .. كلمته كانت موجهة إلى المبدعين الجدد فى هوليوود فى حفل توزيع جوائز الكتاب, الكلمة أشبه بتغريدة البجعة قبل رحيلها وهو قال هذا المعنى تقريبا. إنها شهادة للتاريخ. شهادة لإبراء الذمة. حياك الله يا أوليفر. ولافض فوك.. ومات حاسدوك ..
وليت السيد مايك بينس نائب الرئيس الأمريكى يقرأ هذا الكلام .. ويفهم مدى المسئولية الفادحة التى تترتب على القرارات التدميرية الأمريكية تجاه دول العالم وخاصة الشرق الأوسط.. يعنى تصريح مثل نقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس بنهاية عام 2019 .. هو بمثابة الضغظ على أزرار المفاعلات النووية.. سوف يؤدى إلى حروب ودماء وإبادة. أعجبنى كلام أوليفر ستون لأن ضميره الحى كمثقف ومخرج وإنسان قبل كل شئ يرفض كل هذه الجرائم. هذا هو المثقف العضوى الذى حدثنا عنه جرامشي..
المثقف لايعيش فى غيبوبة إبداعية طوال الوقت. ولكنه ابن الواقع أيضا وعليه مسئولية اجتماعية وانسانية جبارة. والسؤال هنا ماذا يفعل المثقف العربى ؟ وماهو المطلوب فى هذه اللحظة الوجودية الفارقة فى زمن الدمار الشامل والربيع العربي. علينا أن نتحمل مسئوليتنا ونشتبك مع مثقفى العالم المحترمين مثل مايكل مور وأوليفر ستون وتوماس فريدمان وفريد زكريا وميشيل أونفرى وغيرهم ممن يدافعون عنا وعن الإنسان فى فلسطين والعراق وسوريا وليبيا واليمن .. نريد أن نتواصل مع مبدعى العالم فى كل مكان وندعوهم إلى بلادنا نتحاور معهم وندعم توجهاتهم المحترمة ونواجه بآرائهم الغرب كله بمنطق وشهد شاهد من أهلها.. إننى أدعو كل المؤسسات المصرية إلى تبنى هذه المبادرة..هيئة الاستعلامات ومكتبة الاسكندرية والجامعات وجريدة الأهرام والمجلس المصرى للشئون الخارجية ووزارة الثقافة واتحاد الكتاب والمجلس الأعلى للصحافة والإعلام. هذا بلاغ للنخب والناس المثقفين أجمعين.
لمزيد من مقالات جمال الشاعر رابط دائم: