تكمن معضلة الثقافة المصرية فى ميراثها التاريخى الضخم، خلال القرنين الأخيرين تمكن الكتاب والمسرح والسينما وأدبيات القانون والدستور والدبلوماسية والفن التشكيلى والصحافة من استعادة جزء من البريق المصرى القديم فى العمارة والعلوم والفيزياء والكيمياء والطباعة على ورق البردى وإنتاج الكتب «كتاب الموتى نموذجا» والفلسفة والمنطق والفلك. المصريون يتلبسهم تاريخهم أينما ذهبوا.. يتذكرونه دائما ويستعيدونه سواء فى الحكم والأمثال الشعبية أو فى سلوكياتهم وأنماط حياتهم، من هنا تكمن صعوبة منصب وزير الثقافة إذ عليه أن يتعامل ليس فقط مع الإنتاج المعرفى من مسرح وكتاب وموسيقى وفن تشكيلى وإنما عليه أن يتعامل أيضا مع أفكار يعتنقها المصريون عبر آلاف ومئات السنين بعضها سليم والبعض الآخر يحتاج إلى مراجعة وفحص، ومن تلك ما اختلط بتفسير الأديان من قبل بعض المغالاة والمتطرفين. التحديات هائلة أمام وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم لكنه بحكم أنها جاءت من قلب الجماعة الثقافية المصرية فقد رحب بها الجميع، وتسلحت هى بتفاؤل خاص بقدرتها على الإنجاز كما فعلت فى دار الأوبرا. أمام الوزيرة استكمال مشروع الانفتاح على العالم الحديث ولعل إطلاق مشروع ضخم للكتاب الرقمى على الإنترنت بالتعاون مع دور النشر المختلفة يكون باكورة أعمالها يتيح الثقافة للجميع بأسعار زهيدة وبصفة خاصة الأجيال الجديدة، وإطلاق مشروع آخر لترجمة أهم الف كتاب الآن وإتاحته للجميع على الإنترنت بحيث ننتقل نقلة أخرى مع العصر ودعوة السينمائيين لإنقاذ أحد أهم إبداعات المصريين فى القرن العشرين بإطلاق أرشيف سينمائى حديث، وإعادة النظر فى وظيفة قصور الثقافة التقليدية وتحويل وسط البلد إلى ملتقى للفنانين التشكيليين وإطلاق مهرجان للموسيقى فى كل مدينة مصرية.. هذا ما نأمله.
لمزيد من مقالات جمال زايدة رابط دائم: