رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حكاية وطن آخر على معدية نمرة ستة

مرت عشرون سفينة من قناة السويس من الشمال إلى الجنوب أمام نظرى خلال ساعتين، انتظرتهما لعبور المعدية نمرة ستة من الغرب إلى الشرق بالإسماعيلية، أمضيت وقت انتظار صباح الخميس الماضى فى الحساب.. لو كل سفينة عليها أربعة آلاف طن يكون قد مر خلال فترة الانتظار نحو 90 ألف طن، وبحسبة الفريق مهاب مميش فإن جيب مصر دخله ما يعادل أربعة ونصف مليون دولار ، ومثلها من القناة الجديدة فى فترة الانتظار، وفتحت راديو السيارة للخروج من دائرة الغبطة والبهجة التى لا أعرف كيف أحتمل الانتظار بالساعتين على القناة ولا احتمل دقيقة واحدة فى اشارة مرور، هل لأنها صارت رمزا للإرادة واستقلال القرار والكرامة الوطنية منذ تأميمها عام 1956 وحتى حفر القناة الجديدة؟ ربما، حمل الراديو إلى أنباء اليوم الثانى للمؤتمر العالمى الذى عقده الأزهر الشريف لنصرة القدس، توقفت أمام كلمات شيخه الجليل أن السكوت عن حقنا جريمة كبرى، واستغاث أبو مازن زيارة المسجون فى القدس ليس معناها التطبيع مع السجان، وحلل مفيد شهاب أننا أمام وضع مخالف للقانون الدولى وتعجب من الموقف الأمريكى الذى يناقض ما سبق أن وافق عليه فى أكثر من 30 قرارا بشأن القدس، وأقر الحاخام اليهودى مير هيرش أن لا حقوق للصهاينة فى تمثيل الشعب اليهودى أو التحدث باسمه، وأكد الشيخ مهدى عبد الهادى أن الأيادى المرتعشة لا تبنى وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وتنتقل بى الإذاعة إلى قصر الاتحادية فأسمع الرئيس السيسى يوجه خطابه إلى رئيس الوزراء الإثيوبى ديسالين «أن شعب مصر ينتظر منكم رسالة طمأنة وقلقون من استمرار حالة الجمود فى المسار الفنى».. وكرر طرح اقتراح مشاركة البنك الدولى كجهة محايدة للبت فى الخلافات الفنية، ويرد الضيف الإثيوبى بأن شعب إثيوبيا لم ولن يفكر فى الإضرار وتعريض الشعب المصرى للخطر وأنه يفكر.. ويفكر ويدرس.. نوايا الطرف الثالث وآلية دخوله فى المفاوضات، وعاد بى الزمن حين رفض نفس البنك مشروع تمويل السد العالى قبل ستين سنة فكان أحد أسباب تأميم مصر هذه القناة!، وتابعت ماقاله محافظ الإسماعيلية عن مشروعات إعادة تكرير ومعالجة مياه الصرف الصحى والصناعى لاستخدامها فى الزراعة بمحافظته، فكيف يكون الحال لو أصرت إثيوبيا على تقليص مدة ملء السد إلى ثلاث سنوات والتأثير على حصة مصر الاستراتيجية من المياه، وهكذا مرت الساعات حتى عبرت إلى الشاطئ الثانى للقناة وهى نفس المسافة التى عبرها الرائد طلبة رضوان وجنوده فى حرب أكتوبر 73 مشيا لتحرير تبة الشجرة فى 40 دقيقة تحت وابل من نيران العدو، وشاهدت الفتحة المضيئة عن بعد لنفق الإسماعيلية الجديد قبالة قرية التقدم، وهو النفق العملاق الذى يعد واحدا من أربعة أنفاق تم الانتهاء من حفر جسمها أسفل القناة، وتعيد سيناء بالكامل إلى حضن الوطن بلا موانع، واستغربت كيف يجرى العمل فى هذه المعجزة التى تفتح آفاق التنمية والخير ومرور العمالة والمياه إلى سيناء دون أن تأخذ حقها فى الإعلام، وكيف يستمر البعض عبر الفيسبوك فى الإصرار على عدم جدوى هذه المشروعات ولا يعايش على الطبيعة حكاية وطن آخر داخل الأنفاق التى ترسم خريطة التنمية والأمن القومى بإرادة مصرية، وفى طريق العودة امضيت ثلاث ساعات، ورغم أننى أشاهد وأعايش التغير العمرانى الذى يحدث فى سيناء إلى الأحسن كل أسبوع ومقتنع تماما بأن رقم الـ 250 مليارا وهو حجم المشروعات التى يجرى تنفيذها ـ رقم متواضع أمام ما تستحقه وأمام العائد منها اليوم وفى المستقبل، لكنى أتساءل: من المسئول عن غياب الفضائيات وقنوات «على هوى الريموت» عن تقديم هذه المشروعات للناس، وقد سمعت الرئيس يعبر عن هذه الحالة حين قال إننا نعتمد على آلاف الشباب والعاملين فى هذه المشروعات ليشرح كل واحد لأهله ولأصدقائه مايجرى فيها، فلماذا لا تيسر هيئة القناة قوافل منتظمة وإجبارية من طلاب المدارس والجامعات واهل سيناء وشبابها والأهم لمذيعى ومعد برامج الفضائيات لزيارة خلايا العمل فى هذه الأنفاق، والانفعال بها والغناء لها كما غنينا للسد العالى، والاستمتاع بمشاهدة الخبراء والفنيين المصريين الذين لا يعرفون الفرق بين الليل والنهار حتى تفتتح رسميا فى يونيو المقبل، وكيف تستطيع قنوات «الغيط غيطك» و«مش هاتقدر تغمض عينيك» أن تقنع الناس وهى تغمض عينيها عن هموم المواطن الحقيقى ويعتمد بعضها على اعتقال شريحة معينة من المشاهدين يقبض عليهم مذيع برنامج الذروة فى «حوشه» ويظل يحشو رءوسهم بأفكاره وتحليلاته عن حكاية وطن آخر إلى أن يأتهم ويأته الفرج «بعد نصف المدة» على يد فاصل إعلانى؟


لمزيد من مقالات ◀ أنور عبد اللطيف

رابط دائم: