عرض مفوض الأمن فى الاتحاد الأوروبى ـ أخيرا ـ تقييما غليظا لجهود الكرملين الدعائية التى يتهم فيها موسكو بالتدخل فى استفتاء «البريكست» لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذلك أزمة الاستقلال الكتالونية، فضلا عن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أو بث معلومات غير دقيقة عن الاتحاد الأوروبى فى أوكرانيا أو مولدافيا أو جورجيا، حددت مؤسسة «إيست ستراتكوم» التى أنشأها الاتحاد الأوروبى منذ نحو عامين للتصدى للتضليل الذى يمارسه الكرملين حول 3500 مثال جمعتها فى عامين للتدليل على التدخل الروسى مشيرة إلى أن لحملة التدخل الروسى إستراتيجية منظمة تتناول التضليل بأكبر عدد ممكن من اللغات على أكبر عدد من القنوات وتتضمن نشر أخبار تتضارب مع وقائع متاحة للعامة وهو ما تكرر بكثافة كبيرة. وهذه الضجة الأوروبية الأمريكية على مسألة التدخل الروسى تطرح عديدا من النقاط يجب مناقشتها، فأولا: لماذا لم يحتج الاتحاد الروسى على المحاولات المنظمة والممنهجة التى قادها الغرب للدعاية السوداء والكذب وغير الإعلامية؟ وثانيا: أليس العمل الدعائى والعمل الدعائى المضاد صيغا مشروعة كرستها الممارسات الدعائية الدولية خلال أعوام تلو أعوام؟ وثالثا: ما تتعرض له مصر منذ عملية يناير 2011 وما سبقها أليس قسما من حرب تضليل دعائية على أوسع نطاق وليس أدل عليه من إشارات القائد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة عن خطورة الشائعات والتضليل على الجبهة الداخلية؟ ورابعا: لماذا «يتزرزر» الاتحاد الأوروبى على ما يعتبره تدخلات روسية ولا يلقى بالا إلى الاختراقات الأمريكية والأوروبية؟ ثم لماذا لا يلتفت أحد إلى الحرب النفسية متكاملة الأركان التى تُشن على مصر، ومن منابر عديدة وبوسائل كثيرة؟.. إن قراءتى لهذا الأمر تشير ـ على نحو واضح ـ إلى أن الأزمة بين روسيا والغرب وأمريكا هى أزمة تتكامل مع التضاغط الحاصل بينها فى كل المجالات، وإعارتها على هذا النحو إنما جاء بسبب امتلاك روسيا وسائل دعائية قادرة على النفاذ وإحداث ما تريده موسكو من أثر فى كل مجال.
لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع رابط دائم: