لا ينكر عاقل أو حتى مجنون أن (سادات العالم) الذين يوجهون دفته رغما عن أنوف كل سكان الأرض، وأقصد هنا الغربيين، لا يملون أو يكلون قيد أنملة من تكرار الإعلان عن (رغبتهم المستميتة) نحو تحقيق (الاستقرار) فى العالم وبخاصة فى منطقة الشرق الأوسط. ولا ينكر عاقل أو مجنون أن الإسلام الراديكالى بكل ما أفرزه على مر السنين الفائتة يمثل فى حد ذاته أكبرعقبة معلنة أمام العالم المتحضر ــ بحسب زعمهم ــ نحو تحقيق غاياته المنشودة.
ولا ينكر عاقل أو حتى مجنون أن السيسى يسعى جهد إيمانه إلى إنجاز تجربة تنموية ناجحة فى ربوع هذا البلد بشكل أو بآخر، ونحن حل بهذا البلد نرى ونسمع فى كل يوم عن محاولة جديدة من محاولاته الحثيثة نحو تحقيق بصمة ما على درب الوفاء بوعوده لهذا الشعب، والسؤال (المنطقي) الذى يبزغ على الفور فى هذا المضمار هو: إذا كان هؤلاء المتحكمون فى مصائر الشعوب لايبغونها عوجا بحق، وإذا كان السيسى لايبغاها عوجا أيضا بالدليل الدامغ، فلماذا إذن يضيق صدر هؤلاء بالسيسى ويسعون لتضييق الخناق على الرجل من كل صوب وحدب منذ توليه السلطة وحتى يومنا هذا وهو الذى يسير على درب التنمية والاستقرار, وهم الذين لا يتجرأ واحد منهم فى أكثر أحلامه عداء للسيسى أن يصفه بكونه (داعما للإرهاب) مثلا أو (داعما للفساد) أو (ذا ميول متطرفة) أو أى من تلك الآفات التى يدعون أمامنا أنهم يحاربونها!! هل أدلك على السبب؟ السبب هو أنت أيها المتكئ فى مخدعك تتفرغ للتنظير والانتقاد!!.
السبب هو ذلك الصوت السلبى الدائم الذى لايزال ينبض من تحت أنقاض التجارب الفاشلة التى أخرتنا لسنوات بلا معنى بسببك, يعطى الأمل لدى المتربصين كلما يئسوا فى حلول لحظة ذهبية يختلط فيها الحابل بالنابل مرة أخرى وينفلت الزمام!!.
هل أدلك على السبب؟ السبب هو أن السيسى خرج عن المدار المرسوم والمقدر لانهيارنا منذ سبعينيات القرن الماضي؛ السيسى كفر بآلهتهم وآلهة آبائهم الأولين؛ السيسى دشن مدرسة جديدة اعتمدت بحرفية على أدواتهم هم التى اعتقدوا أنها تحميهم؛ فبدلا من أن يسير فى عكس اتجاه ضرباتهم كما كانوا يعتقدون ليصدها، إذا به يسير فى اتجاهها فإذا بهم هم يسقطون من شدة الاندفاع !! كيف؟. فهم من استندوا إلى حشد الناس لتحقيق مأربهم نراهم بين ليلة وضحاها يهيمون بأعداد غفيرة فى الشوارع والميادين، فاستند هو إلى الحشد نفسه بل وأكثر منه لإنقاذ بلاده من براثنهم، فشخصت أبصارهم وتهلهل منطقهم!! هم من راهنوا على اعتلاء السيسى للسلطة بالقوة العسكرية والتزوير الانتخابي، فاعتلى هو صهوة جواد المنافسة (بزى مدني) وبصناديق (ديمقراطيتهم) التى يتشدقون بها فحصد نتيجة أذهلتهم!! هم من استندوا إلى تسخير آلة إعلامنا ضدنا تنخر فى العقول تدريجيا وتغور فى الصدور، فالتف السيسى فطوق هذه الآلة لصالحنا (مبقيا عليها) فحيدها من بعد أن كاد زمامها ينفلت إلى غير رجعة !! هم من حاولوا أن يدسوا الوقيعة بين المسلمين والأقباط دوما، فذهب السيسى واعتلى (مذبح الكاتدرائية) رأسا وسط جموع المصلين ــ وليس صالون كبار الزوارــ ليستن سنة لا يستطيع رئيس من بعده إلا أن يتبعها؛ ثم أطلق السيسى طائراته لأول مرة فى تاريخ مصر لتثأر من ذابحى الأقباط عند شاطئ البحر عشية ذبحهم؛ وأعاد إعمار الكنائس ورممها.. وهكذا إلى أن أصبحت ورقة الأقباط ورقة محرجة (اقرأ الراء بالفتح أو بالكسر سيان)؛ وأصبحت شعبية السيسى لدى الأقباط لا يمكن المساس بها (مهما فعلوا) بما لم يحققه أى رئيس مصرى من قبل!! هم من أغلقوا صنابير السياحة لمنع الدولار بأكاذيب لفقوها، فحرر السيسى سعر الصرف بجرأة، فلما قفز سعره انتظروا خلف الأبواب متلهفين، فعاد فهبط وسوف يوالى الهبوط ــ الدولار!! هم من لم و لن يتوانوا فى فتح الطريق لتدفق الإرهابيين الذبن يمولونهم إلى مصر ذات اليمين وذات الشمال رهانا على خفض شعبية الجيش (بالذات) وسعيا لإفساح المجال الشعبى للتندر به والسخرية من قدراته؛ فيصد السيسى عند الحدود ،ويصد السيسى من داخل الحدود، فتتراجع المعدلات وتتقلص، وبدلا من أن تتراجع شعبية الجيش إذا بها تتزايد، ولعلك تتفق معى على أن المصريين اليوم أصبح لديهم ثقة جارفة فى بأس جيشهم تستند إلى (وقائع) وليس شعارات بدرجة تفوق كل معدلات الثقة التى تشدقت بها (كل) الأنظمة السابقة ــ قولا واحدا وأتحدى!!. أما أنت أيها المتكئ فى مخدعك تطلق النكات والقفشات الرخيصة عبر حسابك على مواقع التواصل الاجتماعى على جيش بلدك الذى لم يجد السيسى عنه بديلا لتحقيق أحلامك (أنت) التنموية، من بعد أن تهلهل دولاب العمل الحكومى لسنوات وسنوات؛ وامتلأ بالملايين من (مقمعى البامية) خلف المكاتب، أنت أيها المتكئ أسألك،من تتصوره أفضل لكى يضطلع بالمشروعات التنموية الكبرى فى بلد يسابق الزمن من أجل البقاء على قيد الحياة: هل تراها الحكومة التى تشتكى أنت دوما من أدائها، أم رجال الأعمال الذين تشتكى أنت من جورهم على حقوقك وتسلطهم على الرقاب برؤوس أموالهم، أم جيش بلادك (الوطني) الذى يبهرك ويذهلك فى كل مرة بسرعة وحرفية أدائه كمثل أدائه فى ساحات المعارك لحمايتك وحماية (عرضك)؟ فإذا اختلطت الإجابات فى عقلك، فاعلم أنك مجرد أداة إليكترونية (مجانية) رخيصة لتمكين هؤلاء من رصد اتجاهات الرأى العام داخل البلاد عبر مواقع التواصل الاجتماعى التى لا تعى أنت مخاطرها، و تحديد نسب السلبى منها والإيجابي، وتصنيفها، وتحليل محتواها تمهيدا للعمل بموجبها فى غير صالحك؛ واعلم أن اليوم الذى ستدشن فيه صفحة بعنوان (آسفين ياسيسي)، أسوة بتلك التى دشنوها لمبارك ، لن تجدى مع الندم شيئا؛ ذلك لأن لحظة غياب السيسى عن المشهد هى لحظة دلوف (كل) الذئاب المتعطشة الجائعة (من الداخل) قبل الخارج من كل صوب وحدب ينسلون، فلاتكابر واتعظ .
لمزيد من مقالات ◀ أشرف عبدالمنعم رابط دائم: