يصعب فهم موقف بعض المتشدِّدين ضد شيرين عبد الوهاب بسبب زلّة لسانها بنكتة سخيفة ضد نهر النيل! دَعْ عنك نواياهم فهم أدري بها، وحاول أن تنظر في مستهدفاتهم. ماذا يريدون بالضبط؟ لأن هذه الحدّة تتجاوز بكثير المطالبة بتطبيق القانون، الذي لا ينبغي أن يكون هناك أدني خلاف حول وجوب إنفاذه في حالتها وأن تنال الجزاء المكافئ لغلطتها. ولكن هذا شىء مختلف عما تبدو عليه الحملة القائمة التي يتداولون فيها ببساطة غريبة كلاماً خطيراً! وإلا، فما هذا الكلام عن إسقاط جنسيتها، وعن شطبها من جدول العضوية في نقابتها، وعن إلغاء رخصتها بالعمل، وعن معاقبة من يسمح لها بالمشاركة في حفلات، وعن وقف بثّ أغانيها في الإذاعة والتليفزيون..إلخ؟ وما هو الفرق بين هذه المطالبات وبين منهج التكفير الذي يجرد الخصوم من كل حق ما دام أن الفرقة الناجية من النار رأت ذلك!
ثم، وهذه باتت مسألة ملحة، من قال إن توجيه الإهانات المغلظة يمكن قبوله حتي ضد المدان بالقتل المنقاد إلي حبل المشنقة بعد محاكمة عادلة؟ من أي مصدر قانوني أو عرفي أو عقلي يمنح بعض الإعلاميين أنفسهم حق التطاول بإهانة من يرونه أخطأ في حق مصر؟ ومن ولَّي هؤلاء المسئولية الحصرية لتحديد ما يسئ إلي سمعة مصر، وتكليفهم بحمايتها، وأن يكون لهم القول الفصل في وصم أحد بالخيانة، دون أدني محاكمة، بل دون سماع دفاعه، ثم أن يطبقوا الحكم علي الهواء أمام مشاهديهم، ثم أن يفلتوا بعد هذه الأفعال من أي مساءلة؟! فهل هذه هي الدولة الحديثة التي ينص عليها الدستور؟ وهل هذه هي سيادة القانون التي تطالب بها الجماهير؟
مرة أخري، عاقبوا شيرين بما تستحقه، عله يكون درساً جاداً لها لتتعلم أن تمسك لسانها وأن تضبط تصرفاتها. ولكن، وحتي تعمّ الفائدة، ليتها بعد العقاب العادل تجد من يرد لها اعتبارها من المتطاولين، علهم يتعلمون بدورهم أن الحرية التي يناضل من أجلها الإعلاميون هي لخدمة الرأي العام في معرفة الحقيقة وليست لحماية تجاوزات بعضهم، أيا ما كانت نواياهم.
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: