رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مائة عام من الصمود.. فى وجه بلفور

منذ قرن كامل تحولت الأفكار الخيالية والمؤامرات السرية، إلى خطوات عملية تتوالى بلا رحمة لتستعمر أرض فلسطين، فبعد عشرين عاما من المؤتمر الصهيونى الأول (أغسطس1897)، وتحديدا يوم 2 نوفمبر 1917 صدر وعد بلفور، لتجد الحركة الصهيونية ضالتها فى قوة عظمى تتبنى أفكارها حتى ولو كانت غالبية يهود العالم رافضين لها، حتى ولو كانت بلا سند قانونى أو أخلاقي..مرتكبة فى سبيل تحقيق المخطط عشرات المجازر والمذابح، ولكى تغتصب أراضى شعب آخر قامت بأبشع عملية تهجير جماعى فى التاريخ. وفى المقابل صمد المناضل الفلسطينى داخل ما تبقى له من أرض، ومن حقوق، وسانده اللاجئ بما تيسر له من إمكانيات. بعد مائة عام لا يزال الأمل قائماً، والحلم ممكناً، وفى نفس الوقت التحديات ضخمة.. بما يتطلب وقفة موضوعية تستثمر برقيات، وندوات، وفعاليات للمجلس الوطنى الفلسطيني، وسفارات فلسطين، ووزارة خارجيتها متواكبة مع دعوى قضائية، وجهود لجمع التوقيعات على الصعيدين العربى والدولي، سعيا لتقييم ما جرى وضبط الإيقاع والتحركات المستقبلية وفقا للمستجدات والإمكانيات المتاحة.

ففى نظر الكثيرين تعد انجلترا قلعة الثورة الصناعية، وفى نفس الوقت تورط عدد من ساستها فى «خطأ تاريخي» ضد الشعب الفلسطيني، ونرى أن من واجبها تلافيه، وليس فقط الاعتذار عنه، وهو مثل خطأ منع دخول اليهود لبريطانيا حتى القرن الحادى عشر ثم اضطهادهم فيها بعد ذلك، فى نفس الوقت الذى كان فيه اليهود فى البلدان العربية والإسلامية يعيشون فى ظل تسامح.. لقينا إزاءه جزاء سنمار. ولن تفيد دافع الضرائب البريطانى كثيراً تحركات مرحة لسفير انجلترا فى القاهرة، بقدر ما سيحسّن مكانتها ويعززها كدولة مستنيرة منصفة أن تقر بأن الوعد المشئوم نجمت عنه كارثة لشعب آخر، وأن الانتداب البريطانى على فلسطين كان منحازا، وجاء إلى بلادنا بقيادة الصهيونى البريطانى هربرت صمويل، وبالفعل صارت الأوضاع على أرض فلسطين لمصلحة اليهود والعصابات الصهيونية فقط. وإذا كان بلفور قد منح أرضاً لا يمتلكها، فإنه يمكن القول إن على لندن مسئولية مضاعفة لأن السياسة الخارجية البريطانية بعد 1948 وحتى الآن لم تتحرك بشكل إيجابى ملموس لدعم ما ينفع الفلسطينيين فى قرارات الأمم المتحدة (نفس الجهة التى أعلنت قرار التقسيم)، ولم تتح للجانب الفلسطينى حتى إدارة 22% من أرض فلسطين تحت الانتداب بتنفيذ القرار 242. حقا قدم بريطانيون بعض كلمات التعزية للفلسطينيين بقولهم إنه ينبغى عدم تجاهل حقوقهم، لكن من دون تقديم أى شيء عملى لمساعدتهم لنيل حقوقهم مثل المساعدات التى لا تقدر ولا تحصى التى أغدقوها على إسرائيل وما زالوا. وهو الموقف المنحاز الذى تبنته منذ أيام رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى حين تحدثت عن فخرها بدور بريطانيا فى قيام إسرائيل، وتأكيدها أن هناك خطة للاحتفال الرسمى بوعد بلفور. لن تتحرك مطالبنا أو مناشدتنا لانجلترا وللولايات المتحدة من خانة المناشدة إلى خانة التغيير الملموس ما لم نتحرك على محاور محددة:

أولا - نعمل بجد أكبر على تغيير المعادلة الحالية وكسر جمود المشهد، وإحياء عملية السلام وكل هذا لن يتحقق سوى بجبهات عربية قوية تتصدى للإرهاب بوعي، وتنطلق نحو النمو الاقتصادى بتخطيط وإرادة.

ثانيا- لابد من استكمال إجراءات المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، والعمل من خلال برنامج عمل موحد طالما أن حماس صارت تتبنى تقريبا نفس المبادئ والأسس التى تتحرك تحت مظلتها حركة فتح.

ثالثا- مخاطبة الغرب، بل والجبهة الداخلية فى إسرائيل بلغة المصالح وإقناعهم بأن الجمود الحالى وترك القيادة فى يد أحزاب أقصى اليمين لن يصب فى مصلحة المواطن الغربى ولا الإسرائيلي، وأن الأمر يمكن أن ينفجر فى أى وقت طالما لم يتحقق السلام العادل والشامل، ولم يتم تلبية حتى الأدنى من مطالب الفلسطينيين، واستمر تجاهل حقوقهم التاريخية والإنسانية والقانونية.

إن الإرادة الفلسطينية لم تنكسر، رغم المذابح والترويع وقتل الأطفال، ورغم الشتات الأجيال الشابة تعرف حقوقها وتعيش الهم الفلسطينى وكأنها تتنفسه، تتشبث بالأمل وترفض الذوبان أو التفريط فى تضحيات عبدّت طريق الحرية.. والمسئولية مسئولية جماعية، والتخطيط السليم - بعد رأب الصدع الداخلي- بحنكة للتحرك على الصعيد الدولى ينهى الجمود ويعيد الحقوق المسلوبة هى سبيل إقناع الآخر بقوتنا وإصرارنا.

سبق على أرض الواقع للممالك الصليبية أن استمرت فى فلسطين أضعاف الفترة الزمنية التى عاشتها الدولة الصهيونية ولم ينقذها توحش أو متاجرة بالدين.

لذا نقولها بوضوح بغير السلام العادل سيظل أغلب اليهود يعيشون خارج إسرائيل، وسيظل عدد من اليهود المتدينين فيها يعتبرون أنفسهم «يهود فلسطين»، وسيطالب عدد غير قليل من الإسرائيليين بإعلان فشل الصهيونية، لأنها خلقت دولة غير طبيعية مستقبلها دوما محل شك.

لمزيد من مقالات د.أحمد فؤاد أنور

رابط دائم: