رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رسائل الشباب للعالم

تستضيف مصر، فى مبادرة هى الأولى من نوعها، مؤتمر الشباب العالمى الذى يشارك فيه وفود شبابية من دول عربية وإفريقية وأجنبية عدة، ويحمل الحدث فى طياته العديد من الدلالات والرسائل. أولاها، تقدير مصر لدور الشباب، ليس فقط وطنياً ولكن عالمياً، فالشباب هم طاقة التغيير والابتكار والتنمية فى أى مجتمع، والقوة القادرة على مواجهة التحديات التى يمر بها العالم فى هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الانسانية. وخلافاً للاتجاه العالمى السائد منذ منتصف الثمانينيات والذى ينظر للشباب كقضية تحتاج إلى تعامل ومعالجة، فإن النظرة المصرية للشباب جاءت أكثر تقدماً وواقعية حيث ترى أنهم فاعل مهم، وشريك لا غنى عنه فى صياغة وتنفيذ السياسات التنموية المختلفة، وتلك المتعلقة بالقضاء على الارهاب، واستعادة الأمن والاستقرار للعالم كافة.

ثانيتها، إن استضافة هذا العدد من الشباب من مختلف أنحاء العالم يعكس قدرات تنظيمية عالية لا تتمتع بها سوى دولة بحجم وإمكانات مصر، وما لها من خبرة ممتدة فى تنظيم المؤتمرات الدولية واستضافة الأحداث العالمية والإقليمية المهمة. كما تؤكد تمتع مصر بالاستقرار والأمن، وأن الأحداث الارهابية التى تحاول بعض الدول وأدواتها الاعلامية الترويج لها للنيل من مصر وصورتها بالخارج، ما هى إلا أحداث فردية لا تؤثر على الحالة العامة فى مصر. وأن الأخيرة كغيرها من دول العالم بما فى ذلك تلك الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها، تواجه تحدى الارهاب بصمود وقادرة على تحقيق الأمان لمواطنيها وضيوفها من العرب والأجانب، فهى دعوة لعودة السياحة التى تمثل العمود الفقرى لحركة الاقتصاد المصرى، ومصدر دخل لملايين من المصريين وأسرهم، الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا مورد رزق نتيجة توقف حركة السياحة لمصر دون مبرر موضوعى.

ثالثتها، إن شباب العالم رغم اختلافاتهم وتباين المجتمعات والثقافات الحاضنة لهم، فإنهم قادرون على التواصل معاً، والتوافق حول الأولويات العالمية ربما على نحو أيسر من الأجيال الأكبر سناً، باعتبارهم الأكثر انفتاحاً فى ضوء ثورة الاتصالات والمعلومات، وبالنظر إلى قدرتهم العالية على استخدام وتوظيف التكنولوجيا الحديثة. ولكونهم الأكثر قلقاً حول المستقبل الذى مازال ممتداً أمامهم، وتجمعهم هموم ومشكلات مشتركة تجعلهم أكثر تقارباً وحرصاً على صياغة السياسات الناجزة التى تؤمن لهم تطلعاتهم المستقبلية وما يطمحون إليه من سلام وتنمية.

فقد كشف تقرير لمنظمة العمل الدولية، بعنوان «الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم 2016: اتجاهات الشباب»، أن 156 مليون شاب عامل فى العالم يعيشون في فقر. وأن نسبة البطالة بين الشباب وصلت إلى 13.1% عام 2016، ما يرفع أعداد العاطلين عن العمل فى فئة الشباب الى 71 مليون شخص. ويمثل هؤلاء 35% من إجمالي العاطلين عن العمل في العالم عام 2016، علماً بأنهم يشكلون أكثر من 15% من حجم القوى العاملة. وتتصدّر الدول العربية لائحة المناطق الأكثر بطالة في العالم، حيث وصلت نسبة بطالة الشباب فيها إلى 30.6% فى نفس العام. وكشفت بيانات البنك الدولي معادلة مفادها أنّ نسبة البطالة تزداد مع ارتفاع المستوى التعليمي.

كما أن الشباب هم الأكثر تضررا بالصراعات والنزاعات وتصاعد العنف والارهاب التى تزيد من تعقيد الأوضاع بالنسبة لهم، وتقضى على طموحهم المستقبلى فى الأمان والتنمية. كما أنهم الأكثر تضرراً بالتغيرات المناخية التى تزداد تداعياتها كارثية بمرور الوقت. وإزاء كل هذه التحديات والمخاطر الآنية والمستقبلية يزداد الشباب تلاحماً وتضامناً، وإحساساً بالمسئولية العالمية للنهوض بحاضرهم وإنقاذ مستقبلهم والعالم من أخطار تتهدده.

وأخيراً، يمثل عقد المؤتمر منحى جديدا تتحرر فيه السياسة المصرية من الأطر التقليدية، وتراهن فيه مصر على دور الأجيال الشابة فى حلحلة الصراعات، وتجاوز الفجوات بين الأمم والشعوب، وفى مواجهة الارهاب، من خلال مخاطبة الشباب لأقرانهم للعدول عن التطرف والعنف والعودة إلى الطبيعة الانسانية السوية.

إن مؤتمر شرم الشيخ يحمل رسالة قوية من الشباب بأنهم لن يفرطوا فى حاضرهم وسوف يدافعون عن حقهم فى المستقبل بكل قوة، لينطلق العالم بأسره نحو السلام والتنمية الشاملة.

لمزيد من مقالات د. نورهان الشيخ

رابط دائم: