تمكن مجموعة من العلماء من وضع «أول خريطة قومية رقمية الكترونية تفصيلية عن السيول فى مصر»، لإعداد نظام مبكر يمكن الجهات التنفيذية ومتخذى القرار من تنفيذ كافة الإجراءات والتدابير التى تتيح لها الحد من الآثار السلبية لهذه الكوارث والاستفادة منها بقدر الإمكان فى تخزين المياه الزائدة كمخزون للمياه الجوفية.
فحسب إحصاء عام 2008 الذى أجرته وزارة الرى يوجد فى مصر 95 مخرا تتبع مديريات الرى فى المحافظات ، وهى التى تقوم بتطهيرها وتنظيفها من التعديات التى تلحق بها، وبالرغم من ذلك تعانى مصر من أخطار السيول .
فريق العمل الذى وضع هذه الخريطة يتبع اللجنة الوطنية للعلوم الجيولوجية برئاسة الدكتور عبد العال حسن عطية الخبير الجيولوجى ونائب رئيس هيئة الثروة المعدنية وعضوية الدكاترة ممدوح عابدين رئيس شعبة الجيولوجيا بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد ، و حسن عبد السلام جمعة الخبير الجيولوجى وأبو الحجاج نصر الله مدير عام المحميات الطبيعية بالبحر الأحمر ، و أحمد فوزى دياب بمركز بحوث الصحراء.
يشير الدكتور ممدوح عابدين رئيس شعبة الجيولوجيا بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد الى أن الفريق استند فى عمل الخريطة الى جميع الدراسات السابقة المتوافرة فى الهيئة المصرية للثروة المعدنية وهيئة الاستشعار عن بعد والجامعات وأكاديمية البحث العلمي، وتم إنجازها لتغطى مصر بالكامل لتحديد الأماكن المعرضة لمخاطر السيول وبصورة رقمية لأول مرة حتى تتوافر أمام كل الجهات، وميزة البيانات الرقمية أننا من الممكن أن نطورها ونحسن فيها ، وسنعمل على المناطق الأكثر تضررا من السيول حيث سنوفر دراسات تفصيلية بشكل أدق وهى مرحلة لاحقة وتحتاج لوقت أطول وباحثين أكثر.
ويوضح الخبير الجيولوجى د . حسن عبد السلام جمعة أن الخريطة القومية للسيول عبارة عن 20 طبقة معلوماتية تمس كل ما يتعلق بالمناخ والطبوغرافية والطرق والمناطق السكنية والإنشاءات ومعدل سقوط الأمطار ومعدل التبخر وكل ما يخص السيول ومساراته مما يعطينا إنذارا مبكرا وكيفية الاستفادة من مياه السيول .
الدكتور عبد العال حسن عطية رئيس الفريق أوضح أن مصر تقع ضمن الحزام الجاف الصحراوى فى المناطق التى تقل فيها الأمطار وتساقطها بل وندرتها فى أحيان كثيرة، إلا أنه وعلى فترات متباعدة ، تتساقط الأمطار بكميات غزيرة وفجائية فى أنحاء متفرقة من البلاد على المناطق الجبلية والمنحدرات التى تسهم فى تسريع حركتها لتتحول إلى مصدر للخطورة الداهمة، وتنقسم المناطق المعرضة لمخاطر السيول فى مصر إلى أربع مناطق هى وادى النيل من القاهرة حتى أسوان ( شرق وغرب النيل ) والصحراء الشرقية ( ساحل البحر الأحمر) وشبه جزيرة سيناء وبخاصة العريش وجنوب سيناء ومحافظة مطروح ( الساحل الشمالى الغربى للبحر المتوسط ) وقد تعرضت محافظات مصر لأخطار السيول منذ عام 1947.
وقال إن الفريق أنجز هذا المشروع القومى تطوعيا ومجانيا ، وكانت المرحلة الأولى من الخريطة الرقمية من خلال نظم المعلومات الجغرافية على مستوى مصر بالكامل ، حيث قسمنا العمل لطبقات معلوماتية بمعنى أن المناطق السكنية على مستوى الجمهورية لها خريطة مستقلة تتحدد بها أماكن وقوع السيول وشدته ، وكذلك السكك الحديدية ومحطات الكهرباء وخطوط الاتصالات التليفونية والطرق والأراضى الزراعية، وبدأنا فى وضع المعلومات الرئيسية من صور الرادار والقمر الصناعى والبيانات المناخية ، حيث نحدد معدل سقوط المطر وطبقات التربة ومدى تشبعها بالماء لتخزين المياه الجوفية ، وحجم المياه المتبخرة ، وبالتالى استنتاج حجم المياه التى من الممكن أن تجرى على سطح الأرض مسببة «ظاهرة السيول المدمرة».
ومنها خرجنا بمسارات السيول الحالية ، ووضعنا بيبولوجرافيا وضعنا فيها كل الأبحاث فى مصر والخارج عن السيول فى مصر، وذلك لمعرفة تاريخ السيول فى مصر ، وقسمنا الدولة لثلاثة قطاعات جغرافية هى سيناء والصحراء الشرقية والغربية، حيث تمتد شبه جزيرة سيناء بين خليجى العقبة والسويس وتمتد شمالا على ساحل البحر المتوسط وهى تشمل أراضى منبسطة شمالا ومعها السهول الساحلية بينما ترتفع قليلا فى الوسط لتشكل إقليم الهضاب ( هضبتا العجمة والتيه ) وتتحول لمناطق جبلية وعرة فى الجنوب تتخللها الأودية الجافة وتتمتع بسهل ساحلى متفاوت الاتساع على خليج السويس ولا توجد أى سهول ساحلية على خليج العقبة وتعانى سيناء من الآثار المدمرة للسيول فى مناطق كثيرة أهمها نويبع ووادى وتير وأخطرها على الإطلاق وادى العريش الذى يعد من أضخم الأودية وأخطرها على الإطلاق فى مصر.
وهناك عدة عوامل تسهم فى الحد من مخاطر الفيضانات والسيول ومن بينها التحليل الدقيق للتوقع بحدوث السيول وفترات تكرارها ، وهو أمر مهم للحد من أو تخفيف مخاطر الفيضانات ، وذلك من خلال جمع المعلومات الخاصة بالفيضانات السابقة وتحليلها، وإعداد خرائط توضح مسارات مجارى المياه ومناسيبها ، إضافة إلى المناطق التى تكون معرضة للفيضانات والسيول ومنع البناء والإحداث فيها ومراعاة انحدار وحجم مجارى الأودية والشعب عند إنشاء مخططات سكنية أو فتح طرق أو إنشاء جسور أو شوارع وأنفاق لتسهيل جريان السيول عند هطول الأمطار، واستخدام التقنيات البسيطة مثل بناء حواجز خرسانية فى أعالى الأودية لتخفيف جريان المياه، وتوعية السكان بمخاطر السيول وخطورة البناء والإقامة فى مجارى الأودية وتوضيح كيفية التعامل معها قبل وأثناء حدوث السيول وبعدها.
ويبلغ عدد الأودية (مخرات السيول) الرئيسية بالصحراء الشرقية وتصب فى البحر الأحمر 414 واديا ، وبالصحراء الشرقية وتصب فى وادى النيل 156 واديا ، وفى سيناء 114 تصب فى البحر المتوسط وخليج العقبة أو خليج السويس ، وبالساحل الشمالى وتصب فى البحر المتوسط 157 واديا .
رابط دائم: