رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الجانب المضيء فى كروت الشحن !

دائمًا.. هناك لكل صورة سلبية جانبها المضيء الذى يكون كامنًا فى الظل، ويتطلب بذل البعض من الجهد لنراه إلا أننا نتكاسل عن بذل هذا الجهد. وعلى سبيل المثال، فإن مسألة قرار رفع أسعار كروت الشحن قبل أيام نظر إليها الكثيرون على أنها عبء جديد على جيوبهم التى ملّت الأعباء، وهذا بالتأكيد أمر سلبى عليهم، ومع ذلك فإنك يمكن بعد البحث والتنقيب أن تجد جانبًا إيجابيًا للقرار.. فما هو يا تري؟

ذاك هو التقشف وربط الحزام. إن شركات الاتصالات رفعت قيمة الكارت بنسبة 36 % .. صح؟ فلماذا لا نكون نحن أذكى منها فنقلل نسبة تهافتنا على المكالمات التى لا لزوم لها بنسبة 36 % نحن أيضًا.. ومن ثم تتساوى الكفتان فلا نكون قد خسرنا شيئًا؟

ستجادل معترضًا كعادتك وتقول : يا أستاذ.. ألا تعلم أن كلامنا فى التليفون أصبح ضرورة حياتية لا يمكن لمصالحنا وشواغلنا اليومية أن تتم بدونها؟ ألا ترى أننا قد أصبحنا كالسائرين نيامًا وفى أكفنا الموبايلات حتى ونحن نعبر أعتى الطرقات السريعة وسط السيارات المارقة كالسهام وكأننا أصبحنا كلنا رجال أعمال.. فكيف يا أفندى تريد منا أن نخفض إقبالنا على هذا الجهاز السحرى اللعوب؟

وسأرد عليك: نعم تستطيع، إذ بالإرادة يلين لك الحديد ( أى الموبايل) وبالتفكير الهاديء تفعل ما تريد ( أى التقشف). وعلى كل حال يمكن تقديم هذا الكاتالوج السباعى الأضلاع من النصائح والإرشادات الأولية التى لعلها ( لعل وعسي) تساعدنا على عبور الأزمة لمن أراد.

الإرشاد الأول هو: «خذوا بالكو من عيالكو». إن الأبناء فينا ينظرون إلى الموبايل بحسبانه لعبة وأداة سهلة للتسلية واللهو مع أن كل كلمة يتفوهون بها فيه (الموبايل) باتت اليوم بالشيء الفلاني، فما الضير فى أن نزعق فيهم زعقة (ولو لمجرد التهويش) بأن يكفوا أيديهم فلا يستخدمونه إلا فى حالات الطواريء فقط؟ وما المانع من بعض القسوة وأبو تمّام قال قديمًا: قسا ليزدجروا.. ومن يكُ حازمًا.. فليقسُ أحيانًا.. وحينًا يرحمُ ؟

الإرشاد الثانى هو: «لا تثرثر يا حبيب العمر» وهو إرشاد يستهدف بالأساس زوجاتنا الكريمات اللائى وجدن فى الموبايل أنجع السبل لتزجية وقت الفراغ فرُحن يثرثرن مع الصويحبات (فى الفاضية والمليانة). ولأن الحوار الهاديء الرزين هو أقصر الطرق للإقناع فما عليك عزيزى الزوج المهموم إلا أن تدخل على الزوجة الحبيبة مخرجًا جيوب بنطالك من مكامنها كأنها تلهث، ولا مانع من همسة حنون فى أذنيها «خلاص.. بَحّ.. مافيش». ساعتها قد يعطف عليك القلب الحنون ( وقد لا يعطف .. أنت وحظك!).

الإرشاد الثالث هو: «مُضناك جفاه مرقده» يعنى يا جماعة الخير أنا لم أعد أنام، وهو شعار عام بات على رب الأسرة من الآن فصاعدًا رفعه فى وجه كل أفراد أسرته. وستسأل: وكيف يكون ذلك؟ والجواب بسيط خالص، وهو أن تتم الدعوة عاجلًا لاجتماع عائلى يكشف فيه الأب الذبيح عن أسرار ميزانيته الكسيحة التى أرهقتها المصاريف بحيث يعرف كل فرد فى الأسرة ما له وما عليه، إذ الشفافية والمكاشفة هما الطريقة الوحيدة لتحقيق المشاركة فى حملان الهَمّ!

أما الإرشاد الرابع فهو: «لكلٍّ حسب حاجته .. ومن كلٍّ حسب طاقته» بمعنى أن يتم تخصيص حصة نقدية ثابتة ( بالضبط كالحصص التموينية) لكل واحد فى العائلة الكريمة تكون مخصصة لمصاريف الموبايل، إذ الآن - وقد حصحص الحق وتبين الخيط الأبيض من الأسود وصعدت أسعار المكالمات إلى عنان السماء- فسيكون لكل واحد منكم يا أحبائى مبلغ معروف كل شهر لا يتخطاه، ولا مانع هنا من أن تكون الكروت بحسب فئات العمر، فالزوجة لها كارت من «أبو مائة» لزوم الحديث مع الأم الحبيبة وطلبات السوبر ماركت وما شابه، وللأبناء الجامعيين كارت بخمسين لكل منهم، وبالنسبة للمفاعيص الصغار كفاهم الكارت أبو عشرة.

الإرشاد الخامس هو: «آن أوان الباس وورد» أى أن يقوم كل مستخدم منا لتلك القطعة الحديدية اللحوح (الموبايل) بعمل كلمة سر - باص وورد - لموبايله. ستسأل: وما الحكمة من ذلك؟ والإجابة: أنك كلما تلقيت مكالمة وأردت الرد فسيكون عليك فتح الباص وورد، وهو ما سيمنحك ثوانى إضافية تُسائل فيها نفسك (يا واد هل ترد أم لا داعى للرد هذه المرة؟)، وهى حيلة نتحايل بها على شهوة الكلام الفارغ المتأصلة فينا جميعًا .

والإرشاد السادس هو: «اللى معهوش ما يلزموش» وهنا قد يكون الكلام جارحًا بعض الشيء للكثيرين منا. قل لى بصراحة، هل أنت تستخدم الموبايل فعلًا فى أغراض ضرورية لا يمكن لحياتك أن تسير بدونها أم أنك تحمل المحمول للمنظرة والتفاخر ومحاكاة الناس الكبار؟

لو كنت من هؤلاء المتمنظرين فننصحك بالوقوف مع نفسك وقفة مصارحة، واعلم أن كل نفخة كدّابة هذه الأيام أصبح ثمنها غاليًا جدًا.

ويبقى الإرشاد السابع هو: «كثرة السلام تقلل المعرفة». فالحقيقة أنك لو طاوعت شيطانك ورحت تتنصت على أحد هؤلاء المغالين فى الرغى والثرثرة لوجدت نصف كلامه تحيات وسلامات، ( سلامو عليكو.. حبيبي.. عامل إيه.. من زمن لم نرك.. أين أنت يا رجل.. أهلًا أهلًا.. العيال عاملين إيه.. وأم العيال.. لا والله مشاغل الدنيا.. ما انت عارف.. طيب.. أؤمرنى أمر..حبيبي)، وهكذا إلى أن تلفظ الجنيهات السبعة فى كارت العشرة جنيه أنفاسها الأخيرة. يا أستاذ راجع نفسك ولتدخل فى الموضوع مباشرة.. هذا إن كان هناك موضوع أصلًا !

لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: