رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فيلم « الشيخ جاكسون » .. وركوب الصعب

فى الطريق الى العرض الخاص لفيلم «الشيخ جاكسون»، الفيلم الذي يحسب له، ولكل فريقه من المخرج وصاحب السيناريو «عمرو سلامة»، الى المنتجين الاثنين، محمد حفظى وهانى اسامة، والى فريق العمل اجمالا بعد ذلك، «شجاعة المبادرة و تفردها»، والاهم «ركوب الصعب» واعادة المتلقى الى حيز، «التفكير والمتعة» معا، وتلك هى المعادلة الصعبة، والغائبة بقوة منذ فترة ليست بالقصيرة. اقول اننى فى الطريق الى الفيلم، لم اكن احمل اى تصورات مسبقة عنه،...اما بعد ما شاهدت الفيلم وفى طريق العودة من العرض الخاص، كان السؤال المهيمن علي: ماهو آخر فيلم مصرى شاهدته، وشعرت بعد اضاءة انوار صالة العرض، بأن حالى عند نهاية العرض, غيره قبل العرض .. او ان رأسي يموج بالافكار؟ فيلم «الشيخ جاكسون»، وان كنت لا أميل الي، ان نحكى حدوتة فيلم، لان الفيلم من وجهة نظرى المتواضعة ليس حدوتة، يتعامل مع «المكون الديني» وربما ولاول مرة، من منظور «الحالة المجتمعية» الصرفة ... فيلم أتصور انه يدخل بنا الى حيز، واحدة من اهم قضايانا الملحة، تلك المتعلقة «بالهوية»، وامكانية التصالح او التناقض ما بين العناصر المكونة لها.. وهى قضية معاشة وبرزت علي سطح المجتمع وأحس بها الجميع، بالذات فى السنوات الخمس الاخيرة.. كنت ترى فى الاسرة الواحدة، تنويعات من «التكوين».. يعنى الذي يعتقد ان الطريق لابد وان يمر «بالغرب» اجمالا, فكرا وسلوكا وفنا وقيما، والآخر الذى على النقيض، يرى الطريق، استمرارا لسلف بعيد، لا واجه ما نواجه من مشكلات، ولا عاش فيما نعيشه.

على مستوى اى اسرة لا يكون الأمر هينا، وتفرض الاسئلة نفسها.. ونفس الامر علي مستوى المجتمع، اسئلة عن امكانية (التعايش) وكيفيته، او مخاوف .. او مشكلة ومعاناة وقضية حقيقية.. طيب ما الموقف حين يكون « الاتجاهان» داخل فرد واحد؟ هل يتعايش الاتجاهان معا؟ هل يتناقضان؟ هل يتحول التناقض الى نوع من «التمزيع»؟ فى فيلم «الشيخ جاكسون»، بطولة الفنان احمد الفيشاوى واحمد مالك، تطرح القضية وربما لاول مرة، بشكل مجتمعى حر، او بصورة تلامس، قطاعات كبيرة، من المصريين، وهى تلك اللحظة، المليئة بالحيرة، والتى يقف عندها الشاب متسائلا، عن امكانية ان يحقق «معادلة الحياة»، دون ان تكون الحياة نفسها حراما.. .عن امكانية ان يعيش ولا يخسر دينه، او مدى ان يكون مسلما و يعيش الدنيا. (الشيخ وجاكسون) معا...الشيخ «الرمز، و المطرب الرمز» مايكل جاكسون...وفيلم اعتقد انه «اهم» فيلم، مصري يقترب فنيا من قضية الهوية..

وبمقاربة «حرة»، مقاربة اجتماعية.. فإنها المرة الاولى التى تطرح فيها قضية «العلاقة بالدين» فى مصر، او «المكون الديني» فى الشخصية المصرية، بعيدا عن أى «رؤى توجيهية»، او ضاغطة، سواء جاءت عنده الرؤى من مؤسسات سياسية اوجهات دينية.. فقد تعودنا ان نري ما يتعلق «بالبعد الديني»، معروضا على الشاشة اما بصورة العرض التاريخي، او العام، اى التعامل مع الدين على صورته الخام»، لو جاز التعبير، على حاله، كما فى «المسلسلات الدينية»، اعمال فنية تستهدف، ان يظل «الدين» يحظى بالمكانة والصدارة الواجبة، وتعيد احياء والتركيز علي، قيم وجوهر القضايا الدينية، من المنظور العقائدي .. (كما فى مسلسل محمد رسول الله، و كل السلسلة الرمضانية) هذا جانب من اشكال طرح قضية الدين فى العمل الفني.

لكن هناك، جانبا آخر، ربما هو الطاغى بقوة علي الشاشات فى العقدين الاخيرين، وهو الجانب الذى يأتى فى اطار يسعى «للتوجيه».. اطار يقصد فى النهاية، «ضبط» ايقاع ما، و غالبا ما يكون هذا الاطار يحمل صبغة التوجيه السياسي، بغرض استعدال امر ما، او ضبط جرعة ما، يراها ضرورية للمجتمع، وتحت هذا التوصيف يمكن ان تضع عناوين عديدة لاعمال شاهدناها فى العشرين سنة الاخيرة، لافلام ومسلسلات من «الارهابي» الى «العائلة »، او غيرهما.. على الاعتراف حتى وان لم اكن متخصصة فى السينما، اننى كمتلقية، عشت مع «الشيخ جاكسون» مساحة من «المتعة».. متعة المشاهدة، وان سيل الافكار الذى هاجمنى بعد المشاهدة، كان مضفرا بالمتعة، وايضا بنوع من الشعور بالامتنان «لمصر العجيبة »، القادرة على إدهاشك طوال الوقت، من فرط «الخصوبة» التى تفيض بها حتي فيما نتصوره «زمن ما بعد التجريف».

«الشيخ جاكسون» فيلم «يركب الصعب».. ويعيد مع «المتعة»، «عادة»، او ملكة، او خاصية كادت تنسينا إياها السينما التى سادت، وأقصد خاصية «التفكير».

لمزيد من مقالات ماجدة الجندى

رابط دائم: