رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الخروج من سجن الكذب على النفس

لا أدعى لنفسى قدرة قراءة التاريخ بالعمق اللازم لكبار قراء التاريخ وإعادة تحليل خطواته، ولكن ذاكرتى تتوقف _ فى بعض الأحيان - عند محطات أراها كاشفة؛ آخرها خبران متتابعان؛ الأول هو وصول تعدادنا إلى ما يزيد على المائة مليون نسمة؛ والثانى هو اجتماع د. محمد العصار مع رؤساء البنوك فى محاولة لتأسيس مشاريع عملاقة تشارك فيه بنوكنا القوية المقتدرة؛ ولعل روح طلعت حرب مع روح عزيز صدقى قد رفرفتا فى سماء هذا الاجتماع. وقد جاء الخبران وكرابيج الإصلاح الاقتصادى تطل عبر فاتورة التليفون المحمول وغيره من وسائل الحياة المعاصرة من كهرباء وماء وغذاء. وهو ما يتطلب حشد طاقات من عمل منظم جاد يتيح إعادة توزيع العائد على المجموع المصري.

وهناك رجل أعلن بدء رحلة جادة فى بناء تفكير علمى معاصر، فراح يعيد بناء التعليم من نقطة ما تحت الصفر وهو د. طارق شوقى الذى تطل صورته فى خيالى وترفرف فوقها كلمة لجمال حمدان مؤلف موسوعة «شخصية مصر» بحيث قال ضمن ما قال إن السماء وهبت لكل إنسان يدين اثنتين وفما واحدا، وعليه أن ينتج بيديه ما يطعم نفسه ومن حوله معه». ورغم جمالية وبساطة الجملة فإنها لم تلتفت إلى توحش طبقة تاجرت بأديان السماء واستغلت كل الظروف منذ منتصف السبعينيات لترفل فى مال منهوب من الرقص على حبال الانفتاح سداح مداح؛ فضلا عن تزوير كيفية الانتصار فى أكتوبر العظيم؛ فجعلوه من فعل ملائكة أرسلهم الحق سبحانه، متناسين أن الله قد وهب قادة القوات المسلحة بعد إعادة بنائها بعد هزيمة يونيو، وهبهم الحق سبحانه قدرة الأخذ بأسباب العمل والتدريب على المهام التى بدت عند بدء التخطيط لها انها مستحيلة؛ فوهبهم الحق فرصة تحقيق الحلم المصرى الصعب ألا وهو تحرير التراب الوطنى من دنس الاحتلال، ولتمر سنوات تأتى بعدها اتفاقية كامب دافيد لتؤسس لسلام فى الشرق الأوسط وميلاد دولة فلسطين، لكن الفرقة العربية لم تلتفت إلى أن اتفاقية كامب دافيد لم تكن إلا ضرورة إنتقال الأسلوب الذى حاربنا به فى اكتوبر إلى تفاصيل الحياة اليومية من المحيط إلى الخليج؛ وحاول صغار ادعاء بطولة ليست فى مقاس قدراتهم مثل صدام حسين ومعمر القذافى وغيرهما كثير متناسين أن اتفاقية كامب دافيد كانت انتهاء لحد المواجهة التى تستند فيها إسرائيل إلى نيران أكبر قوة نيران فى الكون وهى قوة نيران الولايات المتحدة، وبداية لمسئولية فرض العين على كل مجتمع عربى أن يتآزر فى نسيج يطور به إنتاجه الزراعى والصناعى ليستوعب ما تركه اثنان من عظماء هذه الأمة جمال عبد الناصر وجلالة الملك فيصل الذى قال لحظة سماعه نبأ رحيل عبد الناصر «رحم الله الرجل الذى اعطى هذه الامة فكرة عن إمكاناتها» وجاء من بعده السادات ليستكمل مشوار تحرير الأرض. وكأنه قرأ خريطة التفكير الإسرائيلى التى توجد فى مضمونها ألا تخرج من أرض احتلتها إلا بثقة أن من إستعاد الأرض قادر على إيلام إسرائيل بما يفوق أهمية القطعة المحتلة من الأرض. و كانت الفرقة العربية بعد كامب دافيد سببا فى جعل العروبة غير قادرة على تحرير الجولان السورى أو الضفة الغربية ومعها القدس الشريف، ثم أخذت إسرائيل تمارس هوايتها بطلب التفاوض ثم الدوران فى عجلة لا ينتهى دورانها.

وحين جاءت المبادرة العربية المسماة باسم الراحل الجليل عبد الله بن عبد العزيز, ظلت المباردة المقدمة باسم العالم العربى معلقة فى سماء المنطقة، تلك المنطقة التى راحت تتمزق بفعل زراعة خلافات مذهبية وصراعات عرقية، وانقسامات طائفية، وزارتنا الفوضى الخلاقة التى استشرت فى دول عربية؛ بدأت بتونس ثم مصر ثم ليبيا ثم سوريا، ونجت مصر بفضل جيشها المستطلع لآفاق كل حركة وسكنة فى المحيط العربي، وحين حاول التأسلم ان يصبح مغناطيسا يجذب أهل مصر فيتأرجحون بعواصف الخلافات الدينية، هنا خرج عموم اهل المحروسة ليلقوا من حالق بتنظيم التأسلم المزور؛الذى راح يعوى عبر نتوء عربى اسمه «قطر» هذا النتوء الذى يبعثر اموالا ضخمة على اللا جدوي، وأعنى باللا جدوى هو زعزعة المصريين المصرين على استقلالهم الوطنى حتى ولو تحمل كل مصرى ويلات الغلاء المتوحش. وبطبيعة الحال حرصت القيادات الشابة فى السعودية والإمارات العربية على حفظ ما تبقى من أمة العرب كى يظلوا عربا بعيدا عن التوحش المذهبى الذى يوقظ على بن ابى طالب كرم الله وجهه وارضاه من مرقده

ولعلهم تحت رايته يعيدون إمبراطورية فارسية تآكلت بفعل التاريخ. ولكن نبت لها اذناب فى شكل حزب الله وجماعة الحوثى فى اليمن، ثم بقايا الطائفية فى سوريا المنكوبة.

ويظل أى صباح عربى فى حاجة إلى تذكر أن مرارات التشرذم هى بوابة الهلاك المفتوحة؛ تلك البوابات التى جعلت من البحر المتوسط بحيرة من دم الغرقى من اهل سوريا الهاربين من هول الاقتتال ثم دم كثير من أهل افريقيا تلك القارة التى سبق وأيقظتها ثورة يوليو من أنياب المستعمرين فوقعت فى براثن الاستغلال والضياع. ولكن مصر ورغم ما تتحمله من مسئوليات تصحو فيها يقظة الانتباه إلى القارة التى تقع مصر فى شمالها وكانت بوابتها من قبل للتحرر وعندما عادت مصر إلى يقظتها راحت ترمم الكثير من جراح القارة السمراء.

نعم ورغم ما نعيشه من متاعب لنشق الطريق إلى مستقبل آمن، نعم نحن كوطن نمثل بوابة الخروج من سجن الكذب على النفس.

ولعل ما كتبته فى السطور السابقة يجد مناقشة وأسلوبا للحوار عبر مكتبة الإسكندرية، فيجتمع فيها باقة من العقول الكبيرة غير الخاضعة لاى هوى سوى هوى الولاء لهذه الأرض، لعلنا نستكشف عبر نقد ما فات والإطلال على ما هو آت ما يخرج بنا من دوامات معارك متوهمة. وثقتى فى ان خبرة المحنك مصطفى الفقى القائد الجديد لمكتبة الإسكندرية، هذه الخبرة الممتلكة بإعادة ترتيب جهد المبنى العملاق فنملك القدرة على إستكشاف الرؤى وإضاءة الطريق.

لمزيد من مقالات منير عامر

رابط دائم: