رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المضحوك عليهم و «الضالون»

بقدر ما أحزنني سيل الفديوهات والصور التي توضح وحشية الإبادة والتطهير العرقي الذي يمارس ضد مسلمي »الروهينجا« في ميانمار أفزعتني تداعيات تكرار مشهد مجاهدي افغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، من حيث الموقع، و زخم الأحداث والحشد الشعبي واستثارة العواطف، وعلى الرغم من استنكاري الشديد وإدانتي للإرهاب البوذي بحق المسلمين هناك، فأنا اخشى أن ينضحك علينا مرة أخرى ليتم تصنيع نسخة ثالثة من »الإرهاب« الذي سيوصف بالإسلامي أيضا، بحيث يسعى اللاعبون بالعقول إلى استدراج متطرفين الى نقطة تصنيع جديدة مع تغير نوعي ليتشكل الجيل الثالث من هذه الصناعة العالمية بخيارات جديدة تجعله يتجه شرقا هذه المرة.

ذلك أن النسخة الأولى تم تصنيعها إبان الجهاد الأفغاني وبدأت ضد الروس، ثم تلبورت بخاتم القاعدة وتحولت لاستهداف العالم الغربي وتم تتويجها بتفجيرات 11سبتمبر في الولايات المتحدة، وظهرت النسخة الثانية بخاتم »داعش« حيث شاهدنا توحش الدواعش ضد أبناء ديانتهم أيضا في العراق والشام، أما النسخة الثالثة من هذا الانتاج فستكون موجهة ضد البوذيين وغيرهم من الأديان المنتشرة بالشرق، لأن بؤرة الصراع بين القوة العالمية تتجه اليوم نحو الصين والهند.

ففي المرات السابقة التي ظهر فيها ذلك المنتج العنيف الذي وصف بالإسلامي رغم ابتعاده كلية عن تعاليم الإسلام ورفضه من كل قادة المسلمين والمؤسسات الإسلامية الكبرى، كانت تسبقه عادة أعمال إجرامية ضد المسلمين تثير التعاطف وتفرز مادة يتم الترويج لها لإغواء الشباب، ففي النسخة الأولى نتذكر ما تطوعت بنشره وسائل الإعلام العالمية الغربية عن مأساة أبناء افغانستان تحت الاحتلال الروسي وزخم الدعوات لنصرة المجاهدين ضد الكفار، حيث دعمت أنظمة وقوى عالمية وإقليمية نقل الشباب إلى هناك.

أما تنظيم »داعش« فقد بدأت إرهاصاته بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وما نتج عنه من قتل وإصابة عشرات الالاف من العراقيين و تدمير هائل ونهب للثروات، فضلا عن انتهاك العسكريين الامريكان لكرامة العراقيين فيما عرف بفضائح »سجن أبوغريب« التي تفجرت عام 2004 لتظهر انتهاكات جسدية وجنسية تضمنت تعذيب، واغتصاب وقتل سجناء عراقيين،ثم سيطرة الشيعة على الدولة،حيث ظهر التنظيم لأول مرة تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد في سبتمبر 2003م، وفي أكتوبر 2004، أعلن بيعته لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وغير اسمه إلي »قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين« وفي 2006، اندمج مع عدة تنظيمات أخري، وتغيرت توجهاته بإعلان اسمه الجديد »دولة العراق الإسلامية« وبعد أحداث ثورة 2011 بسوريا وتطوراتها الدامية، امتد التنظيم إلي هناك، حيث تبني اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). عام 2013. كل ذلك لا ينفي وجود انتهاكات وحشية ضد المسلمين وظلم واضطهاد كبير لشعوب ومناطق عربية وإسلامية منذ نكبة فلسطين عام 1948 وحتى مأساة مسلمي «الروهينجا»، وواكبه خزلان عالمي لحقوقهم المشروعة، وحالة وهن لدى الدول العربية والإسلامية. ولكن للأسف يتم توظيف هذه المعاناة بشكل سلبي يشئ للإسلام والعرب والمسلمين في ظل حالة غياب حضاري يتجلى على مستويات عديدة، أولها: غياب الوعي، لدى غالبية المسلمين بطبيعة الاحداث وأطرافها الخفية ومصالح القوى العظمي وأطماعها في المنطقة، وغياب الوعي بتعاليم الدين الصحيحة مع وجود أمية دينية منتشرة بربوع العالم الإسلامي.

وثانيها: غياب الشعور بالعدالة حيث يقف العالم صامتا أمام قضايا المسلمين بدءاً من نكبة فلسطين وما تلاها مرورا باحتلال العراق وانتهاء ببورما وغيرها من المناطق، حيث تسيل دماء المسلمين رخيصة.

ثالثا: غياب الظهير حيث يشعر الشباب بضعف ردود فعل الدول العربية والإسلامية إزاء هذه القضايا والنكبات، وهشاشة مواقف المنظمات الدولية العربية والإسلامية.

رابعا: غياب الأمن القومي بسبب إضعاف الدول أو إفشالها سواء بالاحتلال الخارجي أو الصراعات الداخلية (الصومال، أفغانستان، العراق) وتوسع ذلك مع أحداث الحراك العربي2011، مما سهل الطرق أمام أجهزة الاستخبارات العالمية للعب في تلك المناطق وتجنيد الشباب العاطل اصلا عن العمل وربما الفاقد للامل.

وفي كل مرة تخبو فيها شعلة تنظيم يوصف بأنه (إرهاب اسلامي) يتم تصنيع تنطيم آخر أكثر عنفا، وهكذا تتوالي السيناريوهات المكررة ، وتحت شعار مقاومة الإرهاب والعدو البديل في الشرق والجنوب، تتربح مراكز أبحاث ومصانع للأسلحة في الشمال والغرب وتدر مليارات الدولارات تدفع من ثروات المسلمين المضحوك عليهم، وباستخدام الضالين منهم، وللأسف نجد من يقول آمين!

أما قضية »الروهينجا« فتحتاج إلى حديث آخر، و معالجة من غير »المضحوك عليهم ولا الضالين«!


لمزيد من مقالات د. محمد يونس;

رابط دائم: