رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

استفتاء الأكراد.. استمرار لمشروع التفتيت

الاستفتاء من جانب واحد والمزمع إجراؤه يوم 25سبتمبر الحالى، على خلفية الإعلان بما يسمى الاستقلال الكردى، هو إجراء غير مشروع وغير قانونى بكل تأكيد، فمن أوجب شروط إجراء استفتاءات الانفصال هو موافقة الطرفين، والأهم موافقة الدولة الأصل ومؤسساتها، ومن غير ذلك فأى إجراء من جانب واحد هو إجراء شباطل، وما يبنى على باطل فهو باطل وفقا للقاعدة القانونية المستقرة.

وحيث إن الدولة العراقية، ممثلة فى برلمانها وحكومتها، رفضوا بالإجماع باستثناء النواب الأكراد وفقا لحسابات بقائهم السياسى، إجراء هذا الاستفتاء الذى أعلن عنه «البرزانى» ـ رئيس الإقليم الكردى، وهو المنصب الذى يعادل «محافظ» إقليم كما فى مصر وسوريا وعدد كبير من الدول العربية، ولكن لهذا المنصب خصوصيته فى العراق فى إطار فكرة الحكم الذاتى التى تم اقرارها لهذا الإقليم حفاظا على الاستقرار وعلى وحدة اراضى العراق، ومادامت الحكومة قد رفضت، ومعها البرلمان العراقى الممثل لكل الشعب العراقى رفض أيضا إجراء الاستفتاء بالانفصال، لذلك فكل ما يجرى من إجراءات فى مقدمتها الاستفتاء، هو باطل بكل تأكيد.

لكن هل يكفى أن يقال إن ما يجرى باطل لأنه غير قانونى، بينما الأمور تسير على قدم وساق لايجاد واقع جديد، يجرى الإعداد على مستويات دولية وإقليمية، للاعتراف به وعلى مراحل، تبدأ بإجراء فعلى بالاستفتاء، والغالب أنه سيتم تزويره، والموافقة على انفصال الإقليم بنسبة غالبة أساسا لدعم الانفصال؟!.

المؤكد أن انجاز هذا الاستفتاء فى موعده يحقق العديد من الأهداف:

ــ بداية التفتيت الرسمى لدولة العراق، كما هو مخطط له، بالغزو الأمريكى للعراق 2003 واحتلاله وإقامة قواعد عسكرية أمريكية حتى الآن.

ـ بداية التفتيت التتابعى لدول عربية أخرى فى المقدمة سوريا ولبنان، وليبيا، واليمن.

ـ تأجيج الخلافات الكردية فى الدول الأخرى المجاورة فى إيران وسوريا وتركيا على وجه الخصوص، وقد تمتد لروسيا، على أمل تحقيق مشروع الدولة الكردية، تكون البداية إقليم كردستان بالشمال العراقى.

ـ إدخال المنطقة فى المزيد من النزاعات المرشحة لصراعات طويلة الأمد.

ـ نجاح الخطوة الثانية فى مشروع التفتيت بعد انفصال الجنوب السودانى عام 2011، نتيجة للضغوط الأمريكية فى ديسمبر2010 لاجبار البشير على قبول الاستفتاء على انفصال الجنوب.

وبالتالى فإن نجاح استفتاء الأكراد فى 25سبتمبر الحالى، بغض النظر عن قانونيته، سيكون خطوة جديدة فى مشروع التفتيت الإقليمى للمنطقة العربية بكل تأكيد.

ـ تحقيق مكاسب جديدة للكيان الصهيونى العنصرى المسمى «إسرائيل» حيث أن قادة الأكراد، وفى مقدمتهم (برزانى) يتفاخرون بعلاقاتهم مع إسرائيل، وإن إسرائيل هى الدولة الداعمة علنا لانفصال الأكراد، وتشجيعهم وتمويلهم، خاصة أن بترول كركوك، كان يذهب إلى إسرائيل، وبالتالى فإن إسرائيل ضمنت موردا دائما للطاقة، وبلدا عربيا يجاهر بالتطبيع معها دون تردد!!.

ـ ضمان إضعاف العراق، الدولة التى كانت حارسة البوابة الشرقية للوطن العربى على مر التاريخ، إلى الأبد، وإغراقه فى مستنقع الصراعات العرقية والمذهبية والدينية والطائفية.

أما عن المواقف العربية، فلم يتجاوز دورها إلا فى مجرد نداء من أمين عام الجامعة العربية، لوقف الاستفتاء، دون أية إجراءات عملية، وكأن الدول العربية جميعها باستثناء لبنان وسوريا والعراق الدولة (برلمان وحكومة) توافق بالصمت، فكما سكت البعض على احتلال أمريكا العراق عام 2003، فإنهم يواصلون السكوت حتى تحقيق هدف أمريكا، وهو تقسيم العراق تفتيتا للدولة القوية، وفى الواقع نفسه الشوشرة على الانتصارات العراقية على داعش أخيرا بعد تحرير الموصل وتلعفر.

أما عن المواقف الدولية، فإنه فى الوقت الذى تتظاهر فيه أمريكا بالمطالبة بوقف الاستفتاء، بينما إسرائيل تشجعه فى اطار توزيع الأدوار، نجد روسيا ضد إجراء الاستفتاء، وكذلك تركيا وإيران، لكن حتى الآن لم يصل هذا الرفض إلى نتيجة اعاقة هذا الاستفتاء.

وبالمقارنة بجميع الاستفتاءات التى أجريت من قبل لتحقيق الانفصال عن الدولة الأم، فإنها تستلزم موافقة الطرفين على ذلك، وإلا اعتبرت الإجراءات باطلة، ومن ذلك: الاستفتاء على الجنوب السودانى فى فبراير2011م، وجاء فى مصلحة الانفصال، كذلك الاستفتاء على انفصال إقليم «كيبيك» فى كندا، ولم يتحقق حتى الآن لعدم بلوغ النسبة، رغم إجرائه ثلاث مرات، وكذلك استفتاء انفصال استراليا عن التاج البريطانى، ولم يتحقق، واستفتاء اسكتلندا، ولم يتحقق، واستفتاء إقليم الباسك فى إسبانيا، ولم يتحقق، ومن شروط الاستفتاءات فترة من الوقت يتم فيها عرض جميع وجهات النظر على الجمهور صاحب المصلحة الحقيقية ليتبين له مخاطر ومكاسب الانفصال، وله أن يقرر ذلك، والأمر شرحه يطول بلا شك.

لكن خلاصة الأمر، فإن سيناريو التفتيت يسير على قدم وساق، ما لم يتحرك العرب المنشغلون بالفروع، وبالتفاصيل دون أصل أو رؤية، فنخسر كل يوم ورقة، والمقبل أخطر، ولذلك فأننى أعول على دور مصرى فعال وقائد للحيلولة دون تنفيذ مسلسل التفتيت، كما أن مشروع استمرار المقاومة هو الحل على ما يبدو.


لمزيد من مقالات د. جمال زهران;

رابط دائم: