تلعب منظمة اليونسكو دورا أساسيا في إطلاق العديد من الحوارات بين مختلف الحضارات والشعوب والثقافات علي مبدأ أساسي وهو ضرورة احترام القيم المشتركة، فمنظمة اليونسكو تحرص علي مثل هذه الحوارات فمن خلالها يمكن للعالم أن يتوصل إلي نقاط أساسية ورؤي شاملة من أجل تحقيق التنمية المستدامة ، التي تضمن التقيد بحقوق الإنسان والاحترام المتبادل ، إلي جانب التخفيف من آلام الفقر و حدته.
كما أن من ضمن أولوياتها توفير التعليم الجيد لأبناء المجتمع ، ومواجهة التحديات الأجتماعية والأخلاقية التي تتجدد كل يوم في ظل التطور التكنولوجي ، إلي جانب تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات ومفهوم السلام.
وهذا ما أكدته الدكتورة أميرة الشنواني عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مشيرة إلى أن منظمة اليونسكو هى إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة التى تأسست فى 16 نوفمبرعام 1945 - ويقع مقرها فى مدينة باريس بفرنسا - على غرار الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أنشئت من أجل البحث عن الطريقة التى تمكنهم من إعادة بناء الأنظمة التعليمية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من أجل انتشار الأمن من جديد من خلال منظمة تهدف إلى بناء ثقافة سلام حقيقية وبالتالي تحدّ من نشوب حرب عالمية جديدة.
وكانت مصر من الدول التى صادقت على الميثاق التأسيسي لمنظمة اليونسكو الذى بدأ يدخل حيّز التنفيذ فى عام 1946. وكانت المنظمة مثارا للجدل بشكل كبير منذ إنشائها خاصة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى حيث اعتقدت الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا أن المنظمة مستغلة من قبل الشيوعيين ودوّل العالم الثالث لمهاجمة الغرب، فانسحبت أمريكا من المنظمةعام 1984 وتلتها بريطانيا عام 1985، كما اتهمها البعض بالبيروقراطية . وقد عادت بريطانيا إلى عضوية المنظمة عام 1997 وأمريكا عام 2003. وتتفرع المنظمة الى ما يقارب 50 فرعا ومكتبا بالإضافة إلى العديد من المعاهد التعليمية والتدريبية حول العالم، وقد وصل عدد أعضائها إلى 195 عضوا و 8 أعضاء منتسبين.
وقالت الشنواني إن المدير العام الحالى لمنظمة اليونسكو البلغارية إيرينا بوكوفا والتى تشغل هذا المنصب منذ عام 2009 وأعيد انتخابها مرة أخري عام 2013 هي أول سيدة تشغل هذا المنصب على وشك انتهاء ولايتها الثانية، ويوجد حاليا 9 مرشحين لمنصب المدير العام للمنظمة بينهم 4 شخصيات عربية من مصر والعراق ولبنان وقطر، وكانت مصر قد أعلنت ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لهذا المنصب والذى سيتم التصويت عليه فى أكتوبر المقبل، ونتمنى أن تفوز مصر بهذا المنصب الدولى المهم.
وأوضحت أن الهدف الأساسي لمنظمة اليونسكو هو المساهمة فى إحلال السلام والأمن للشعوب حول العالم ليحل محل الحروب السياسية والطائفية وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولى عن طريق التعليم والعلم والثقافة من أجل تحقيق الاحترام للعدالة ودور القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتى يتضمنها ميثاق الأمم المتحدة. كما تهدف إلى تحقيق السلام من خلال القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة ، وبناء ثقافة تقوم على مفهوم السلام والحوار بين الثقافات ووسائل الاتصال والمعلومات، حيث تتركز أعمالها فى خمسة برامج أساسية هى برامج التربية، والتعليم، والعلوم الإنسانية، ووسائل الاتصال والتواصل حول العالم بما فى ذلك الإعلام.
وأشارت الشنواني إلى ان منظمة اليونسكو تعمل من خلال هيئاتها وهى المؤتمر العام الذى يعقد مرة كل عامين ويتكون من ممثلى الدول الاعضاء، ومراقبين من الدول غير الاعضاء، وممثلين عن الدول المنتسبين، بالاضافة الى منظمات دولية مختلفة سواء كانت حكومية او غير حكومية. وهذا المؤتمر العام هو الذى يحدد سياسة المنظمة وميزانيتها لمدة عامين. ويوجد المجلس التنفيذى وهو بمثابة مجلس ادارة المنظمة الذى يعمل على تنفيذ قرارات المنظمة، ويتم انتخاب أعضائه بواسطة المؤتمر العام ويجتمع مرتين كل عام. اليونسكو استطاعت منذ إنشائها حتى الآن ان تحقق انجازات كبرى فى مجال المحافظة على التراث الانسانى والتعريف بالثقافات والفنون والمساهمة فى نشر التعليم فى عدة دول بالعالم، كما عملت على ترسيخ حقوق الانسان فى مجال حرية الرأى والتعبير والحياة الكريمة والدعوة الى المساواة. كما أن احدى مهام اليونسكو هى ان تعلن قائمة مواقع التراث العالمى، وهى مواقع تاريخية او طبيعية والتى يكون على المجتمع الدولى مهمة حمايتها وليس المنظمة. وقد تبنت منظمة اليونسكو يوم 18 اكتوبر 2016 مشروع قرار بالحفاظ على التراث الثقافى الفلسطيني وطابعه المميز فى القدس الشرقية واعتبار المسجد الأقصى وكامل الحرم الشريف موقعا اسلاميا مقدسا ومخصصا للعبادة، وتم تصويت المجلس التنفيذى عليه بشكل نهائي لا رجعة فيه رغم الضغوط الإسرائيلية الكبيرة على الدول الاعضاء بالمنظمة لإثنيها عن دعم القرار.
رابط دائم: