ينبغى أن يُؤخَذ باهتمام الكلام المنشور هذه الأيام على لسان مسئولين أمريكيين بأن بلادهم تفكِّر جدياً فى نقل قاعدة العيديد العسكرية خاصتهم من قطر، لأنها، كما يقولون، حققت المطلوب منها منذ العام 2000، وإن لأمريكا الآن رؤية أخرى فى بدائل كثيرة، فى السعودية والإمارات والأردن!
أولاً، لا يجوز التورط فى التحليلات البسيطة التى تعتبر الاتجاه الأمريكى الجديد من نتائج موقف الدول العربية الأربع التى بادرت منذ يونيو الماضى بقطع علاقاتها مع قطر، ثم التشدد فى قرار المقاطعة بعد ذلك حتى مع تعمد قطر الدفع بالحدث فى مسار غريب بزعم أنها ليست مقاطعة وإنما حصار. والأصح أن يقال إن قطر تمرّ بظروف استثنائية، إقليمياً ودولياً، حيث توافقت مجموعة من الأحداث غير المواتية لنظام تميم فى وقت واحد، وإنْ كانت تصبّ فى الأخير فى غير مصلحته! حيث نضج موقف الدول العربية المضارة من سياسته التى تمادت فى عدوانها على هذه الدول إلى حد تمويل الإرهابيين ضدها بالمال والسلاح وفتح الملاذ لقادتهم فى قطر وغيرها، ومنحهم منابر إعلامية..إلخ. وبالتوازى مع هذا، ودون علاقات اشتراط، يجئ الموقف الأمريكى الجديد المتعلق بنقل قاعدة العيديد، والذى قد يكون الغرض منه مجرد ابتزاز تميم أو خليفته الذى يهيئ نفسه للقدوم من بعده، وهو كلام متسق مع تصريحات ترامب الموجعة لتميم باتهام صريح لقطر بأن لها تاريخاً فى دعم الإرهاب..إلخ
وعلى مسار آخر، يأتى احتضان لندن مؤتمر المعارضة لنظام تميم، بالوجود الرمزى لبعض المسئولين البريطانيين، بما ينطوى على موافقة بريطانية رسمية، خاصة مع إتاحة المجال هذه الأيام لنشر معلومات تثير بطبيعتها استفزاز الرأى العام البريطانى عن أملاك قطرية هائلة فى بريطانيا، منها أراضٍ تزيد على 22 مليون قدم مربع فى لندن وحدها، مع تحذيرات مثيرة لتخوف البريطانيين من أنه لابد لهذه الثروة القطرية أن تطمح فى التأثير على القرار البريطانى.
يبدو أن فلاسفة تميم ومستشاريه ونصحاءه لم يصل بهم علمهم، ولا خيالهم، إلى توقع هذه الانحناءة المُباغِتة له ولهم.
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: