رئيس مجلس الادارة
عبدالمحسن سلامة
رئيس التحرير
علاء ثابت
منذ أن أفاق التنظيم الفاشل من حلم التمكين من موقع الربانية واستاذية العالم على حقيقة الخواء الفكري، والسذاجة السياسية، وافتقاد الحكمة، والتصادم مع جميع مكونات الأمة المصرية، ففقد حكم مصر، وفقد معها المكان والمكانة فى العالم العربي. مع عزل الرئيس الاخوانى محمد مرسى بنقمة شعبية عارمة، دخلت مصر فى حالة من العاطفية، وحين تسيطر العاطفة على العقل يفقد الإنسان العقال، ويصبح كالجمل الهائج فى الصحراء لا يعرف وجهة ولا اتجاهاً، ولا يدرك إلى أين يسير، أو أين المصير. الحالة العاطفية التى تعيشها مصر يغلب عليها حب النظام مثل حب العاشقين الذين لا يرون فى الحبيب إلا الجمال كله، وهناك أيضا من يبغضه. وما بين الحب والبغض ضاعت الحقيقة وتاه قطاع من الشعب المصرى . فى حالة التوهان هذه هناك من يرى أن مصر تسير بسرعة الصاروح فى فضاء التقدم والازدهار، وهناك من يرى أنها تهوى فى وادٍ سحيق، وللأسف انقسم المثقفون والباحثون، فلا ترى تحليلاً واقعياً، ولا رؤية موضوعية، وإنما الجميع يتكلم بالعواطف والأهواء، وينتقى من الوقائع ما يؤيد وجهة نظره التى قررها قبلاً. وإذا إردنا أن نخرج من هذه الحالة وننظر فى الواقع بأكبر قدر ممكن من الموضوعية والحياد، لاستحالة الموضوعية الكاملة أو الحياد التام، هنا سنجد أنه منذ 3 يوليو 2013 وحتى اليوم تحقق فى مصر نجاحان كبيران، ولم يزل فيها إخفاقان يزدادان ويتعاظمان مع مرور الأيام. أما النجاحان فهما؛ أولاً: استعادة مصر مكانتها الدولية وقوتها العسكرية، و إسترداد ما أضاعه السادات وفرط فيه مبارك بإهماله وتجاهله، استطاع النظام المصرى الحالى فى فترة وجيزة جداً أن يعيد مصر إلى مكانها ومكانتها عالمياً، وأن يرمم ما انهدم من علاقاتها، ويعيد اللحمة لما تشقق من روابطها، وأن يجعلها فاعلا دولياً حاضراً، وأن يستخدم ذلك لإعادة بناء قوتها العسكرية بصورة تحقق الردع المطلوب لحماية الأمن القومى المصرى والعربي. والنحاح الثانى كان فى المجال الاقتصادى خصوصاً المشروعات المستقبلية الكبري، ففى أقل من عامين استطاعت مصر أن تؤمن الطاقة التى يحتاجها الشعب سواء الكهرباء أو الغاز بعد أن وصل الانهيار حداً غير مسبوق، وأوشكت منظومة الطاقة على التوقف، وبدأت مصر تدخل مجال المشروعات التنموية الكبرى التى قد لايرى البعض عوائدها السريعة إلا أنها حيوية وضرورية للانطلاق نحو المستقبل بخطى واثقة، بدونها سنجد أنفسنا بعد سنوات قلائل خارج التاريخ جملة وتفصيلاً، وهنا أقصد الطرق، ومحطات توليد الكهرباء العملاقة، ومشروع قناة السويس، واستصلاح الأراضى الزراعية، والدخول فى مجال الطاقة النووية، وإعادة تنشيط الصناعة المصرية….إلخ. ولعل السبب فى تحقيق الإنجاز الكبير فى هذين المجالين يعود إلى أن الجهات التى تشرف عليهما، وهى القوات المسلحة الوطنية ووزارة الخارجية المصرية؛ وهى من المؤسسات المصرية الراسخة التى تملك من التماسك الداخلى والمهنية ما لا يملكه غيرها، وكذلك يقل فيها الهدر والفساد والبيروقراطية بصورة كبيرة إذا قورنت بباقى مؤسسات الدولة المصرية؛ التى نخر فيها الفساد والفهلوة والانتهازية بصورة تجعل من إصلاحها معجزة تحتاج إلى فعل إلهى ليس فى طاقة ولا إمكانات البشر. أما الفشلان الكبيران ففى مجالى العدالة الاجتماعية والحريات العامة، فإذا نظرنا إلى ملف العدالة الاجتماعية بمعناه الشامل الذى ينطوى على قطاعات الخدمات التى يتم تقديمها للطبقات الفقيرة من الشعب، حيث لم تعد هناك طبقات متوسطة، فإما فقراء، وإما سكان المنتجعات، هذه الخدمات متدهورة منذ منتصف السبعينيات، سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو المواصلات، وهى الخدمات الأساسية التى يحتاجها الإنسان العادى فى مصر، فالتعليم وصل إلى أدنى مستوى عالمى ممكن؛ بحيث صارت مصر من أواخر دول العالم فى جودة التعليم، سواء الجامعى أو قبل الجامعي؛ رغم عمليات الخداع التى قام بها بعض تلاميذ الفيلسوف المصرى العظيم فهلاو؛ الذين يدعون كذبا أن جامعاتهم حققت تقدما فى تصنيف الجامعات العالمية، فللأسف صارت جامعات مصر تدار بمنطق العزبة التى تخدم أهداف رئيسها، وصار رئيسها يتسول بعض الجهات لإثبات حسن السير والسلوك علهم يرفعونه إلى وظيفة أعلى، ولم تعد جامعاتنا تنتج بحثا، ولا تخرج صاحب مهنة يستطيع التنافس عالميا بدون إعادة تعليم وتدريب. أما ملف الصحة والمواصلات فقد صارا باباً واسعاً لإرسال المصريين إلى الآخرة بأرقام كبيرة، فعدد الذين يموتون من حوادث الطرق وإهمال المستشفيات يفوق عدد من يقتلهم الإرهابيون فى جميع أنحاء العالم، ويعود السبب فى ذلك إلى توطن الفساد فى الجهاز الحكومى المصري، وكل المحاولات التى تقوم بها الرقابة الإدارية مشكورة لا تتناسب مع حجم الفساد الذى صار ثقافة مصرية خالصة، يتعبدون الله بها، يحجون ويعتمرون بمال حرام دون أن ترمش لهم عين. أما ملف الحريات، ففى حاجة إلى إعادة نظر بما يتناسب مع مقتضيات المرحلة والعصر الذى نعيشه، ويكفى أن نعرف أن مصر بدون حكم محلى منذ يناير 2011، وأنها بدون أحزاب، وبدون مجتمع مدني، ومجلس النواب به نواب غير مسبوقين سواء فى طبيعتهم وخلفياتهم وقدراتهم، أو فى سلوكياتهم البرلمانية التى لا تنم عن خبرة أو معرفة، أو حس وطنى تستوجبه اللحظة التاريخية التى يمر بها بلدهم. نجاحان ينبغى أن نثمنهما غالياً، وأن نعتز بهما، وفشلان لا يجب أن نقف عاجزين أمامهما، فمن صنع هذين النجاحين يستطيع أن يحول الفشلين إلى نجاحين. لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف;