حدث مهم بل بالغ الأهمية أن تشارك مصر ورئيسها فى قمة بريكس والأصداء الإيجابية التى تحملها الأنباء العالمية تمثل حلقة جديدة تضاف لحلقات التوازن التى تصنعها الجولات الرئاسية فى أنحاء العالم واستعادة الدور الذى غاب طويلا.. فهذه القمة فى معناها الأهم هى قمة إنقاذ العالم من الكوارث والأزمات التى ترتبت على هيمنة القطب الواحد وعدم وجود قوى دولية فاعلة تصنع توازنا وتوقف انفراد الولايات المتحدة وتنهى التدمير الذى ارتكبته بحق الشعوب والمجتمع الإنسانى ونالت منه المنطقة العربية النصيب الأكبر من مخططات التدمير وما أطلقوا عليه العنف الخلاق والحدود الدامية التى رسمت ونشرت خرائطها.
لقد تابعت هذه القمة منذ حملت اسم «بريك» فقط وقبل أن تنضم إليها جنوب إفريقيا 2010 ـ ورأيت من خلالها ما توقعته ـ أن يشرق مستقبل العالم وينقذ مما حل بشعوبه من كوارث ـ من هناك حيث بريكس أو الدول الخمس التى أدركت مدى الحاجة لتعدد الأقطاب وجعلت من النمو والازدهار الاقتصادى قاعدة لانطلاقها محققة أكبر نمو اقتصادى فى العالم وتشارك مجتمعة بأكثر من 22% من إجمالى الناتج العالمى ـ مرشحة بالطبع للزيادة وتشغل 26% من مساحة العالم وبها أكثر من 40% من سكانه وأنهت من خلال شبكات الأمان الاقتصادى بين دولها كل نفوذ لصناديق الهم والدين الدولى ومهمتها الرئيسية لربط الشعوب من أعناقها بالديون وفوائدها. ولا شك أن دعوة مصر للمشاركة يسبقها بالطبع إدراك لقيمة وتاريخ وجغرافيا هذا الوطن وأرصدته الحضارية والثقافية ودوره التاريخى مع دول عدم الانحياز والعلاقات الوثيقة والعميقة مع دولة صاحبة أصالة وحضارة مثل الصين واحترام وتقدير ثورة المصريين وشهادة إيجابية مع حسن إدارة أزمتها الاقتصادية والمستقبل الواعد الذى ينتظرها ـ وإن كانت هذه الشهادات يجب أن تترجمها إجراءات وسياسات مازالت غائبة عن أحداث بدايات تخفيف عن الملايين الأكثر ألما ووجعا والذين كانوا أكثر من تأثروا بالأزمات ودفعوا تكاليفها الاقتصادية والإنسانية.
السؤال الذى يفرض نفسه على النجاح والتقدير والمؤشرات الإيجابية الكثيرة لمشاركة الرئيس.. ماذا أعددنا لاستثمار هذا الحدث الكبير واستعادة العلاقات التاريخية والاقتصادية مع نادى الكبار اقتصاديا فى العالم الذى يضم البرازيل وروسيا والهند.. والصين وجنوب إفريقيا.. وقبلها هل سألنا كيف وصلوا باقتصاداتهم إلى ما وصلوا إليه وكيف تجاوزوا عقبات وتحديات وأزمات أضعاف ما نواجه وأضعاف موروث عشرات السنين عندنا من الفساد والإفساد.. وهل من الممكن أن نكون شركاء حقيقيين فى هذه القوة الاقتصادية العالمية بهذا المستوى من الأداء التنفيذى المترهل والرخو وعدم الجدية فى تطبيق القانون؟!! من اقتربوا من التجربة الصينية أجمعوا على أن السر يكمن فى تطبيق جاد وحازم لقوانين صارمة ومشددة.. وعلى جميع الصينيين بلا استثناء أو تمييز .. المسئول الكبير قبل أصغر مواطن.. هل يملك محافظ فى الصين أو فى دولة من الدول التى حققت هذه النجاحات أن يأخذ قرارا أحاديا بتغيير معالم محافظة ويهدم مبانى ومعالم أثرية صدرت قرارات بعدم إزالتها؟! هل يبقى مسئول هناك فى مكانه إذا طبق القاعدة المصرية الصحيحة «افعل كل ما تريد فأنت فى مصر».. ابن أو اردم النيل أو ألق فيه الصرف الصحى والصناعى واترك البحيرات تردم والأراضى الزراعية تجرف وابحث عن ثغرات فى قوانين كلها ثقوب..!! هل يستطيع مسئول حى أو قرية أو مدينة أن يبقى فى مكانه وأكوام القمامة تتحول إلى جبال؟!! هل يأتى ويرحل مسئول.. وزيرا كان أو محافظا أو رؤساء أحياء دون أن يحاسب عما أنجز وما لم ينجز.. بل فى الأساس هل يعين دون أن يمتلك ما يؤهله للمنصب غير الصلاحيات الأمنية؟! وهل يستطيع مسئول أن يجلس فى مقعده بعد أن سبقته سلسلة من الاتهامات والتحقيقات؟!! وينتشر فى الأسواق المبيدات المحظورة التى لا تتجاوز عقوبة غشها وتهريبها عشرة جنيهات، والشهادات تتوالى مما يحدث للمرضى فيما يطلق عليه تجاوزا مستشفيات . وفى التعليم والمدارس.. ما هو العائد المنتظر من هذا الأداء ومن فساد متجذر يقاوم محاولات الاصلاح ومجلس نواب غائب عما كان يجب أن يهتم به من غربلة للقوانين التى شرعت ويسرت الفساد ووضع القوانين التى تلائم ما حدث من تغيرات وتنهى قدرة المسئول أن يضع نفسه فوق القانون وفوق المواطن واستحقاقاته وفوق الحساب!! ولدينا فيما ارتكب بحق أموال المعاشات والتأمينات مثال فادح عندما ضم الوزير بطرس غالى أموال التأمينات إلى وزارة المالية لدعم موازنة الدولة، الجريمة التى مازال يعانى توابعها أصحاب هذه الأموال بينما يتواصل حتى الآن انتهاك كل ما صدر من أحكام قضائية لمصلحتهم وما نص عليه دستور 2014؟!! أليس واجبا وضرورة وفريضة أن نوفر كل ما يجعلنا داخليا قادرين على أن نثبت أننا نستطيع وأننا نستحق؟!! ولنكون جزءا من هذا الكيان الاقتصادى الناجح؟! أليس مطلوبا أن نوفر جميع المقومات التى قادت دوله الخمس ومن سينضم إليه ليصل إلى ما وصلوا إليه ـ جميل أن نشارك.. الأجمل أن نكون جادين فى استلهام وتطبيق روح ومقومات وأسباب النجاح.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: