رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ليبيا وفرص استعادة الاستقرار

تبذل مصر جهداً واضحاً على مختلف الأصعدة لدفع ليبيا نحو الأمن والاستقرار، انطلاقاً من أن الأمن الوطنى الليبى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى. وفى هذا الاطار، استضافت مصر أخيرا، وفدين ليبيين من برقة ومدينة مصراتة، فى خطوة مهمة ومكملة لاتفاق رأسى السلطة فى ليبيا، المشير حفتر وفايز السراج، الذى تم توقيعه فى 25 يوليو بوساطة فرنسية. وهناك عوامل عدة توفر مناخا مناسبا وظروفا ملائمة لدخول اتفاق باريس وبيان القاهرة حيز التنفيذ. أولها، أن تراجع خليفة الغويل، بعد هزيمة القوات الموالية له فى بلدة القربولي، شرق العاصمة طرابلس، واستمرار اختفاء سيف الاسلام القذافى وعدم بدئه حراكا على الأرض، يجعل من حفتر والسراج القوتين المهيمنتين على المشهد الليبى، ويجعل من التوافق بينهما نقطة البدء فى تحقيق الاستقرار السياسى فى ليبيا. ثانيها أن الاتفاق حظى بدعم قوى إقليمية ودولية مهمة وفاعلة فى مقدمتها فرنسا وروسيا ومصر والامارات. كما انه أنطوى على اعتراف غربى وفرنسى بالمشير حفتر كإحدى القوتين الرئيسيتين فى ليبيا بعد فترة من إنكاره وتجاهل تأثيره فى مسار الأحداث ومكافحة الارهاب فى ليبيا.

وإذا تصورنا «خارطة طريق» لتنفيذ الاتفاق فإن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد تكون هى الأقرب للتحقيق فى المدى القريب،وهى الخطوة الأولى باتجاه حل الأزمة لأنها ستوحد السلطة فى هيكل تشريعى وتنفيذى واحد. ومن الممكن إجراؤها فى مارس 2018 كما تم التوافق، يساعد على ذلك أن اللجنة العليا للانتخابات مشكلة بالفعل منذ إجراء انتخابات عام 2012. وتحظى اللجنة بقبول واسع النطاق وعلاقتها طيبة وجيدة مع جميع الأطراف السياسية فى ليبيا.

فى حين يبدوإدماج المقاتلين فى الجيش النظامى الليبى ونزع السلاح وتسريح المقاتلين الآخرين وإعادة إدماجهم فى الحياة المدنية أمراً سيستغرق وقتاً أطول ويحتاج إلى جهد أكبر، وقد يتحقق على مدى زمنى أبعد.

أما الجزء الأصعب فهو المتعلق بالسيطرة على الهجرة غير المشروعة، والذى كان أمراً صعباً حتى فى زمن القذافى، نظراً لسيطرة عصابات محترفة على هذه العملية. وكونها تعمل فى الخفاء الأمر الذى يصعب من عملية اكتشافها وملاحقتها.

إن اتفاق باريس وبيان القاهرة خطوة مهمة وجيدة باتجاه استعادة الدولة الليبية الموحدة القوية، واستعادة الليبيين لأمنهم، ولكنها تظل غير كافية بعد، فنجاح الاتفاق مازال هنا بعوامل عدة. أولها، التوافق أولا بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب لإصدار القوانين الانتخابية المتعلقة بانتخاب الرئيس والبرلمان. ويتعين أن يتزامن هذا مع قبول الأطراف الأخرى بالاتفاق والعملية الانتخابية، وهنا تبرز أهمية لقاء القاهرة. وإلا سيكون مصير الاتفاق الأخير كمصير اتفاق الصخيرات وذلك الذى حدث بوساطة إماراتية.

ثانيها، توفير التمويل اللازم للعملية الانتخابية، لأنها مكلفة وتتطلب مبالغ كبيرة الحجم نسبياً، إضافة إلى توفير الحد الأدنى من الأمن، لكى تقوم المفوضية بتنفيذ العملية الانتخابية.

ثالثها، مدى تعاون الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة وإيطاليا لانجاح الاتفاق، وقراءة الواقع بموضوعية. وتنتاب إيطاليا، صاحبة الدور المهم والتاريخى فى ليبيا، مخاوف من تهميش دورها وأن تكون الوساطة الفرنسية على حسابها. وينصرف ذلك إلى ما يسمى بـ«النقاط الساخنة» لمعالجة طلبات اللجوء وما تردد عن نية الحكومة الفرنسية إقامة هذه المراكز فى الداخل الليبى حيث تتخوف إيطاليا من أن تكون مجرد مظلة للتغلغل العسكرى الفرنسى فى ليبيا.

يزيد من هواجس روما أنها لم تستطع قراءة المشهد الليبى بموضوعية وانحازت للسراج على حساب حفتر ولذا فهى تخشى التهميش الآن لأنها لن تكون وسيطا مقبولا تماما من جانب حفتر خاصة بعد المواجهة بينهما التى أعقبت قرارالبرلمان الإيطالي، يوم 2 أغسطس، بشأن خطة إرسال قطع بحرية إيطالية إلى ليبيا، للحد من عبور المهاجرين البحر المتوسط باتجاه أوروبا، والتى أشاعت التوتر فى علاقة روما والمشير حفتر الذى رأى فى القرار انتهاكاً للسيادة الليبية، وانه جاء فى توقيت كان من المفترض أن تتجه فيه إيطاليا نحو الانفتاح على رأسى السلطة فى ليبيا ودعم اتفاق باريس بينهما.

كما يعتبر الموقف الأمريكى أيضاً مهما،ومن شأن ضوء أخضر من واشنطن أن يٌسرّع مخرجات اتفاق باريس نحو الدفع قدماً لإنهاء الأزمة الليبية. ومن المهم أيضاً الضغط على الأطراف الإقليمية، قطر وتركيا، للقبول بالاتفاق، وأن تقوم بدورها بالضغط على الأطراف التابعة لها فى الداخل الليبى لقبوله.

إن إدخال اتفاق باريس وإعلان القاهرة حيز التنفيذ وتحقيق الاستقرار فى ليبيا، يتطلب إرادة سياسية توافقية بين الأطراف الليبية ودعم من الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة فى الأزمة، وهو أمر ممكن ولكنه يحتاج إلى جهد من جانب القوى الداعمة، وفى مقدمتها مصر.

لمزيد من مقالات د.نورهان الشيخ;

رابط دائم: