رئيس مجلس الادارة
عبدالمحسن سلامة
رئيس التحرير
علاء ثابت
التقيت فى الأيام الماضية دبلوماسيا مصريا رفيعا فى إحدى اللقاءات الخاصة وكان عائدا للتو من روسيا الاتحادية حيث دار بيننا نقاش طويل ومعمق حول طبيعة ومستقبل العلاقات المصرية ـ الروسية خاصة أننى مثل كثيرين مازالوا لا يفهمون غموض سيد الكرملين فلاديمير بوتين بشأن سقف علاقاته مع مصر والحضور المصرى على خريطة دينامية السياسة الخارجية الروسية فى منطقة الشرق الأوسط والعالم. الدبلوماسى المصرى الذى عرف عنه بعلاقات وثيقة مع الروس باعتبار أن هذا الملف ملعبه وخصوصية الاتصالات والتحركات المعلنة وغير المعلنة فى صميم عمله واهتمامه الأول واستطاع لعدة سنوات أن يفهم العقلية الروسية سواء فى الكرملين أو الخارجية الروسية كان ومازال له آراء إيجابية على الأقل فيما يتعلق بعودة السياح الروس إلى مصر بعد حادثة الطائرة الروسية فى أكتوبر عام 2015 فى شرم الشيخ ناهيك عن قضايا سياسية واقتصادية أخرى حيث التعاطى الروسى معها مازال غير مرض وبالتالى لا تتناسب نجاحات واختراقات كانت متوقعة فى العلاقات بين البلدين بعد ثورة 30 يونيو حيث كانت الغالبية منا تعتقد أن روسيا عائدة لمصر بقوة وستكون الحليف الأول وربما قبل أمريكا أيام حكم باراك أوباما وستماثل فترة ازدهار العلاقات فى الستينيات وأوائل السبعينيات. كان تأكيده بضرورة الصبر وانتظار عودة السياحة الروسية لمصر ومنتجعاتها فى شرم الشيخ والبحر الأحمر متفائلا أعدت عليه السؤال أكثر من مرة أتساءل كيف لا يحدث هذا والأمر تأخر ومصر استجابت لكل المطالب الروسية ودول أوروبية أخرى ووفرت ضمانات أمنية من المطارات والرعاية الأمنية للجميع تتفوق فيها وبها على عواصم إقليمية وربما عالمية أخرى كانت وأصبحت بكثافة مقصداً سياحياً للروس وغيرهم. فهمت من حديثه ورسائله المستترة التى لم يرد أن يفصح عنها صراحة أن القيصر بوتين أعطى إشارات إيجابية للأجهزة الأمنية ومؤسسات السياحة الروسية وكذلك السياح الروس بعدم تجاهل المقاصد السياحية المصرية وأن الحضور إلى شرم الشيخ أو الغردقة سيكون فى مقدمة اهتمامات بوتين حيث برغم أن هناك أماكن أخرى حاليا فى آسيا الوسطى وأخرى فى أوروبا تستغرق نفس توقيت الحضور بالطائرة الروسية إلى مصر وتلقى تشجيعا من الشركات الروسية بل وتروج لسائحيها بزيارتها وكلما ازداد سؤال وإلحاح السائح الروسى لحكومته وأجهزته برغبته بزيارة مصر خاصة شرم الشيخ والغردقة سرعان ما يتم طمأنته أن الأمر يتطلب التريث بعض الوقت حبث هناك بعض النقاط النهائية يتم معالجتها مع السلطات المصرية قريبا. ولكنه عاد ليخبرنى بأن كل هذا وتلك اللجان كان ومازال جزءا من التكتيك الروسى، هم فى موسكو يرون فى مصر دولة عائدة بقوة للشرق الأوسط وأن هناك دولة جديدة بعد 30 يونيو وقيادة جديدة تحظى بنجاح وشعبية وتوافق جماهيرى بلا حدود فى الشارع المصرى ممثلة بشخص الرئيس السيسى وهذه القيادة حددت ثوابت جديدة لعلاقات مصر الخارجية عبر دينامية جديدة لا تخضع فيها لإملاءات أو ضغوط بل قرار الدولة والرئيس فيها حر ومستقل لا يضع البيض المصرى بأغلبيته فى السلة الأمريكية أو الروسية بل تقف مصر فى عهد السيسى حاليا على مسافة واحدة وقريبة من كل دول العالم وبالتالى هذا سهل وفتح أفقا سياسيا ودبلوماسيا طويلا وممتدا لعلاقات مصر مع الجميع دون تمييز أو أفضلية لدول بعينها مثل الولايات المتحدة الأمريكية.وبالتالى باتت هناك درجة كبيرة من الوثوق فى مصر. وبالتالى مثل هذا النهج المصرى طمأن الروس والقيصر بوتين الذى كان يعتقد بعد ثورة 30 يونيو أن مصر ستعود منكفئة وربما مستسلمة ولا أقول خاضعة لسلطة القرار أو الغطاء الروسى بعيدة عن الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالى ستكون لروسيا أهداف ومصالح حيوية واستراتيجية يمكن إقامتها أو تمريرها فى منطقة الشرق الأوسط عبر مصر باعتبارها الدولة المركزية والمحورية فى المنطقة وتتمتع بثقل سياسى كبير فى المنطقة بما لها من تاريخ وحضور حتى لو تعرضت فى بعض الأوقات للانكفاء والانغلاق على الداخل مثلما كان الحال فى عهد مبارك ولكن سرعان ما تنهض من جديد. وستكون على حساب علاقاتها ومصالحها الجديدة مع روسيا. وهذا كان مضمون خطة وطموح القيصر بوتين لتمتين علاقاته فى المنطقة عبر مصر مثلما كان ومازال يفعل فى علاقات روسيا مع إيران وسوريا حاليا ومن حين لآخر مع تركيا حيث العودة والسيطرة والتموضع الروسى فيها ومعها ملحوظ ولكن وجد أن هناك ندية واختلافا إيجابيا فغير تلقائيا إستراتيجية نهجه مع مصر التى كانت ولاتزال ترى بعلاقات وشروط متكافئة لطبيعة وقواعد اللعبة السياسية مع روسيا . وبالتالى يجب أن ننسى طويلا قضية تأخير عودة السياحة الروسية وأن نتوقف عن جلد الذات أو التوسل طويلا أمام الروس لعودة سائحيهم لأنها ستعود تدريجيا بل يجب أن نبحث عن بدائل أيضا لسياح من أوكرانيا وآسيا ودول ما يعرف بأوروبا الشرقية سابقا وفاجأنى بالقول حتى السياحة الروسية إلى تركيا لن تعود بنفس المستوى والأعداد فهناك حسابات سياسية لبوتين مع تركيا أردوغان ولكن بطريقة مختلفة عنا فى مصر حيث علاقتنا معه هى الأفضل من تركيا وهناك خصوصية ومصداقية فيها عن تركيا فى تقديرى أن رد الدبلوماسى المصرى هو أبلغ وأجرأ رد لعموم المصريين بسرعة التخلى عن وهم عدم عودة سائحى القيصر للسباحة فى شرم الشيخ وألا نصدق بعض الرسائل الخبيثة من أطراف فى المنطقة المتعمدة فى توقيتات معينة لضرب مصالح وأهداف مشتركة بين البلدين، فالسياحة والسائحون الروس فى مصر قريبا بل علينا أيضا استمرار العلاقات بنهجها الحالى من أجل استغلالها لإقامة محطة الضبعة النووية للاستخدامات السلمية والتعاون مع روسيا سياسيا لإنقاذ سوريا والشعب السورى لتمرير هدن هناك من حين لآخر. لمزيد من مقالات أشرف العشري;