لا جديدَ فى وعد وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى عن استهداف القضاء على كارثة الدروس الخصوصية، فقد قالها كلّ من تولى المسئولية قبله! ولكنه أصاب حقاً عندما أعلن عن التزامه بعدم اتخاذ أى قرار إلا بعد دراسة وحوار مجتمعى. والحقيقة أننا فى أمسّ الحاجة إلى تعزيز قاعدة إجراء حوار مجتمعى حول الكثير من القضايا قبل البتّ فيها بقرار.
هذا الكلام هذه المرة يُبشِّر بأمل فى إمكانية التوصل إلى بداية سليمة لإمساك طرف خيط قضية تعاظمت تبعاتها بعد أن مسَّت ملايين التلاميذ وأسرهم، ومعهم جيش هائل من المعلمين، تصل أعدادهم فى بعض الإحصائيات إلى نحو مليون ونصف المليون معلم، ولم يعد هنالك من يجادل فى أن الأغلبية منهم تعطى دروساً خصوصية، برغم أنها مُجرَّمة قانوناً. ومن تعقيدات القضية، أن الظاهرة سادت واستقرَّت عبرَ عقود حكم مبارك وبات جميع الأطراف يتعاملون معها وكأنها من طبائع الأشياء، بعد زمن كان التلاميذ فيه يعايرون زميلهم إذا لجأ إليها، وكان المعلم يداريها كتهمة مشينة! ثم جاء عهد مبارك ليتفرج المسئولون الكبار على انهيار العملية التعليمية، ولتصير المدرسة، عملياً، مصيدة للزبائن من التلاميذ يأتون بأنفسهم بدلاً من أن يبذل المعلم جهداً فى البحث عنهم وسط زحام السكان. ثم نأتى لنقطة شديدة الأهمية، وهى أن هنالك مكاسب موضوعية قد تحققت للمعلمين عبر عقود، وليس من المتوقع من هؤلاء أن يستجيبوا بسهولة لسياسة جديدة تنتقص من مكاسبهم، فى ظرف لم تعد الرواتب الرسمية توفر الحد الأدنى، ومن المؤكد أن اللجوء للعقوبات لن يجدى. كما أن التلاميذ أيضاً صاروا بالفعل فى أمس الحاجة إلى عون إضافى بعد أن كفَّت المدرسة عن القيام بما كانت تقوم به فى السابق خير قيام.
ليس من المأمول من الحوار المجتمعى أن ينزلق فى إدانات وشجب، وإنما أن يراعى الواقع بتعقيداته وأن يتبين السبيل الذى يحقق مصالح جميع الأطراف، وأهمها إصلاح واقع المعلمين بعد أن فقدوا مكانة مرموقة كان يتمتع بها زملاؤهم القدامى.
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: