لم يصدمنى الأداء المتواضع للفرق المصرية المشاركة فى البطولة العربية لكرة القدم أمام نظرائها من الدول العربية، بل توقعته لأننى أتابع أداء فرق ومنتخبات دول الخليج العربى فى البطولات الآسيوية خاصة أمام منتخبات قوية مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان أو استراليا، حيث تعلموا وتقدموا وبقينا «محلك سر» على مدى أكثر من 40 عاما.. نجحوا فى تطوير نظم التعليم لديهم، وأصبح الجيل الجديد من الخليجيين من أكثر العرب وأرقاهم تعليميا وتثقيفيا، وبعد أن كانوا يأتون إلى مصر ليتلقوا تعليما راقيا، تدهور التعليم لدينا فتركونا وذهبوا إلى سنغافورة وماليزيا واستراليا وأمريكا، بل أسسوا نظما تعليمية وجامعات محلية وأجنبية أرقى بكثير مما لدينا وأكثر انضباطا بعد أن تحولت جامعاتنا ومدارسنا الحكومية والخاصة إلى المتاجرة بالتعليم واستغلالها فى ابتزاز حاجة الأسر إلى إلحاق أبنائهم بمستوى تعليمى يأملون فى أن يكون راقيا.
وفى الطب والعلاج، تدهورت مستشفياتنا العامة والخاصة ولم يعد يأتى إلى العلاج بها الأشقاء العرب الذين اعتبروها فى الماضى «قبلة» لهم لتلقى العلاج الراقى من علماء حقيقيين وليس مدعى علم، حتى أصبحنا لا نطيق دخول المستشفيات حتى لزيارة صديق أو قريب من فرط قذارتها، ولا نتحدث عن سوء المعاملة والسلوك القبيح للعاملين والممرضات وغيرهم، فضلا عن تدنى الخدمة الطبية والمغالاة فى أسعارها.
وبعد أن كان العرب يقلدون مصر فى الكرة ويطلقون أسماء الأندية المصرية على فرقهم، تقدموا وتطوروا كثيرا فى كرة القدم وتفوقوا على الفرق المصرية فى الأداء والانضباط والفنيات، ولو ظلت منظومة التقدم التى بدأت فى مصر منذ عهد محمد على باشا الرجل المتنور الذى وضع مصر على طريق التحضر، أو حتى منذ ثورة 23 يوليو ومسيرة الإصلاح والتصنيع التى بدأها جمال عبدالناصر لبقيت مصر تقود المسيرة، وتقدم نموذجا للدول العربية والإفريقية الأخري، وتفوقت على كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرهما، ولكن لأننا ورثنا عادة هدم كل إنجاز للسابقين و«تصفير» العداد والبدء من «الزيرو» مع كل زعيم ووزير جديد، فإننا نتقدم خطوة ونتأخر خطوات، ومن فضلك لا تقول لى إن لديهم الثروة والمال ونحن فقراء.. لأننى أعتقد بأننا أغنى منهم، ولكن الفساد وغياب العدالة والشفافية والمحاسبة الدقيقة يكاد يقضى على كل شيء!.
لمزيد من مقالات منصور أبو العزم; رابط دائم: