رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أسئلة كيجان لترامب.. والموقف المعيارى فى الأزمة القطرية

من وجهة نظر اليمين المحافظ، طرح فريدريك كيجان، الباحث المعروف فى معهد أمريكان إنتربرايز، 6 أسئلة حول الاستراتيجية الأمريكية والتهديدات المتزايدة فى الشرق الأوسط ويقول إن الولايات المتحدة فى حالة حرب فى سوريا والعراق وأفغانستان وأماكن أخرى تواجه داعش والقاعدة وغيرهما من الجماعات السلفية الجهادية لكن الاستراتيجية الأمريكية، وخاصة فى سوريا، غير متماسكة ومتناقضة داخليا ويوضح: «فى وقت يطالب الناس بالرد على أسئلة حول الفضائح المحلية، يجب علينا أيضا أن نطرح إجابات ستة أسئلة رئيسية حول كيفية تأمين أمريكا لشعبها ومصالحها ضد التهديدات الكبيرة والمتنامية من الشرق الأوسط». والأسئلة هي: كيف سنهزم داعش؟ كيف سنهزم تنظيم القاعدة؟ كيف يمكن أن نضمن أننا لن نضطر إلى محاربة «ابن داعش» أو «ابن القاعدة» فى المستقبل؟ كيف سنحتوى إيران؟ كيف سنتعامل مع تركيا؟ وكيف يمكن تقليص النفوذ الروسي؟

لو استعرضنا أسباب القلق، من وجهة نظر أمريكية، سنجد تفاصيل ربما تقودنا إلى محاولة فهم هل ما نراه اليوم يقود إلى استراتيجية أكبر للتعامل مع أزمات الشرق الأوسط أم أنها مجرد «تكتيكات» وقتية لمواجهة المتغيرات على الأرض.

نلخص ما قاله كيجان فيما ما يلي:

- هناك تقدم مطرد فى الحرب ضد داعش واستعادة القوات العراقية للأرض فى الموصل والأكراد يتقدمون فى سوريا فى وقت تنهار داعش بعد أن فقدت الموصل والرقة فى سوريا.

- تتناقض التقييمات التى أجراها معهد دراسة الحرب the Institute for the Study of War مع هذا الرأى. فلا يزال تنظيم داعش يسيطر على دير الزور، وهى مدينة كبيرة فى جنوب شرق الرقة، نقلت إليه بالفعل القيادة والموارد. ولا يمكن للأكراد أن يتقدموا إلى أقصى الجنوب عبر الأراضى العربية. لا يوجد تصور لما بعد «الرقة» وهل سيؤدى إلى تطهير بقية وادى نهر الفرات من عدمه!

- غموض الموقف من القدرة على هزيمة تنظيم القاعدة. فقد ركزت الولايات المتحدة على داعش فى سوريا، ولم تتخذ سوى القليل من الإجراءات ضد الميليشيات القوية المرتبطة ارتباطا وثيقا بتنظيم القاعدة. وقد أعادت الجماعة التابعة للقاعدة فى سوريا تغيير نفسها، لكنها لا تزال جزءا من تنظيم القاعدة وتسعى إلى تحقيق نفس الأهداف المتمثلة فى إقامة الخلافة العالمية وتتحكم فى محافظة إدلب فى شمال غرب سوريا.

- النجاح العسكرى ضد هذه الجماعات لن يحل المظالم السياسية الكامنة التى هيأت الظروف لتقدم داعش والقاعدة. لكن الولايات المتحدة لم تفعل بعد بما فيه الكفاية لمعالجة هذه المشكلة سواء سوريا أو العراق. ويشير الفشل فى تشكيل قوة عربية سنية محلية كبيرة فى سوريا إلى أن العرب السنة لا يعتقدون أن مظالمهم ستعالج. السؤال: ماذا تفعل الولايات المتحدة للضغط على الأسد والحكومة العراقية لحل الأزمات السياسية التى سمحت بتوحش داعش والقاعدة؟

- إيران أقوى عسكريا من أى وقت مضي. عشرات الآلاف من القوات الإيرانية، بقيادة عناصر من الحرس الثورى وفيلق القدس تساند بالوكالة القوات النظامية السورية والتخلص منها دون أى بدائل من شأنها أن تفتح الباب أمام تنظيم القاعدة وتوسع داعش. من التناقضات الصريحة، تعتمد واشنطن على الانتشار غير المسبوق للقوة العسكرية الإيرانية لمواصلة حملتها المناهضة لداعش. فكيف يمكن أن تعتمد أمريكا على جيش تسيطر عليه إيران فى سوريا مع طرح مسألة احتواء القوة العسكرية الإيرانية فى المنطقة؟

- الدعم الأمريكى غير المقيد للأكراد فى سوريا يدفع الولايات المتحدة بشكل مطرد نحو الصراع مع تركيا، فهل ستقوم واشنطن بنشر قوات لوقف الأتراك عن مهاجمة حلفائها الأكراد؟

لو تأملنا التعقيدات السابقة.. سنخرج باستنتاج أن غياب الاستراتيجية المتماسكة- فى واشنطن وفى العواصم العربية- وعدم التنسيق مع الأطراف الفاعلة سيجعل الشرق الأوسط يدور فى حلقة مفرغة إلى ما لا نهاية!

-------

ما طرحه كيجان يدعونا إلى أن نفكر فيما ننتظره مما يجرى اليوم من ترتيبات فى منطقة الشرق الأوسط.. وهل يمكن أن نضع على مائدة الدول الكبرى أسئلة مماثلة عن مخاوفنا من اتساع رقعة الطائفية فى المنطقة العربية فى ظل غياب «الاستراتيجية» اللازمة للتعامل مع الأوضاع الحالية فى مقابل وجود مجرد «تكتيكات» وقتية. قبل 2500 سنة، قال أستاذ العسكرية الصينى صن تزو فى مؤلفه «فن الحرب» إن «الاستراتيجية بدون تكتيكات هى أبطأ طريق للفوز.. والتكتيكات دون استراتيجية هى الضجيج قبل الهزيمة». غياب الرؤية الاستراتيجية فى واشنطن يبدو واضحا فى التعامل مع أزمات أخرى مثل الموقف المصري-الخليجى من قطر وفرض شروط على الدوحة أولها التوقف عن دعم الجماعات الإرهابية- وهو مطلب أساسى لإدارة دونالد ترامب من اليوم الأول لوصوله للحكم- إلا أن ما وراء الكواليس يشى بأشياء كثيرة عن مواقف الولايات المتحدة حيث تنقسم المؤسسات الأمريكية ما بين التشدد والتراخى فى مواجهة قطر باتهامات دعم الإرهاب من واقع ما يربط الدوحة وواشنطن من صلات وثيقة.. وقد كان ممكنا أن يحدد البيت الأبيض «موقفا معيارياً» من الأزمة يتوافق مع السياسة الجديدة الرافضة لدعم دول بعينها «كيانات إرهابية خارج الدولة». ما سيجرى مع قطر ربما سيترك أثرا على مجمل القضايا المطروحة فى مقدمة المقال، بمعنى لو أن الاتفاق على تعريف الإرهاب والجهات الداعمة له وكيفية مواجهة التمويل المتدفق على الجماعات الدموية فى حالة قطر اليوم، فإن القدرة على بلورة استراتيجية أو رؤية شاملة للوضع فى منطقة الشام والعراق، واليمن أيضاً، ستصبح أكثر قابلية للتحقق فى المستقبل ودون أن تنفرد واشنطن أو الدول الكبرى وحدها بتحديد سيناريوهات الحل!


لمزيد من مقالات عـزت إبـراهـيم

رابط دائم: