رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بهاء طاهر واحسان عبدالقدوس
يعيدان الأصالة للدراما التليفزيونية

علا الشافعى

«واحة الغروب» ..عمل ساحر .. وتألق النبوى ومنة شلبى فى أداء راقى ومتناغم ..و «لاتطفئ الشمس» يحتفى بالحب والعلاقات الإنسانية

يشهد رمضان هذا العام وجود عملين دراميين مأخوذين عن نصوص أدبية الأول هو «لا تطفئ الشمس «للأديب احسان عبد القدوس والثانى هو «واحة الغروب» للروائي بهاء طاهر.. وهما العملان اللذان حققا نسبة مشاهدة عالية حتى الآن، رغم اختلاف النصين والأجواء الذي تدور فيه .. وإذا كان لا تطفئ الشمس يدور في إطار اجتماعي رومانسي حول اسرة مصرية تنتمي للطبقة فوق المتوسطة ويرصد العمل العلاقات بين افراد العائلة، وايضا القصص العاطفية التى يعيشها كل منهم إلا أن «واحة الغروب «يدور في أجواء ساحرة شديدة التميز كما انه يطرح العديد من التساؤلات الفلسفية الوجودية ويناقش العلاقة مع الآخر..

.................................................................

في روايته «واحة الغروب» والتى تم تحويلها الي مسلسل تليفزيونى يقوم ببطولته خالد النبوى ومنة شلبي وعدد كبير من الفنانين وإخراج كاملة ابو ذكري وانتاج العدل جروب) وهو أحد رهانات أهم الاعمال الدرامية التى تعرض في رمضان 2017 ) و تدور احداثه في واحة سيوة، إحدى واحات صحراء مصر الغربية، لتكون مسرحاً لأحداثه، حيث يغوص بهاء في تاريخ الواحة حتى السنوات الأخيرة من القرن الــ 19، ويفتح لنا نافذة نطل منها على مجتمع شديد التعقّد بحدوده وعاداته وطبقاته، يمثّل مادّة خاماً شديدة الثراء لهذه الرواية، وعبر فصول الرواية، نرى مجتمعاً أنهكته الحدود والأسوار..والصراعات الحدود العشائرية تقسمه إلى عشيرتين كبيرتين، الشرقيين والغربيين، لم تنقطع بينهما الحروب عقوداً طويلة، تهدأ أحياناً حقباً قليلة مشحونة بالتوتر من الجانبين، ثم تندلع نارها ثانية مع أقل شرارة. .والحدود الطبقية تقسم هذا المجتمع إلى فلاحين وسادة أو زجالة وأجواد حيث يملك الأجواد الأرض والبساتين، ويسكنون في البلدة الكبيرة، ويتحكمون بقراراتهم في كل صغير وكبير من شئون الواحة وأهلها. أما الزجالة فهم مجندون للعمل في فلاحة الأرض. يعملون وينامون في البساتين، وممنوع عليهم دخول المدينة وعبور أسوارها بعد غروب الشمس.

ورغم الخلاف الذي لا يهدأ بين عشيرتي الواحة، وما خلفه من أحقاد دفينة، تدفعهم الحاجة إلى التوحد حيال خطر أكبر يأتيهم من الخارج، هذا الخطر هو الحكومة ورجالها ومحاولاتها فرض سلطانها عليهم.. فالواحة التي عاشت على مر قرون، أرضاً مستقلة لا تخضع لأي دولة أو قوة خارجها، تقاوم خضوعها لسلطان الدولة المصرية. ترسل الحكومة جنودها ورجالها، فيثور أهل الواحة عليهم، ويمتنعون عن دفع الضرائب، ويلهب الإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر في ذلك الوقت هذا الخلاف، فتتسع الهوة، ويستحيل على الطرفين التوصل إلى حل أو اتفاق.

تلك الرواية الصعبة والتى تتعدد فيها مستويات السرد .. استطاعت أن تحولها كل من مريم ناعوم وهالة الزغندي الي دراما تليفزيونية لافتة وشخصيات من لحم ودم وحوار شديد التميز، صاغته المخرجة كاملة ابوذكري في صورة بصرية شديد الثراء والاختلاف بفضل العناصر الفنية التى وصل بعضها لحد الإبهار في الأزياء لريم العدل والديكور والاشراف الفنى للمبدع فوزي العوامري، والمونتاج والاضاءة والتصوير لنانسي عبدالفتاح والموسيقى لتامر كروان.. وهي الحالة الفنية التى انعكست علي أداء كافة الفنانين المشاركين في العمل والذين ظهروا في افضل ادوارهم بدءا من نجم العمل خالد النبوي والذي أعتقد بأدائه الواعي المدروس يحلق بعيدا ويغرد في منطقة ابداعية خاصة .. بتجسيده لشخصية «محمود عبدالظاهر».. حيث حولها لشخصية ساحرة تأسر القلب والعقل معا وتجعل المشاهد يتماهى معها،وأيضا النجمة منة شلبي والتى بدت ناضجة ومختلفة تماما في دور «كاثرين» الأيرلندية بطلة العمل .. وتمكنت «منة»، من الإمساك بكافة تفاصيل الشخصية ولم يفلت منها الأداء والذي جاء موزونا طبقا لتطورات الشخصية (راجع كيف حافظت علي إيقاع نطقها وتعلمها للعربية والتى كانت تنطقها في البداية بطريقة مكسرة، وصولا الي إجادة جمل منها حتى أصبح عليها من السهل ان تعبر وتشرح نفسها من خلالها ).

محمود وكاثرين بدقة وهما شخصيتان تختلفان مقدار تشابههما، وتتحركان بين جانبي طيف واسع من المتناقضات، منذ الفصول الأولى نعرف أن محمود يعيش أسيراً لماضيه، تعذبه أخطاؤه، ويود دوماً لو كان أرقى، لكنه يَعلق بهذا الماضي الذي لا يرضى عنه، دون أي جهد حقيقي لتغييره، أو إغلاق ملفاته القديمة والبدء من جديد، لذلك نراه منذ بدء الرحلة إلى الواحة يتحدث كثيراً عن الموت،_ ( تيمة الموت حاضرة بقوة في أدب بهاء طاهر دائما هناك بطل يبحث عن الخلاص ويتساءل عن فلسفة الوجود )_ فروحه اليائسة ترى أن الموت هو الخلاص الوحيد المحتمل.

وتألق نجمي العمل لا يختلف كثيرا عن النجوم المشاركين وتوظيفهم الفنان أحمد كمال وسيد رجب ومعظم المشاركين بمافيهم من جسدت دور الجارية نعمة ومليكة وغيرهم .

ولم تكن واحة الغروب هي النص الأدبي الأول الذي تم تحويله إلي عمل تليفزيوني للكاتب المبدع بهاء طاهر والذي احتفل بعيد ميلاده الـ 82 في الاسبوع الماضي بل سبق وتم تحويل روايته «خالتى صفية والدير» إلي عمل تليفزيوني حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه وقام ببطولته النجم المبدع الراحل «ممدوح عبد العليم «والنجمة «بوسي» وهو العمل الذي جعل شخصيات الرواية والعمل التليفزيونى «حربي» و«صفية» «والمقدس بشاي» تحولت إلي ايقونات محفورة في الوجدان الشعبي تماما مثل النقدي والأدبي.

رغم صعوبة الرواية والتى تبلورت فيها مهارة بهاء طاهر السردية، حيث يرويها صبي، على طريقة الراوي العليم، ونستطيع من خلالها أن نتعرف الى أدق التفاصيل في عالم الصعيد بين طبقاته وشرائحه المختلفة، بخاصة بين الأقباط والمسلمين، ودور الدير في حماية بطل العمل، «حربي»، من بطش قريبه الباشا.. هي رواية ونص بديع عن الحب والكره والموت عن تناقضات الحياة والمجتمع، وجميعنا لا نزال نتذكر «حربي».. والذي أصبح هو ممدوح عبدالعليم والذي «قفل» الشخصية بقوة أدائه وإحساسه العالي لكافة مفردات الشخصية ويصعب ان نتخيل ممثلا اخر في نفس الدور مسلسل «خالتى صفية والدير»، الذى أنتجه قطاع الأخبار واستمر إنتاجه من 1993 وحتى 1994 وهو العمل الذي صور أيضا بالأماكن الحقيقية ومنها دير «مار جرجس» بقرية المحروسة أو قرية «البلاليص»، كما أطلق عليها سابقا لاشتهارها بصناعة الفخار، والتى تقع على بعد 15 كيلو جنوب محافظة قنا والمعروف عنها فى ذلك الوقت أنه قرية خالية من الإمكانيات ووسائل الراحة.

وإذا كان احسان عبد القدوس صاحب الصوت الأعلي في السينما المصرية، حيث تم تحويل الكثير من نصوصه الأدبية الي أعمال سينمائية لا تزال تمتعنا حتى الآن وفي كل مرة نشاهدها وهو ما نجح فيه أيضا الكاتب والسيناريست تامر حبيب.. الذي يعشق عالم احسان عبدالقدوس، وهو ما ساعده علي تحويل لا تطفئ الشمس الي نص تليفزيونى له بريق خاص.. يحمل توقيع المخرج محمد شاكر خضير المسلسل يقدم العديد من الخطوط الدرامية لقصص حب تتشابك وتلتقي وتتباعد وأجمل مافي الخطوط الدرامية بالعمل استعادة الأم لعلاقتها بحبيبها القديم وكيف أن ابنتها تجسدها امينة خليل هي الشاهد علي تلك المشاعر بكل تحولاتها وفي نفس الوقت علاقة الابنة نفسها بزميل دراستها محمود يجسده عمرو عابد وهو الشاب الذي ينتمى الي طبقة اجتماعية اقل ودائما محبط وتحركه الكثير من العقد وكيف وقفت الام إلي جانب ابنتها حتى تحررت من اسر تلك العلاقة ودخلت في علاقة اكثر صحية ويضم المسلسل ايضا عددا من الأدوار اللافتة للانتباه ومنها مي الغيطى واحمد مالك والذي يملأ الشاشة حيوية بمجرد ظهوره وشيرين رضا .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق