رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أهالينــــــــا فـــى المنيـــــــــا.. انتبــــــــــــــــــــاه!

الأسبوع الماضى.. استعنت بالمصطلح العسكرى «انتباه» فى مواجهة حرب تغييب رهيبة.. قائمة على مصر بالتزامن مع الحرب الإرهابية فى سيناء!.

واليوم أتسلح بانتباه فى مواجهة استماتة جماعات التكفير الإرهابية التابعة للجماعة.. لأجل أن تبدأ الفتنة الطائفية من المنيا تحديدًا!. أتسلح «بانتباه» لأن المعرفة أقوى سلاح فى مواجهة العقول الممسوحة والأكاذيب المفضوحة!.

أقول لأهالينا فى محافظة المنيا: كفانا غفوة .. انتباه!.

انتباه.. لأن المنيا ليست أى محافظة. وأرضها ليست ككل أرض.. ولأن المنيا.. أرض أنبياء.. وقبلة تسامح ونبع وطنية!.

أتكلم عن المنيا.. وقت عرف التاريخ مصر قبل التاريخ بتاريخ.. ليتذكر أهالينا فى محافظة المنيا اليوم.. أنهم من ظهر عظماء حفروا مكانًا ومكانة فى التاريخ!. ليتذكروا أن المنيا أرض سلام لا فتنة ومحبة لا كراهية!. ليعرفوا إن كانوا نسوا.. أن المنيا مهد التوحيد لإله واحد قبل الزمن بزمان!. ليتذكروا أن محافظتهم المنيا صاحبة النسب والمصاهرة مع سيد الخلق وخاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

بعد هذه المعرفة.. يأتى السؤال: الأرض التى سار عليها سيدنا إبراهيم أبوالأنبياء.. كيف يتركها أهالينا فى المنيا.. مباحة متاحة للأفكار المريضة!. كيف يستسلم خمسة ملايين نسمة هم تعداد المنيا.. لبضع مئات أو حتى ألوف.. من جماعات التكفير والإرهاب؟.

أنا لا أبحث عن إجابة للسؤال الآن.. إنما أدعو أهالينا فى محافظة المنيا.. لمشاركتى حوارًا أظنه الأهم.. دار مع صديق هو أستاذ وباحث متخصص فى التاريخ.. الأستاذ أسامة أبوالعباس أحمد.. خلاصة الحوار.. مجموعة نقاط كلها وقائع وحقائق تاريخية مثبتة.. لابد أن نُمْسِكَ عليها وننتبه لها ونتسلح بها.. فى مواجهة إرهاب الفتنة الطائفية!.

< انتباه.. لما جاء فى القرآن الكريم وقوله تعالى فى سورة الممتحنة: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» صدق الله العظيم.

هذه الآية الكريمة نزلت فى الصحابية الجليلة أسماء بنت أبى بكر الصديق. أمها قُتَيلَة بنت عبدالعزى.. بقيت مشركة وبطبيعة الحالة طلقها سيدنا أبوبكر.. وظلت فى مكة بينما ابنتها أسماء هاجرت إلى المدينة.. وبعد فترة من الوقت.. اشتاقت الأم بغريزة الأمومة إلى ابنتها.. فتوجهت إلى المدينة ومعها هدايا كثيرة حملتها معها.. وطرقت باب ابنتها.. وفتحت أسماء الباب وجدت أمها.. رحبت بها وسألتها: دخلت الإسلام؟. قالت الأم: أنا على دين آبائى وأجدادى. قالت أسماء لأمها: انتظرى على الباب لأسأل رسول الله.. هل يحق أن يدخل بيتى كافرة؟. وأرسلت أسماء لأختها السيدة عائشة لتسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هل تسمح للكافرة التى لا تعترف بوجود الله وتعبد الأصنام أن تدخل بيتها؟.

الرد جاء من عند الله.. نزلت الآية الكريمة.. التى تؤكد أن الإسلام دين سماحة وحب حتى مع الكافر الذى يعبد الأصنام.. مادام لم يقاتلنا فى الدين ولم يخرجنا من ديارنا.. بل ويأمر الإسلام المسلمين أن يبروهم. انتباه..لأن الدين الإسلامى يدعو للسماحة مع الذى يختلف جذرياً مع الإسلام.. وهل بعد عدم الاعتراف بوجود الله وعبادة صنم.. اختلاف؟!. أى دين عليه هؤلاء الإرهابيين الذين يقتلون مصريين من أهل الكتاب؟.

< انتباه.. لما قام به الرسول الكريم فى بداية الدعوة!. عندما اشتد أذى المشركين بالمسلمين.. أشار الرسول لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة.. لأن بها ملكًا عادلاً من أهل الكتاب!. الرسول وصف النجاشى ملك الحبشة بأنه رجل عادل لا يُظلم عنده أحد.. وقد حدث!.

قريش أرسلت وفدًا من قبائلها إلى الحبشة لإعادة المسلمين المهاجرين إلى مكة. النجاشى رفض كل المحاولات وقال إن المسلمين فى حمايته.. حماية الملك المسيحى الذى وصفه الرسول بأنه من أهل الكتاب وحاكم عادل!. أى دين عليه هؤلاء الإرهابيين.. بعد مخالفتهم للقرآن وتنكرهم لسنة رسول الله؟.

< انتباه.. فى السنة السابعة هجرية.. أرسل الرسول الكريم رسالة إلى المقوقس ملك مصر.. يدعوه للدخول فى الإسلام. المقوقس كتب إلى رسول الله قائلا: كنت أعلم أنه سيأتى نبى آخر الزمان.. لكن كنت أعتقد أنه سيأتى من بلاد الشام.. أرسل لك هدية من القماش القباطى وبَغْلَة وعسل وجاريتين.. ماريا القبطية وأختها سيرين. الرسول تزوج ماريا القبطية وحسان بن ثابت شاعر الرسول تزوج نسرين. مصاهرة ونسب قبط المنيا مع الرسول الكريم.. أعظم رسالة تنسف ادعاءآت المتطرفين الإرهابيين التكفيريين!.

< انتباه.. لأن المنيا أرض زوجة الرسول ماريا بنت شمعون القبطية.. إحدى أمهات المؤمنين.. أنجبت إبراهيم الذى توفى طفلا. ولدت ماريا القبطية فى قرية حفن المعروفة الآن بقرية الشيخ عبادة.. والبيت الذى ولدت فيه مازال موجودًا للآن.. وهى ابنة واحد من عظماء القبط فى مصر.

< انتباه.. لأن المنيا أرض التوحيد التى بنيت فيها أول مدينة تنادى بتوحيد الإله.. مدينة إختاتون (تل العمارنة).. وفيها دعا إخناتون إلى عبادة الإله الواحد.

< انتباه.. لأن المنيا أرض الأنبياء.. لمرور الأنبياء عليها.. سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط.. سيدنا يوسف.. سيدنا عيسى والسيدة مريم العذراء.

< انتباه.. لأن المنيا أرض البقيع الثانى.. أو أرض الصحابة التى دفن فيها الكثير من صحابة رسول الله والتابعين (مقابر البهنسى).

< انتباه.. لأن المنيا جزء من رحلة العائلة المقدسة.. التى بدأت من بيت لحم إلى وادى النيل (2000 كيلومتر) والتى استمرت أكثر من ثلاث سنوات.. وتركت فيها العائلة المقدسة.. مزارات دينية وسياحية ومعجزات مثل تفجر ينابيع المياه وانحناء شجرة مريم بالمطرية كى تظللهم وشجرة العابد تحية للسيد المسيح.

< انتباه.. لأن المنيا مهد حضارات تركت آثارها على أرضها.. فى ملوى متحف الآثار.. فى تونة الجبل آثار يونانية.. طهنا الجبل آثار يونانية وإسلامية ومسيحية.. فى تل العمارنة آثار فرعونية.. فى البهنسا آثار فرعونية ويونانية ومسيحية وإسلامية.. فى مقابر فريزر آثار فرعونية فى إسطبل عنتر آثار فرعونية فى بنى حسن آثار فرعونية.

< انتباه.. لأن المنيا نبع الوطنية ومن ديرمواس تفجرت ملحمة التصدى للإنجليز فى 18 مارس 1919 والانتصار على قوة من الجيش الإنجليزى المتجه للقاهرة وقتل قائدها الضابط الإنجليزى بوب.

< انتباه.. لحدوتة ديرمواس قلعة الوطنية فى المنيا!. انتباه.. إلى أن الذى قاد معركة التحدى والمواجهة للإنجليز.. د.خليل أبوزيد.. شاب من عائلة كبيرة غنية فى ديرمواس.. حصل على الدكتوراه فى الزراعة من جامعة فى لندن التى عاش فيها خمس سنوات.. وعاد من رحلة الدراسة قبل ثورة 1919 بثلاثة شهور فقط.. ورفض عرضًا من الإنجليز لتولى منصب رسمى رفيع فى الزراعة.. ليكوم له دور فى الحركة الوطنية التى تطالب بالاستقلال!. الحلفاء وأولهم الإنجليز.. طلبوا من مصر الوقوف معهم فى الحرب العالمية الأولى مقابل حصول مصر على استقلالها بانتهاء الحرب!. انتهت الحرب وتنكرت انجلترا لعهدها.. الأمر الذى أثار مشاعر المصريين وجعلهم يلتفون حول الزعيم سعد زغلول ورفاقه الوفد المصرى.. وثورة 1919 ثورة الهلال والصليب ضد الإنجليز!.

أعود مجدداً لخليل أبو زيد.. شاب من أسرة غنية.. حاصل على الدكتوراه.. «يعنى».. الدنيا كلها أمامه.. لكنه لم يذهب إليها.. ذهب للوطن والوطنية وحلم الاستقلال!. قطار حربى إنجليزى تحرك من أسوان للقاهرة لإخماد الثورة!. د.خليل أبو زيد وأبناء ديرمواس.. تصدوا للقطار وأوقفوه ولم يصدق الإنجليز أن مصرياً يعترضهم!.

هموا لإطلاق الرصاص عليه.. لكن ديرمواس كانت أسرع!. قتلوا القائد الإنجليزى بوب.. وكل قوته العسكرية!. الإنجليز أرسلوا جيشاً لديرمواس.. الإنجليز حاكموا البطل المصرى خليل أبو زيد وأعدموه شنقاً فى17 مايو 1919!.

< انتباه.. لننتبه إلى أن التصدى والمواجهة للإنجليز فى معركة الكرامة والاستقلال. لم تعرف غنيًا أو فقيرًا ولا متعلمًا أو أُمِّيًّا ولا رجلاً أو امرأة ولا مسلمًا أو مسيحيًا.. فقط عرفت الوطنية المصرية!.

< انتباه.. لنتذكر أن الحديث عن الفتنة الطائفية والكلام فى النعرة الطائفية.. اختراع جديد مصر لم تعرفه أو تسمع عنه طوال تاريخها الأقدم من التاريخ!. تصنيف مسلم ومسيحى لم يدخل فى قاموس لغتنا المتداولة إلا مؤخرًا!. فى ثورة 1919 وما بعدها.. لا وجود لهذا المعنى على الإطلاق!. فى المعارك السياسية وما أقذر معاركها وأساليبها.. لم يحدث مرة أنهم أدخلوا الدين طرفًا فى خلاف!. مصر سمعت عن مسلم ومسيحى.. منذ ظهور مصطلح الإسلام السياسى!. منذ قررت أمريكا محاربة الاتحاد السوفيتى.. بميليشيات عربية إسلامية.. تحت شعار الدين الإسلامى فى مواجهة الالحاد ممثلاً فى السوفيت!. انتباه.. لنعرف أن الهدف وقتها إنشاء جماعات عسكرية متطرفة محترفة باسم الدين الإسلامى.. بدأت بتنظيم واحد هو القاعدة والآن عشرات الجماعات التكفيرية.. ولِمَ لا تتضاعف الأعداد.. طالما التمويل بالمال والعتاد موجود وتقوم به دول!.

بعد كل هذه النقاط السابقة.. أعود للسؤال الذى طرحته فى بداية الكلام.. أرض المنيا التى شرفت بسيدنا إبراهيم وابن أخيه سيدنا لوط وسيدنا يوسف والسيد المسيح والسيدة مريم العذراء.. هذه الأرض التى سار عليها أنبياء.. كيف هان على أهالينا فى المنيا تركها مباحة متاحة للأفكار المريضة؟. كيف لخمسة ملايين نسمة هم تعداد المنيا.. أن يرضخوا لإرادة متطرفين إرهابيين.. ويستسلموا لإرادة إرهابيين.. بالتفرغ للفرجة على الأحداث.. وكأن المنيا ليست مسقط رأسهم.. أو أن الضحايا الذين يتساقطون.. ليسوا أخوتهم فى الوطن!.

كيف صمت ويصمت أهالينا فى المنيا كل هذه السنوات التى شهدت حرق كنائس وتفجير عبوات وقتل أبرياء؟.

كلامى أوجهه إلى شباب وبنات المنيا.. أذكرهم بمثل شعبى يقول: كُتْرْ الخِشَى يجلب الفقر!. وأكمل أنا: المزيد من الصمت والكثير من السلبية.. صمت وسلبية أهالينا فى المنيا.. يأخذنا جميعًا إلى الجحيم!. ليه؟.

لأنه عندما يصحو العالم فى يوم له دلالات دينية.. على خبر صادم ومفزع ومؤلم.. قتل 29 مصريًا.. كل ذنبهم أنهم فى طريقهم إلى دار عبادة!. عندما يسمع العالم خبرًا مثل هذا.. وليس هو الأول ولا الثانى ولا العاشر.. الذى يُقتل فيه الأبرياء فى المنيا.. عندما يحدث ذلك.. فالعالم سوف يظن أن هذه المحافظة «مِتْعَوِّدَة» على الإرهاب والقتل!. أحد لن يصدق أن عدد هؤلاء لا شىء يذكر بالنسبة لتعداد أهل المنيا!.

أحد لن يصدق أن الأغلبية الكاسحة من أهالينا فى المنيا.. ضد هؤلاء القتلة وضد سلوكياتهم وضد أفكارهم وضد كل شىء مرتبط بهم!. طيب إن كانت هذه هى الحقيقة.. وهى فعلا كذلك.. لماذا لا يكون لأهالينا فى المنيا موقف؟.

.........................................................

>> فى تقديرى أنها «الأنامالية» التى ضربت مصر أو أطلقوها على مصر.. خلال مرحلة تفكيك.. «صواميل» مصر!. نجحوا فى خلق هذا النمط البالغ السلبية داخل المجتمع المصرى!. خلقوه وشجعوا بقاءه بالسينما والإعلام!.

يقينى أن الخروج من أسر الأنامالية ممكن وأن التصدى لحرب إشعال الفتنة الطائفية فى المنيا.. نقدر عليه!.

يقينى أن شباب وبنات المنيا قادرون على اقتلاع جذور هؤلاء القتلة من المنيا.. بالوعى.. بالحوار.. بالتوعية.. بفضح أكاذيبهم الإرهابية!.

شباب قادر على حصار هؤلاء المخطوفين ذهنيًا!. أنا لا أطالب شبابنا بالحوار معهم.. لأن عقولهم ممسوحة ومبرمجة!. أطالب شبابنا فى كل قرية وكل نجع وكل كفر وكل مدينة.. يحكوا لأهالينا فى كل مكان بالمنيا.. تاريخ المنيا.. البعيد والقريب!. احكوا لهم.. لأن فى تاريخ المنيا ما يجعل رقابهم تتخطى السحاب وتطول السماء!

شباب المنيا.. يحكى لأهالينا فى المنيا.. أن فى المنيا آثارًا لكل الحضارات وأن المنيا كنز للسياحة الثقافية.. فرعونى ويونانى ورومانى وقبطى وإسلامى!.

هذه فكرة أطرحها على شباب المنيا.. أتكلم عن رحلة العائلة المقدسة!. كيف تجذب لها ملايين البشر من كل أنحاء العالم!. ما هو موجود فى المنيا.. يضمن سياحة دينية عظيمة ومعتبرة!. الصين مثلًا.. لا علاقة لها بالإسلام.. إلا أنها من الحج العمرة تكسب مليارات الدولارات!. تصنع السبحة وتصنع سجادة الصلاة وتصنع الجلباب الأبيض.. وإحنا نشتريهم ونشيلهم على «قلبنا» باعتبارهم «بركة»!.

تعالوا نجذب من يريدون زيارة المزارات الدينية والسياحية التى تركتها لنا رحلة العائلة المقدسة. هى معروفة.. وهى فى حاجة لأن تكون فى المكانة التى تستحقها!. تعالوا ننظم حملة لهذا الغرض!. انسوا وزارة السياحة!. أقول للشباب عندكم محافظ المنيا.. بإمكانه تحقيق ما لا تتخيلونه!. المهم أن نبدأ من الوجهة الصحيحة.. والصحيح العمل الشعبى ونجاحه مؤكد ومبهر إن توافرت الإرادة!.

فى المنيا شباب يقترب عدده من المليون وفى المنيا جماعات تكفيرية إرهابية أظنها عدة مئات.. جماعات الإرهاب المحدودة العدد والفكر.. «كسبانة» حتى الآن «ييجى» 30/صفر!.

تعالوا نقتلع جذورهم من الدنيا كلها.. بتذكير أهالينا.. أن قبط المنيا من أهل الكتاب. قبط المنيا صهر ونسايب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.. فكيف نسينا هذا وكيف نسمح بذلك؟.

تعاولوا نتحرك ونواجه بالتوعية.. مصر تستحق هذا!.

تعالوا من موقعنا فى كل قرية ونجع ومدينة.. نقف بجوار أهالينا.. نوعيهم ونطمئنهم على الوطن واستحالة انتصار الإرهاب فى الوطن.. لأن فى مصر جيشا قادرا على اقتلاع الإرهاب وحماية مصر.

تحيــــــــــة إلى جيش مصــــــــر العظيــــــم فـــــــى الأمس واليـــــــوم وفـــــى الغـــد وكـــــل غـــد بإذن اللــه.

لمزيد من مقالات إبراهيـم حجـازى

رابط دائم: