لم تتعدى الثالثة عشرة من عمرها، ولكنها تؤمن بمفاهيم أكبر من سنها مثل السلام والمحبة والخير والجمال، وسعيها لتطبيق ذلك بين الناس - رغم ظروفها الصحية - جعلها من أشهر الأطفال المتميزين، بل وأصغر سفيرة للسلام فى العالم، هى عاشقة للقراءة، ومحبة لكل الناس بمختلف أطيافهم، وحافظة للقرآن، لذلك منحها الله الصبر والمثابرة والرضا بالمكتوب، فأصبحت «أيقونة» لكل من يراها أو يسمع عنها، تجيد الكتابة والرسم بأصابع قدمها وتستخدم ذقنها للعمل على الكمبيوتر .. إنها الطفلة صفاء طه عبد اللطيف التى حاورتها صفحة «صناع التحدى» هى وأسرتها لنكشف تفاصيل حياتها.
فى البداية يقول طه عبد اللطيف والد صفاء: تبدأ تفاصيل الحكاية منذ أن كانت صفاء جنين فى الشهر الخامس، حيث شعرت أمها أن حركتها ضعيفة، فذهبت إلى الطبيبة المختصة وأجرت الكشف وكان الرد، كل شئ على ما يرام إلى أن جاءت لحظة الولادة التى كانت أصعب من أى تخيل، حيث ولدت صفاء بعد حدوث كسر فى الذراع والساق أثناء الولادة المتعثرة، ودخلت الحضانة، وبعد مرور شهر ونصف جاء تشخيص الأطباء أنها تعانى من تيبس فى جميع المفاصل، وضمور فى جميع العضلات، واعوجاج شديد فى العمود الفقرى مع عدم القدرة على الحركة، وذلك نتيجة إصابتها بمرض «جنينى» منذ أن كانت فى الشهر الخامس يؤدى إلى عدم نمو المفاصل، وكالمعتاد اختلفت أراء الأطباء حول كيفية العلاج، فمنهم من أقر بأجراء عمليات عندما تكمل عامها العاشر، وأخر كان يريد إجراء جراحة فور معرفة التشخيص، ثم أجرت جراحة فى الشهر السادس، وحتى الآن أجرت ثمانى عمليات جراحية، دون أى تحسن، والعام الماضى كان من المفترض أن تجرى جراحة ولكن الطبيب قرر إلغائها لخطورتها على صحتها.
رحلة البحث عن مدرسة
يضيف والد صفاء: عندما وصلت أبنتى لسن دخول المدرسة فكرت أن ألحقها بمدرسة فكرية لذوى الإعاقة، ولكنهم رفضوا لأن نموها العقلى مكتمل بالإضافة إلى أنها تتمتع بنسبة ذكاء مرتفع ونصحونى بإلحاقها بمدرسة «عادية» ثم قادتنى الصدفة إلى الذهاب لوزارة التربية والتعليم ولحسن حظى سمعت حوار دار بين شخصين عن طالب تعرض لحادث، فأصيب بشلل رباعى وأصبح يدخل الامتحانات فى لجنة خاصة ويكون معه مرافق، هنا شعرت أنى وجدت حل مشكلة أبنتى، وذهبت إلى المدرسة التابعة للمنطقة السكنية وطلبت منهم التحاق صفاء بها، ولكنهم رفضوا، وبعد محاولات نجحت فى الحاقها بمدرسة بعد أن وافقت على أقرار يرفع المسئولية عن المدرسة فى حالة وقوع أى ضرر يحدث لطفلتى نظرا لظروفها الصحية، وفى الصفين الأول والثانى الإبتدائى كانت صفاء تجيب على الامتحان فى ورقة الأسئلة عن طريق الكتابة برجلها، وبداية من الصف الثالث بدأت تجيب على الامتحانات بواسطة الكتابة على الكمبيوتر، وذلك بعد أن حصلت على موافقة من وزارة التعليم وكل عام تواجهنى مشكلة تجديد الموافقة من الوزارة.
وعن مواهب وقدرات صفاء يقول: وهبها الله قدرات ذهنية مرتفعة، وهى محبة لقراءة القرآن الكريم وفى هذا العمر حفظت 10 أجزاء كاملة، وحاولت أن أوظف هذه القدرات بشكل يدعمها، فبعد التحاقها بالمدرسة توجهت بها إلى قسم العلاج بالرسم وتحسين الخط لذوى الإعاقة بأحد المستشفيات، وهناك أتقنت الرسم برجلها لدرجة سمحت لها بالمشاركة فى عدة معارض فنية كما مكنها تعلم الكتابة برجلها من التفوق، فهى دائما الأولى على المدرسة منذ الصف الأول الإبتدائى حتى الآن بعد وصولها للصف الأول الإعدادى، وأيضا شجعتها على القراءة حتى أصبحت عادة لديها وأصبح من عادتها التى لا تتغير حصولها على كتابين أسبوعيا من مكتبة المدرسة وتواظب على المشاركة فى المسابقات المختلفة وتحقق المركز الأول دائما فى المسابقات التى تشارك بها، وكان أخرها مسابقة «تحدى القراءة العربى» التابعة لوزارة التعليم التى تشترط أن يقرأ كل متسابق خمسين كتابا حصلت فيها على المركز الثالث.
وعن كيفية استخدام صفاء للكمبيوتر يقول: كانت مهتمة بعالم الكمبيوتر وفى مرة تركت الكمبيوتر المحمول على الأرض يعمل وعدت بعد دقائق وجدتها تحرك «الماوس» بذقنها ولوحة المفاتيح بلسانها، بعدها ذهبت بها إلى وحدة تكنولوجيا المعلومات لذوى الإعاقة السمعية والبصرية بكلية الحاسبات والمعلومات وبدأت تتدرب على استخدام البرامج المختلفة تحت إشراف دكتور أبو العلا عطيفى، بعد ذلك بدأت صفاء تقوم برسم لوحات عن طريق برنامج الرسام وأيضا تكتب قصص مصورة باستخدام برامج مثل «البور بوينت» مثل سلسلة قصص بستان الأخلاق الحسنة وقد حصلت على جائزة عنه من المركز القومى لثقافة الطفل.
أصغر سفيرة للسلام فى العالم
ويضيف والدها: صفاء تدرس حاليا بالصف الأول الإعدادي، ومشاركتها فى ورش العمل والمحاضرات والندوات والأعمال التطوعية جعلتها تكتسب أصدقاء حول العالم، لذلك تم اختيارها من قبل دوائر السلام العالمية بسويسرا وفرنسا كأصغر سفيرة للسلام حول العالم باعتبارها شخصية مؤثرة فى المجتمع تدعو إلى العمل والتعاون والتطوع والأخلاق الحسنة وتنشر السلام والمحبة بين الناس من خلال أفكار القصص التى تقوم بتأليفها، وقامت صفاء بتأليف كتاب «سفيرة السلام الصغيرة» ضمن سلسلة «من طفل لطفل» والذى سوف يصدر عن المجلس القومى لثقافة الطفل، وأيضا تكتب قصه جديدة تدور أحداثها حول فتاة ذات إعاقة تحاول أن تنتصر على عادات المجتمع.
وفى نهاية الحوار تقول صفاء: أشكر أبى وأمى اللذين قدما لى ولشقيقاتى كل الدعم حتى التحقت واحدة بكلية الطب والأخرى بالصيدلة والثالثة بالثانوية العامة، كما أننى أحب مدرستى جدا وزميلاتى وصديقاتى والمدرسين ولكن الشئ الوحيد الذى يؤرقنى أن فصلى فى دور مرتفع وليس فى الدور الأرضى، أما عن حلم المستقبل أحلم بأن أصبح إعلامية متخصصة فى مجال الأطفال ذوى القدرات الخاصة.
رابط دائم: