رئيس مجلس الادارة
هشام لطفي سلام
رئيس التحرير
محمد عبد الهادي علام
(اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون).. نظرية يهودية خالصة حدثنا عنها القرآن الكريم وهو يقص علينا لحظة المواجهة حين أوشكت بين فلول اليهود الناجين لتوهم من بطش فرعون و قوم ذوى بأس شديد وجدوهم داخل الأرض التى وعدهم الله، والتى خرجوا من مصر فى الأساس كى يدخلوها؛ أى أنهم كانوا على علم تام بوجهتهم؛ بل أظنهم كانوا على يقين تام بأن أحدا بالقطع يقطنها، ولكنها النذالة (الجمعية) والجبن الذى يكتنف الصدور ويحول دون اتخاذ قرار حاسم للمشاركة الفعالة فى الحدث تحفها الأمانى لمن سيذهب ويقاتل بأن يحالفه التوفيق كل التوفيق فيما هو مقدم عليه؛ وانتظارا ملهوفا لرؤية بيارق النصر ترتفع على يديه فيهللون ويشربون نخب الانتصار؛ أما وإن فشل، فهم فى مأمن من أعدائهم فلا ضرر ولا ضرار. والحقيقة أننى أرى هذه الروح تخيم بظلالها على الأعراب وهم يرون السيسى بمفرده فى الميدان يناديهم مستغيثا بكبرياء المقاتل صامتا، فلا حياة لمن تنادي؛ يشير إليهم بالخطر المحدق بهم من كل جانب، فلايجد غير وعود براقة و§أحلام عصافير وعبارات رنانة و دعوات شديدة البلاغة له بالتوفيق فيما هو مقبل عليه؛ ويكأنهم يريدون مصر قوية من تلقاء نفسها ليس حبا فيها فى شيء وإنما إيمان بأنها حائط صد ضد أعدائهم إذا ما شارفوا حدودهم؛ يلوحون بأياديهم بمصر ولمصر دون أن يمدوا هذه الأيادى لها على النحو الذى ينبغى أن يكون؛ وهم الذين يعلمون علم اليقين كم تعتصر مصر اقتصاديا وسياسيا اجتماعيا محليا وإقليميا ودوليا؛ ويعلمون أن ذلك الهدوء النسبى الذى تشهده البلاد ما هو سوى وضع قابل للانفلات فى أى لحظة؛ ويعلمون أن الانفلات القادم لن يبقى ولن يذر؛ وأن الزمان لن يجود بتجربة سيسى أخرى قادرة على لم الشمل والسيطرة على الموقف ببراعة كمثل مافعل السيسى فى المرة الأولي. يعلمون أن تجربة السيسى وإن كانت أهدافها فى البداية أمنية محضة بحكم ظروف الرحم الذى خرجت منه ، فإنها سرعان ما تحولت إلى تجربة اقتصادية عاتية تريد أن تحقق الأحلام المفقودة لشعبها منذ عشرات السنين، وإلا لارتدت السهام إليها وعليها؛ ويعلمون علم اليقين أن المتربصين بهذه التجربة التى نزعت فتيل الربيع العربى فى (بلدانهم هم) إلى غير رجعة يتحينون الفرصة للانقضاض على التجربة تارة بالسخرية والتسفيه وتارة بالتحفيز ثم تارة بالهجوم الكاسح؛ يعلمون أن الخطوة التى يكتسب بها السيسى شعبية على الأرض سرعان ما تستتبعها خطوات و خطوات لضربها فى مقتل وإعادتها سيرتها الأولى مشوهة متعثرة لا تقوى على الوقوف إن لم يكن وأدها إلى غير رجعة. يعلمون أن الربيع العربى فتنة كبرى لم تزل حبائلها تلتف كالحيات على العقول؛ فيروس تسرب ببراعة إلى الداخل العربى فأجهز على من أجهز، وتوقف نشاطه وكمن(مرحليا) عند بعض الأعتاب وإن لم ينمحى أثره أو خطره بعد حتى هذه اللحظة. ... ويعلمون أن كثيرا من (المصريين) من هم أيضا (قاعدون)؛ يأكلون كثيرا من (اللب) والتسالى كمثل جماهير الدرجة الثالثة فى مدرجات كرة القدم ساخرين متندرين، فلا هم أحرزوا هدفا ولا هم ينتوون؛ وإنما اكتفوا بالفرجة على ما يدور واعتبروا الفرجة فى حد ذاتها هدفا ساميا ودليلا كافيا على المشاركة فى الحدث غير عابئين! أما ما لايعلمه هؤلاء على ما يبدو، فهو أن فى (الانفصال التكتيكى التدريجى الخليجي) عن الوطن العربى اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بل ودبلوماسيا لهو أكبر مصيبة ستحل على الخليج نفسه ذات صباح؛ وأن فى التعامل مع مصر بنظرية (اذهب أنت و ربك فقاتلا نحن هاهنا قاعدون) لنذير خطر مبين! فإذا كان الانفصال الخليجى واقعا قرب موعده أو بعد فإننى أجد نفسى أسأل سؤالا بحق يحيرني: ما الذى يمنع دعوة مصر للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجى حتى تاريخه؟ أوليست مصرقوة بشرية ذات بأس؟ أوليست مصر قوة علمية ذات بأس؟ أوليست مصر قوة عسكرية قادرة على حماية الجميع بإذن الله أو ليست مصر هى الأقرب جغرافيا من المملكة المغربية مثلا التى تمت دعوتها منذ أعوام قلائل للانضمام إلى المجلس رغم ابتعاد مكانها جغرافيا؟ أو ليست مصر أشد بأسا من المملكة الأردنية الهاشمية التى تباحث أعضاء المجلس بشأن ضمها أيضا ... ولكن ولما العجب؟ أوليست اليمن هى الأقرب من هذا أو ذاك وبرغم ذلك لايتم إخراطها أبدا فى هذا الكيان إلا علي استحياء من خلال بعض لجان لاتغنى ولا تسمن من جوع؟ .. وأخيرا، هل ترانا سنظل نترنح ما تبقى من أعمارنا بين عبارتى (مسافة السكة) و (والشقيقة الكبري) إلى أن تقع الفأس فى الرأس فلا تكن هناك (سكة) ولا تكن هناك (شقيقة) أو ربما العائلة بأكملها. مجرد سؤال !! لمزيد من مقالات أشرف عـبد المنعم;