في العنوان الأول لهذا الكتاب الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، حرص المؤلف أن يضع بين أيدينا (السلفى الأخير) ما لبث أن أضاف إليه (الإرهاب المعولم والداعشية المصرية) وهو ما يشير إلى أن أحمد بهاء الدين شعبان حرص على تأكيد هذه العلاقة الوثيقة بين هذا السلفى في بدايات الفترة التاريخية مرورا بقضية الإرهاب،
والإرهاب المعولم بما يحدد الواقع المعرفى الذى اصبحت فيه (الداعشية المصرية) الجديدة أو- بشكل أدق – ما انتهت اليه هذه الداعشية التى ظلت تتنقل من المركز إلى الأطراف من بدايات الكتاب إلى متن العوامل التى كانت تشير إلى أن عودتنا إلى المركز تصل إلى كل خيوط المؤامرة سواء على المستوى المحلى أو العالمى.
وهو ما يتحدد في استعادته إلى المعنى ففى سنى طفولته كان تعبير«السلفى» أو«السنى» يشير إلى شخص بسيط طيب القلب يصرف كل فعله إلى فعل الخير بالمفهوم الإنساني غير أن هذا السلفى أو السنى الطيب «انقرض وانتهى عهده للأبد وحل محله آخر: شرس ودموي، لا يعبأ بمشاعر البشر، غضوب جهول، يكره الخير للناس» لقد ترك هذا السنى الطيب حفيده الكاره العدواني الحقود يقتل ويذبح ويفجر«برباطة جأش» مستمتعا بعذابات ضحاياه.
وعلى هذا النحو، فإن هذا العنف الذى ترجمه السلفى الداعشى، يشير إلى أنه لا تناقض كبير بين هذا السلفى المصرى وأعضاء داعش بأفعالهم الدنيئة، هو ما نفهم معه أنه لم يعد هناك أى اختلاف كبير بين السلفى كما نعرفه الآن والداعشى كما يؤكدون كل يوم، فقد «كفروا العلمانيين لأنهم (ملاحدة) وطاردوا المسيحيين، وطردوهم من وطنهم التاريخى، لأنهم (صليبيون) وأجلوا الأزيديين، وسبوا نساءهم وباعوهن في سوق النخاسة، لأنهم «روافض» وقاتلوا الشيعة؛ لأنهم خوارج، وأدانوا حتى إخوتهم في ملة التكفير في مصر.. لأنهم طواغيث مرتدون»...
الأكثر من هذا أنهم راحوا يسبون العديد من رموز الثقافة في السياسة والصحافة والسينما والرواية والشعر، بل ويكفرونهم باعتبارهم عصبة الشك ودعاة الشبهة، التنويريين التقدميين، أذناب الغرب، أو أذناب الماركسية، رواد الضلالة يتخذون ما سمى بالفكر والثقافة لإفساد الناس وتحليل عقدهم الوثنية، وتوهين أخلاقهم الصالحة إلى غير هذه الصفات التى أطلقت على الرواد وهو ما كان يترجم في مواقفهم المعلنة أيضا العديد من المجالات من النحت والفن التشكيلى والآثار القديمة ثم موقفهم الرجعى من المرأة فضلا عن تحريم الموسيقى واحتقار النشيد الوطنى والرياضة.. إلى غير ذلك من صور الوصاية السلفية على السلوك العام.. وهو مما أفتى به شيوخ السلفيين والوهابيين المعاصرين وهذه الآثار والمواقف الرجعية اكثر مما تحصى.
وبدهى هنا ما صار إليه هذا الإرهاب السلفى التقليدى إلى «الإرهاب المعولم» حين تحول هذا النازع التكفيرى التقليدى عبر جماعات تكفيرية إرهابية، إلى مجرد أدوات أو قطع شطرنج أو مجموعات مرتزقة «تتحكم فيهم اليد الأمريكية، وتعدهم لإعادة تصديرهم إلى بلدانهم» من أجل نشر الخراب والدمار»ولا يتحركون خطوة إلا استجابة لتعليمات السيد الأمريكى، فاذا بنا أمام مصطلحات جديدة مثل عولمة الإرهاب ليقوموا بما يطلب منهم ثم يعاد (تصديرهم) إلى بلدانهم الأساسية لكى يؤدوا دورهم المرسوم».
ويسجل هنا احمد بهاء الدين شعبان حقيقة أن من وقف خلف كل الجرائم البشعة التى نواجهها الآن هو الغرب الرأسمالى عبر وسطائه المحليين وهو ما نستطيع معه تفسير الكثير مما يحدث حولنا.
رابط دائم: