رئيس مجلس الادارة

هشام لطفي سلام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد موافقة اللجنة الدينية بالبرلمان على قانون تنظيمها
هـل تجـد فوضـى الفتـاوى حـلا ؟!

> تحقيق ـــ حسـنى كمـال
جانب من اجتماع اللجنة الدينية
أخيرا صدر مشروع قانون تنظيم الفتوى الذى طال انتظاره أمدا طويلا من أجل القضاء على الاضطراب والبلبلة والفتنة التى تثيرها الفتاوى المتضاربة.

وقصر القانون الذى أقرته اللجنة الدينية بمجلس النواب، الفتوى على الجهات الأربع المعنية (هيئة كبار العلماء، دار الإفتاء، ومجمع البحوث الإسلامية، والإدارة المختصة بالأوقاف)، وتضمنت بنوده معاقبة من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وقد اختلف العلماء بدورهم حول مشروع القانون ما بين مؤيد ومعارض، فبينما يرى المؤيدون أن مشروع قانون تنظيم الفتوى يساعد على استقرار المجتمع وأمنه ويصونه من الاضطرابات والفتن والبلبلة التى تحدث بين الناس نتيجة تضارب الفتاوي، وكذلك لمواجهة الدعاوى التكفيرية والتفجيرية التى تثيرها جماعات منشقة على سماحة الإسلام كدعوة للسلم بين الناس كافة. وعلى الجانب الآخر يرى المعارضون عوارا بمشروع القانون تمثل فى حجب العلماء المتخصصين وأساتذة الشريعة فى كليات دار العلوم والآداب والحقوق بالجامعات المدنية كما أنه لم يضع ضابطا بين العام والخاص فى أمور الفتوي.

القانون جاء متأخرا

يقول الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية، وأمين عام لجنة الفتوى بالأزهر، حرم الله الفتيا دون علم أو سند شرعي، والصحابة والأئمة والعلماء كانوا يتهيبون التصدى للفتوي، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، وقد ظهر فى زماننا هذا التجرؤ على الفتيا، خاصة من غير المتخصصين، ومشروع القانون أخذ وقتا نتيجة المناقشات الجادة التى قامت بها اللجنة مع المختصين من الأزهر والأوقاف والإفتاء، فهل هناك مؤسسات أخرى ضاع منها هذا الحق؟!، وكل ذلك من أجل ألا يكون القانون مخالفا أو به أى شائبة أو عوار دستوري، وبهذا المشروع تم ضبط عملية الفتوى التى تسببت فى كل ما رأيناه على الساحة من فوضى وعشوائية وبلبلة للناس فى كل شيء، والقانون لا يمنع الواعظ والإمام كل فى مكانه من الفتوى فيما يخص أمور العبادة والأخلاق، فهذه أمور يجيب الواعظ والإمام فى المساجد أو الملتقيات دون توجيه أى تهمة له.

من جانبه، يرى الشيخ محمد زكي، أمين عام الدعوة الإسلامية بالأزهر، أن الفتوى عمل مؤسسى لابد أن يكون منضبطا وإلا خلقنا فوضى فى المجتمع، والقانون جاء متأخرا، وكان ينبغى احتراما للعلم والعلماء، أن يكون منذ زمن بعيد، صيانة للمجتمع من عوامل الانهيار الأخلاقى والقيمى والاجتماعي. فإذا كان للمؤسسات غير الشرعية هيئات تعبر عن ضميرها وتنطق بلسانها، فلا يجوز لأى مؤسسة أخرى أو للأفراد أو الجماعات أن ينتحلوا صفة هذه المؤسسة وإلا كانوا مزورين، (فاسألوا أهل الذكر)، وهذا لا يمنع أن العالم العارف وعلى بصيرة من أمر دينه ودنياه أن يفتى فى الأمور البسيطة والعادية، وغايتها المعلوم من الدين بالضرورة، أما فى الأمور التى تحتاج إلى نظرة عالم وخبرة فقيه، فلابد من سؤال المرجعية المختصة.

لمصلحة البلاد والعباد

من جانبه، قال الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف، إن مشروع القانون يهدف لتحديد الجهات المتخصصة فى إصدار الفتاوي، بهدف القضاء على فوضى الفتاوي، وتحقيق الاستقرار، وقطع الطريق على التيارات المتطرفة، وهناك جهات محددة تتولى الفتوى، وأخرى تتولى الوعظ، وكل يعمل فى تخصصه، دون أن يجور طرف على الآخر، أما عن معاقبة المخالف فهذا أقل حكم، حتى يعلم أن الجرأة فى الإقدام على الفتوى جرم منهى عنه فى الدنيا والآخرة.

وفى سياق متصل يقول الدكتور إسماعيل الدفتار، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، إنه يجب أن تسند الفتوى لأهلها، والقانون فعل ذلك، فضرر الخطأ فى الفتيا أخطر على المجتمع من الوباء المرضي، لأن الوباء المرضى هو عرض ويزول أو ينتهى بانتهاء المرض، أما هذا الوباء الفكرى عن الفتوى بغير علم فهذا ضرره ممتد فى الزمان والمكان، والقانون يشترط أن يكون لديه ترخيص ولن يقصرها على الدوائر المذكورة فى الإجراءات العملية، ولكن حدد طريقة لاختيارات الذين يقومون بالإفتاء.

رأى معارض

ويقول الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس، أستاذ الفقه المقارن، إن مشروع القانون به عوار وتم صياغته على عجل وذلك لتصفية أناس بأعينهم ولكنه لايصلح للتطبيق لأنه لا يصدق عليه مسمى مشروع قانون، ولايمكن أن توجد آلية لتطبيقه على الدعاة فى المجتمع، والقانون مذبحة لعلماء الدين، ويفترض أن غير من يمثلون الجهات الأربع لم يتأهلوا للفتوي، إلا إذا ثبت عكس ذلك، مع أن هناك عدة مئات من المشهود لهم بالعلم والفقه ليس على مستوى مصر وحدها، بل على المستوى العالمي، ولهم مقدرة فائقة على الاجتهاد فى النوازل وغيرها، لا يساميهم فيها أحد، ومشروع القانون يلحق بهؤلاء أبلغ إساءة.

وأضاف: إن المادة الثانية قصرت القيام بمهام معينة فى مجال الدعوة على طوائف من العلماء، دون أن يكون لهم حق الفتوى العامة، ولا يوجد ضابط فى المشروع أو غيره يحدد ما هو عام أو خاص فى أمور الفتوي، فإذا قلنا أن الفتوى العامة هى التى تمس قطاعا عريضا من الناس، فالأمور المتعلقة بالعبادات والمعاملات، تعم الفتوى فيها أفراد المجتمع كافة، وإذا قلنا إن الفتوى العامة هى التى لم يسبق للأمة الاجتهاد لإيجاد حكم شرعى فيها، لأنها من نوازل العصر، فإن هذه النوازل تم إنضاجها بمئات البحوث، التى نوقشت فى المجامع الفقهية والمؤتمرات، حتى صار الحكم فيها معلوما علما نافيا للجهالة.

وأوضح انه من المتصور أن يقوم خطيب أو مدرس فى مسجد ببيان حكم شرعى للناس فى نوع من المعاملات أو السلوكيات أو التصرفات السائدة فى المجتمع، فيعتبر بعض المغرضين أنه خاض فى فتوى عامة، ولم تشر المواد كيف لهذا القانون أن يحقق لمن نادوا باستصداره أن ينظم الفتوي، خاصة أن المشروع ينال بدائرة الحظر فيه كل أحد من غير الجهات الأربع، ممن لم يحصل على ترخيص بالفتوي، وهم يصلون إلى عدة مئات، والترخيص بالفتوى الغرض منه أن يُسبق باختبار لمن يريد الحصول عليه، وإلا كان منحه عشوائيا كمشروع القانون الذى اشترطه، فإذا سبق منح الترخيص اختبار لمن يريد الحصول عليه، فما وسيلة اختباره، وفى أى شيء يكون! ومن الذى يقيم هذا الاختبار؟

وأضاف: إن كان المراد بمشروع القانون حجب أفراد بأعيانهم من الظهور فى وسائل الإعلام، أو الإدلاء بأى مادة علمية فى أمور الشرع، فمن المعروف أن من ضمن مهام مجمع البحوث صون الشريعة عن أن تشوه أو تغير أو تبدل، وأن القانون الذى ناط به هذه المهمة، منحه الوسائل التى تعينه على القيام بها، لم ينص على عقوبة من أفتى إذا خالفت فتواه الشرع، وكان من هذه الجهات الأربع أو ممن رخص لهم فى الفتوي، وإذا كان الباعث على استصداره هو منع الفتاوى المخالفة للشرع فماذا لو كانت الفتاوى المخالفة للشرع صادرة ممن رخص لهم فى الفتوي، فهل يوقع عليه عقوبتا الحبس والغرامة الواردتان فى المشروع؟!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق