رئيس مجلس الادارة

هشام لطفي سلام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

لعبة العراف.. كوميديا من قلب المأساة

محمد بهجت;
كيف يمكن تحويل الأعمال التراجيدية المأساوية إلى عرض استعراضى كوميدى دون أن تفقد الفكرة الأصلية بريقها أو تأثيرها على المشاهد؟! سؤال صعب يحاول الإجابة عليه المخرج الواعد عمر الشحات والمفتون بأسلوب كوميديا ديلارتى الإيطالية والتى تعتمد على جوقة مهرجين وتميل إلى المبالغة واستخدام التعبير الصامت ولغة الجسد إلى جانب الغناء والرقص والتمثيل لتجسيد الشخصيات فى صورة كاريكاتورية..

وقد اختار المخرج أن يعد أسطورة أوديب للشاعر اليونانى هوميروس ليصيغ من خلالها عرضه لعبة العراف على مسرح الغد بمجموعة من الممثلين بعضهم من أصحاب الخبرة والتجارب الفنية العديدة مثل عبير عادل والبعض الآخر من المواهب الشابة ذات الحضور المسرحى منهم نورهان أبو سريع التى قدمت دور أرلكينو وهانى محيى الدين الراعى وعلى الظايط سمسار بيع أوديب طفلا وإسلام أشرف الراوى المشارك فى سرد التفاصيل.. وتحكى الأسطورة عن الملك الذى أخبره أحد العرافين بأنه سينجب طفلا يقتله عندما يكبر ويتزوج من زوجته التى هى أم الطفل! وتصير النبوءة كابوسا يؤرق الملك فى حياته وعندما ينجب يقرر التخلص من طفله فيكلف أحد الرعاة بإلقائه من قمة الجبل ولكن الراعى لا تطاوعه نفسه على قتل الرضيع ويأتيه من يعرض عليه بيعه لملك وملكة طيبة اللذين لا ينجبان.. ثم يكبر أوديب وتتحقق نبوءة العراف وتتربى عنده عقدة الذنب فيفقأ عينيه حتى لا يبصر فعلته.. ورغم قتامة الأحداث وغلبة الطابع المأساوى عليها إلا أن المخرج نجح فى تقديمها بأسلوب كوميديا ديلارتى مستعينا بأشعار درامية ذكية وخفيفة الظل لمحمد الشرقاوى وألحان وموسيقى بالغة العذوبة والبساطة لمحمد بكر.. وتألق الجميع فى أداء الرقصات المصاحبة للأغانى خاصة نورهان، كما تألق كل من صلاح الدين ومحمد عبد الرحيم ونائل على فى المشاهد الكوميدية وظهر بوضوح أنهم أصحاب مواهب حقيقية، بينما كان محمود الزيات شديد التميز فى المحافظة على شخصية أوديب دون أن يسقط فى فخ التطويل الذى وقع فيه عدد كبير من أبطال العرض.. وتألق من خلف الكواليس الفنان محمد هاشم فى تصميم ديكور بسيط وجميل وملابس تجمع بين الشخصيات اليونانية القديمة وروح فرقة المهرجين التى تؤدى العرض.. كما لعب ماكياج منى مهدى دورا مهما خاصة فى شخصية أرلكينو ذى الوجه المزدوج نصفه لرجل ونصفه لامرأة وشارك العازفون عمرو عبد الحكيم على آلة الكمان وأحمد مهدى على الجيتار وإسلام بكر إيقاع فى صنع مؤثرات صوتية كوميدية تجسد لحظات القتل والصراع بصورة هزلية ساخرة تتسق مع الرؤية التى اختارها المخرج لعرضه الجديد والمميز والذى سيزداد تميزا إذا تم اختصاره واختزال مناطق التطويل فيه بحيث لا يتجاوز الساعة ويكتسب إيقاعا أسرع وأقرب للعروض العالمية التى تتخذ من كوميديا ديلارتى منهجا لها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق