رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«لوجان» تجسيد للصراع الأبدى بين القوة الخارقة والضعف الإنساني

بهاء الدين يوسف
هل القوة الخارقة يمكن أن تغنى صاحبها عن المشاعر؟ وهل تستطيع العضلات المفتولة وإمكانات التدمير الشامل أن تحل محل التواصل الإنسانى فى أبسط أشكاله؟

أسئلة قد تبدو معقدة وبعيدة عن أذهان الكثيرين منا فى حياتهم اليومية، لكنها شكلت جوهر أحداث فيلم «لوجان» أو كما يحب كثير من النقاد الأمريكيين أن يطلقوا عليه فيلم وداع السلسلة الشهيرة «إكس من» التى تتناول قصص أشخاص متحولين أو نوع من البشر المستذئبين هم نتاج مشوه لتجارب معملية متطرفة، أو بشكل أدق وداع بطل السلسلة المعروف ولفرين لوجان الذى يجسده هيو جاكمان.

.....................................................................

الفيلم هو الجزء العاشر من السلسلة الشهيرة التى بدأت قبل 17 عاما وتحديدا عام 2000 بفيلم «رجال إكس» ولاقت اجزاؤها العشرة (بما فيها «لوجان») نجاحا كبيرا انعكس على إيراداتها التى تجاوزت 4 مليارات و800 مليون دولار كسابع أعلى سلاسل الأفلام إيرادات فى تاريخ هوليوود.

اختار المؤلف سكوت فرانك الذى لم يكتب قبل «لوجان» سوى جزء وحيد فى السلسلة عام 2013 هو «ذى ولفرين» أن يكون الماستر سين أو المشهد البطل فى فيلمه الجديد مقتل البطل لوجان نهائيا، وهو الذى ظهر طوال الأجزاء الأخرى عصيا على الموت بفضل قوته غير الطبيعية، فى إشارة لانتهاء دور هيو جاكمان فى السلسلة بعدما كان البطل المحورى لأغلب أجزائها العشرة.

تدور أحداث الفيلم التى يفترض أنها تجرى عام 2029 حول لوجان أو ولفرين (هيو جاكمان) المستذئب الذى يبدو عجوزا ويعمل سائقا لسيارة ليموزين كما يراعى والده الروحى البروفيسور تشارلز زافير «المقعد»، وصديقه كاليبان حتى يتلقى طلبية توصيل فيكتشف أنها من سيدة لاتينية ومعها طفلة غريبة الأطوار.

يبدو من الحوار بينهما وجود معرفة سابقة تتجلى فى رفض لوجان توصيل السيدة التى تصر على طلبها مستخدمة كل وسائل الرجاء لحثه على القبول بالمهمة لأن الطفلة لورا (دافنى كين) فى خطر، ويعرف أنها طفلة مستذئبة ساعدتها السيدة ومعها عشرات الأطفال الآخرون على الهرب من معمل مكسيكى غير شرعى لتهجين هذه النوعية من الأطفال.

يوافق لوجان فى النهاية لكنه عندما يصل يجد السيدة مقتولة، فيصحب الطفلة لمقره حيث تقابل بترحيب لافت من البروفيسور الذى يكتشف أنها من نفس فصيلة لوجان ويرجح بالتالى أنها ابنته ويحثه على القبول بالأمر لكن الأخير يقاوم الاعتراف به.

فى تلك الاثناء يحدث هجوم على المقر من فريق الريفيرز العدو التاريخى لفصيلة الإكس من بقيادة دونالد بييرس فى محاولة لخطف الطفلة والوصول من خلالها لبقية الأطفال الهاربين قبل أن يعبروا حدود الولاية إلى منطقة ينعمون فيها بالحماية من الملاحقة، مما يضطر لوجان للهرب مع البروفيسور والطفلة.

خلال رحلة الهروب ينزل الثلاثى ضيوفا على أسرة من الأمريكيين السود ويساعدونهم ضد رجل أعمال يتفنن فى مضايقتهم لإرغامهم على بيع حقولهم له مثل الباقين، لكن فى نفس الليلة يطلق فريق الريفيرز شبيه لوجان، وهو النسخة الحيوانية منه التى تفتقد للضمير والأخلاق وما إلى ذلك من مميزات البشر فيقتل البروفيسور وبقية أفراد الأسرة.

يستمر لوجان والطفلة فى الهرب أملا فى الوصول للمنطقة المنشودة فى شمال داكوتا، وخلال ذلك تنشأ بين الاثنين علاقة إنسانية كتلك التى تميز العلاقة بين الأب وابنته، وينجح لوجان فى إيصال الطفلة للمكان المنشود رغم شكه فى كون كل ما سمعه من السيدة اللاتينية حقيقيا.

وعندما يصل الاثنان للهدف يسقط لوجان من الإعياء فتتولى مجموعة الأطفال علاجه، قبل أن يقرروا عبور الحدود فجرا قبل أن يصل إليهم فريق الريفيرز، لكنهم قبل أن يتمكنوا من بلوغ الحدود يلحق بهم مطاردوهم.

هنا يعود لوجان العجوز مستعيدا شبابه بفضل جرعة عالية ومميتة من دواء خاص بالمستذئبين لينقذ الأطفال من ملاحقيهم وهو ما ينجح فيه لكنه خلال الصراع يلقى حتفه على يد قرينه الحيواني.

اللافت فى الفيلم هو تقديمه البطل المستذئب فى قالب إنسانى غير معتاد منه فى الأجزاء السابقة، فهو فى السابق مجرد آلة للقتل والتدمير خلال محاولاته المستمرة للفرار من ملاحقيه، لكنه فى هذا الفيلم يقدم الجانب الإنسانى منه بنفس المساحة التى أفردها للمستذئب، فهو الشخص الذى يعتنى بوالده الروحى بعد أن بلغ منه العمر عتيا.

كما أنه الوالد المجهول لطفلة مستذئبة يرفض فى البداية أن يعترف بأبوته لها، لكنه يضعف أمام سيل المشاعر الإنسانية المتدفقة منها ناحيته، فيغدق عليها مشاعر العطف التى تميّز الآباء حتى تقوده تلك المشاعر للهلاك.

الجانب الإنسانى طغى بشكل عام على هذا الجزء فى محاولة من المؤلف سكوت فرانك والمخرج جيمس مانجولد ربما لكسب التعاطف الجماهيرى مع هذا النوع من المسوخ البشرية، أو لإظهار الصراع العنيف بين الإنسان والحيوان داخلهم، وهو ما يبدأ بتصوير مأساة الأطفال الذين تم تحويلهم قسرا إلى مستذئبين ثم مطاردتهم لتحويلهم إلى أسلحة فى أيدى الأشرار، بينما كل ما يريدونه هو أن ينعموا بحياة طبيعية، وهو ما يستطيع المشاهد تلمسه فى المشاهد الأولى للطفلة لورا التى لا تفعل شيئا سوى لعب الكرة مع نفسها فى حالة سلام تامة.

ثم هناك استمتاع البروفيسور بالحالة العائلية التى عاشوها فى منزل الأسرة السوداء بعدما قدموا أنفسهم للأسرة باعتبارهم جدا ووالدا وابنة، حينما اعترف قبل لحظات من مقتله على يد نسخة لوجان الحيوانية أن تلك الليلة هى الأفضل فى عمره الطويل، ما يظهر قسوة الحياة المفروضة على المتحولين وحرمانهم من الحياة الطبيعية.

اللافت أيضا هى المغامرة الجريئة من المخرج والمؤلف بالتقليل من الأكشن الذى تميزت به سلسلة «إكس من» منذ بدايتها، لصالح إظهار الجانب الإنسانى للأبطال فى هذا الفيلم، وهو ما انعكس على شكل الصورة التى ركزت على رصد أعماق الشخصيات الرئيسية بدلا من الإبهار المعتاد فى أفلام الأكشن.

المفاجأة أن تلك المغامرة نجحت فى كسب تعاطف الجمهور والنقاد على حد سواء، بعدما حصد الفيلم إيرادات تجاوزت 438 مليون دولار خلال 12 يوما من بدء عرضه فى الأول من مارس الحالي، مقابل ميزانية لم تتجاوز 97 مليون دولار، أما على مستوى النقاد فقد حصل الفيلم على تقديرات مرتفعة فى المواقع النقدية المتخصصة، مع تعليقات إيجابية من أغلب النقاد.

لكن وسط هذا الكم من الإشادات لم يتوقف كثيرون عند الدور المؤسف للفيلم فى تشجيع نزعات العنف لدى الأطفال من خلال المشاهد التى يظهر فيها الأطفال المتحولون وهم يقتلون ملاحقيهم خلال محاولتهم النجاة وعبور الحدود.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق