لا يمكن للبلد أن ينهض ما دام أن عدداً من المضطربين نفسياً يتولون قيادة بعض مؤسساته المهمة! وللأسف، فإن التدمير الذى يُلحِقه المدير المضطرب بالعمل وبالعاملين وبالأوضاع العامة لا ينال ما يستحقه من اهتمام فى الحوار العام، برغم أن الممارسة تثبت أن شهادة السلامة النفسية للمرشح للمنصب الكبير جديرة بأن تسبق فى الأولوية شروط الخلو من الأمراض المعدية، ونظافة صحيفة الحالة الجنائية، وموافقة الأمن الوطنى. خاصة، لأن المضطرب من هذا النوع يحرص طوال عمره على إخفاء حقيقته الخَرِبة المُخرِّبة تحت قشرة من الجدية المزعومة والتمويه بالإخلاص والتفانى فى العمل، ولا بأس من حفنة شعارات إنسانية ووطنية وثورية..إلخ، ولا مانع من أن يبدو حيياً يَحمَّر خداه وأذناه فيما يشبه الأدب الخجول.
ومع أول لحظة من توليه المنصب تواجهه حقيقة لا يقدر على تحمّلها، وهى افتقاده الهيبة التى كان يظن أنها تأتى تلقائياً مع الكرسى، ويتوهم أنه إذا تجهم وخاصم الابتسام ستسرى فى قلوب مرءوسيه رهبة يأملها، فلا يجدى كل هذا، ويظل إحساسه بالدونية عميقاً، فيعوِّض النقص بالتعسف والتعنت وإساءة استخدام صلاحيات المنصب فى غير الغرض من وضعها، بأن يسوِّم من ابتُلوا به العذاب، فينكِّل بكبار معاونيه ممن يعتدّون بكرامتهم، حتى إذا كانوا على أعلى درجات الكفاءة! ويُسعده الإطراء فيُغدق على المنافقين ويرتقى بهم حتى إذا كانوا معطلين من المواهب ومتهربين من الواجب. ويقرر أن يفرض فتاواه فيما لا يفهم على حساب آراء المتخصصين، وينزلق كل يوم فى المزيد من الإعجاب بعبقريته التى كانت كامنة مستترة حتى عليه هو شخصياً. وهذا ينقله إلى مرحلة أسوأ يحاول أن يحل فيها مشاكله المتفاقمة طوال عمره مع النساء، فيبدأ الشقاوة على كبر، وفى نفس الوقت يمارس أقصى خشونة مع الرجال ذوى الحظوة مع النساء، وينسى شعارات زمان عن النضال ضد الفساد ويستسيغ لنفسه الرفاهية من المال العام، وينتهك ضمانات حقوق العاملين فى القوانين التى كان يدينها بقهر العاملين..إلخ إلخ
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب; رابط دائم: