نقطة تحول
بعد البراءة

فى الأول من ديسمبر عام 2014 كتبت مقالا نشر فى الأهرام بعنوان تكاليف محاكمة القرن وذكرت فيه أن تكاليف محاكمة القرن قدرت بما يزيد على 20 مليون جنيه وهى مصاريف الانتقال بالطائرة التى كانت تقل الرئيس الأسبق حسنى مبارك وتكاليف الفريق الطبى المرافق له، بالإضافة إلى تأمين قاعة المحاكمة وغيرها من الالتزامات الضرورية.

واسترشدت بأن متوسط تكلفة الرحلة الواحدة للطائرة الهليكوبتر لنقل مبارك إلى قاعة المحاكمة ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف دولار .

فى نفس اليوم تلقيت مكالمة هاتفية من الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى يرحمه الله وفيها وجه إلى سؤالا هل تعتقد أن تكاليف المحاكمة 20 مليون جنيه فقط ؟ وأردف الرقم ربما يكون أكبر بكثير مما ذكرت .

اليوم تذكرت مكالمة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى بعد أن قضت محكمة النقض ببراءة مبارك والحوار الذى دار بيننا عن التكاليف التى تتحملها الدولة بسبب هذه المحاكمات ذات الوضعية الخاصة .

يومها لم يتطرق الأبنودى من قريب أو بعيد إلى منصة القضاء وقال : الحكم الذى ستصدره المنصة هو عنوان الحقيقة لكنه تطرق إلى الحيل التى يلجأ إليها المحامون والتى دون شك تكون سببا فى إطالة أمد التقاضى وإرهاق ميزانية الدولة فى سبيل الحصول على البراءة .

تقديرات تكاليف محاكمة القرن بدون شك غير معروفة بالدقة وهناك تقديرات نشرتها وسائل الإعلام بعضها مبالغ فيه والبعض الآخر غير دقيق لكن هى كبيرة نظرا للظروف الخاصة لهذه المحاكمة .

صفحة طويت فى تاريخ مصر ستكون فى المستقبل مادة مهمة للباحثين عن الحقيقة لكتابة صفحات التاريخ بكل تجرد ووفق الضمير الإنسانى بعيدا عن المواقف الشخصية والمسبقة وهى مهمة ليست بالسهلة لكنها ككل فعل جاد يتطلب عملا جادا لأن الكثير مما نشر ومما تردد يحتاج إلى وثائق ودلائل .

والتاريخ الصادق يكتبه من لا يعرف الكراهية حتى لا تطغى مشاعره على سطوره قد يحب هذا طبيعى دون أن يتجاوز الموضوعية التى يتحلى بها كل مؤرخ يتصدى للأمانة والمسئولية التاريخية .