رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مرحبا بسيدة أوروبا العظيمة

تبدأ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زيارتها الخميس لمصر، فمرحبا بالمستشارة التي وقفت رغم كل الضغوط داخليا وأوروبيا لتحتضن مليون لاجىء

وتضمد جراحهم بعد مسار ومعاناة عبر الحدود وصولا للأراضي الألمانية، مرحبا بالسيدة العظيمة التي وقفت تدافع عن الإسلام وتضع حدا فاصلا بين الإرهاب ورسالة الإسلام وتؤكد أن الإسلام جزء من ألمانيا رغم تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة من داخل ألمانيا وفي أوروبا والولايات المتحدة، ورغم مواصلة الإرهاب إجرامه حتي في أعياد الميلاد وفي قلب برلين. والمستشارة هي ابنة لرجل دين بروتستانتي تعلمت المباديء والقيم النبيلة، وعايشت معاني القهر والانفصال في شرق ألمانيا حتي الوحدة والاندماج فصارت جزءا من المسار السياسي للأمة الألمانية العظيمة التي رفعتها لتقود الحزب الديمقراطي المسيحي منذ عام 2000 ولتتولي المنصب الرفيع مستشارا لألمانيا منذ عام 2005 وحتي اليوم، ووصفتها مجلة بالتايما علي غلافها، بأنها مستشارة للعالم الحر عام 2014، وسميت أقوي امرأة في العالم للمرة العاشرة من مجلة «فوربس».

أما عن ملف الأزمات الراهنة فهي تؤمن بدور مصر كمحور استقرار في المنطقة، وأيدت سياستها فيما يخص الملف الليبي واعتبرت أنها قوة إقليمية لها دور كبير في الاستقرار السياسي، وتمثل تلك القناعات الأسس التي صاغت علي أساسها المستشارة توجهات حكومتها تجاه مصر، بعدما عصفت بها احداث ثورتين جسام، واختارت المستشارة عندما دعت الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة برلين من يونيو 2015، أن تنحاز وبشدة إلي جانب مصر، وقد ارتأت أنها مفتاح وقاعدة الاستقرار في منطقة وبلد يرتبطان بأوروبا بمصالح استراتيجية ولم يكن هذا الانحياز سياسيا متمثلا في دعوة الرئيس لأهم العواصم ومركز الحركة والنشاط الأوروبي أقصد برلين، ولكن كان في الالتزام بتقديم دعم اقتصادي واستثماري تمثل في تمويل الصفقة الأهم في تاريخ علاقات البلدين الاقتصادية والتي بلغت 8 مليارات يورو لإنشاء شركة سيمنس أربع محطات عملاقة لتوليد الطاقة بقدرة مجتمعة قدرها 14٫500 ميجاوات هي أكثر من نصف انتاجنا الحالي وهو ما أعاد الاستقرار لقطاع الكهرباء علاوة علي ما سيتيحه من طاقة للصناعة وللمستثمرين ومشروعاتهم كما لعبت ألمانيا دورا مهما في مساندة خطة الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الحكومة الموقع مع صندوق النقد، وأسهمت بلادها في سد جزء من الفجوة التمويلية المطلوبة، ووصفت البرنامج في بيانها أنه شجاع ورحبت بخطوات مصر الإصلاحية الجريئة.

ومع تماسك السوق فإن المجال مفتوح لاستثمارات ألمانية كبري في مصر فبالإضافة لقطاع الطاقة والبترول والغاز، فإن ارتباطا تاريخيا بين مصر والصناعات الألمانية ذات السمعة الطيبة، سيكون مجالا لإطلاق إمكانات التعاون وتطوير آفاقه فألمانيا حاليا تسهم في حفر الأنفاق الجاري إنشاؤها أسفل قناة السويس لتنشئ شريان تنمية يجمع الوادي وسيناء، وكان الاتفاق مع الشركات الألمانية ثمرة أخري من ثمار الزيارة التاريخية للرئيس السيسي لألمانيا.

عودة للسيدة ميركل، الضيف العزيز علي مصر التي اختارت أن تضع يدها لمؤازرتنا، وحتما بفضل التعاون بين البلدين سينهض الاقتصاد وسيزيد بفضل الحوار الذي سيتخلل الزيارة بين وفد رجال الأعمال الرفيع المستوي المرافق للمستشارة والانتقال بأرقام التجارة من 4 مليارات دولار، يورو حاليا، و850 مليون يورو حجم الاستثمارات الألمانية ـ باستثناء عقد سيمنز (8 مليارات يورو) ونشاط الشركات الألمانية في مجال الاكتشافات البترولية والغاز (2 مليار يورو)، فإن حجم التجارة والاستثمار مرشح لطفرة كبري وبقي أن أشير إلي أن لألمانيا برنامجا للتعاون التنموي يقدم لمصر وفقا لاحتياجات الجانب المصري مما يسهم في تمويل العديد من مشروعات البنية التحتية من كهرباء وري وصرف صحي وتنمية ريفية وتدريب وتعليم وتأهيل الشباب وإيجاد فرص عمل، ولا يفوتني الإشارة للتعاون الثقافي والتعليمي كأحد أبرز مجالات التعاون منذ نشأة المدرسة الألمانية الإنجيلية عام 1873 وتوالت الصروح التعليمية منها معهد جوتة الثقافي بالقاهرة والاسكندرية والجامعة الألمانية بالقاهرة والعديد من المدارس الألمانية والمصرية التي تدرس المناهج الألمانية، كما لعب المعهد الألماني للآثار المصرية القديمة منذ نشأته عام 1907 دورا مهما في مسار العلاقات الثقافية والاهتمام بالآثار والاكتشافات والترميم. ودرس آلاف من الطلبة المصريين في الجامعات الألمانية وعادوا لبلادهم يحملون علما أسهم في نهضة مصر الحالية في مجالات عديدة.

ولألمانيا برنامج مهم أود إضافته لسجل التعاون والدعم التنموي، خاص بتبادل الديون أعلنته المستشارة الألمانية دعما لمصر بعد ثورة يناير وتم تبادل نحو 80 مليون يورو، وبقي 160 مليونا أخري تعثرت بسبب مشكلة المؤسسات المدنية الألمانية العاملة في مصر خاصة بعد أزمة موسسة كونراد أيدناور، ولاشك فى أن التوصل لصيغة تحافظ علي مصالح ورؤي الجانبين وفقا لظروف ومقتضيات القوانين المصرية وفي إطارها، سيكون مدخلا لحث ألمانيا علي إطلاق الحزمة الثانية من تبادل الديون لاسيما أنه كان وعدا من المستشارة فإنها الخلاصة أننا أمام علاقات متشعبة ضاربة بجذورها في التاريخ ومستندة لود شعبي واحترام متبادل ولمست حبا لمصر وشغفا بآثارها علي كل المستويات الشعبية والرسمية في ألمانيا، مما يجعلني شديد التفاؤل بما يمكن أن يتحقق في المجال السياحي، بعد عودة الطيران الألماني للمقاصد السياحية المصرية، كي تعود أرقام الزائرين لأكثر من مليون سائح ألماني لمصر عام 2010، انتقالا من 650 ألف سائح ألماني يزورون مصر سنويا في الوقت الحاضر.

أري أن العلاقات الثنائية المصرية الألمانية بنيت علي أسس متينة، يعمقها فهم متبادل لأهمية دور كل منهما القاهرة وبرلين في محيطهما الإقليمي، ودورهما الموثر معا علي السياحة الدولية، وفهم استراتيجي لوحدة المخاطر المحيطة بالمنطقتين الأوروبية والشرق أوسطية، ولذا لزم التنسيق لدحر الإرهاب، ومواجهة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين، والأهم العمل علي تسوية نزاعات المنطقة، وإلزام كل الأطراف بتحمل مسئولياتهم لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، مرحبا مجددا بالمستشارة ميركل.

لمزيد من مقالات سفير. د. محمد حجازى

رابط دائم: