رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

كلمة عابرة
العلم والكلام الفارغ!

حينما قفز الدولار فى أيام قليلة إلى ما يقرب من 20 جنيهاً، أسرع بعض متصدرى المشهد بالقول إنه مؤشر واقعى عن القيمة الحقيقية للعملة الوطنية. وليس هذا سياق لفت النظر إلى لغة التشفى التى كانت تنضح فى تأكيدهم تدهور اقتصاد البلاد، وإنما المهم هنا الإشارة إلى أنهم لم يجهدوا أنفسهم فى عرض تفسير علمى مقنع فى كيف يمكن أن يتدهور اقتصاد بلد فى أيام قليلة بهذه المعدلات، ولماذا لم تصل السوق السوداء إلى هذا السقف فى عزّ الأزمات! ثم عندما بدأ الدولار فى التراجع، أسرعوا باعتبارها ظاهرة وهمية وكدّوا فى طرح احتمالات لطرق تدخل الدولة بضخ عشرات الملايين من الدولارات فى السوق لتخفيض قيمته. وكانت هذه أيضاً أقوالاً مرسلة دون معلومات مؤكدة وبلا تحليل علمى منضبط رغم أن معظم عناصر المسألة قابلة للقياس. وضاع فى هذا الصخب كلام خافت كان يمكن أن يتطور إلى بلورة صورة حقيقية للحدث، أو على الأقل أن يضع الحوار على قاعدة المنطق، بمثل التفسيرات التى ترددت عن انخفاض الطلب على السلع المستوردة بالدولار، وأن هذا جاء بالتزامن مع موسم تصدير عدد من المنتجات الوطنية، وتوقف العمرة مؤقتاً، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج بحافز الأسعار الجديدة، إضافة إلى اتجاه الكثيرين إلى التخلص من الدولار فى حوزتهم خشية مزيد من انخفاض قيمته..إلخ.

كانت الشكوى قبل سنوات قليلة أن شعارات الأيديولوجيا تسبق التحليل العلمى، وتحتل مكانة متصدرة فى وسائل الإعلام الجماهيرية، حتى أنك كنت تعرف ماسوف يقوله المتحدث قبل أن يتحدث بمجرد معرفة هويته السياسية. ثم جاءت هذه المرحلة التى تعلو فيها لغة الديماجوجية، التى تقف على الشاطئ وتلتقط مما تحت قدمها.

ومن المؤكد أن هذا لا يعنى أن الحكومة رائعة وأن سياساتها صائبة، كما أنه لا يقلل من معاناة الجماهير من الغلاء، وأنه يجب إيجاد حلول عاجلة، ولكن المطلوب، على الأقل من النخب المنتظر منها أن تقود الرأى العام، أن تُميِّز نفسها بالتناول العلمى.


[email protected]

[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;

رابط دائم: