رغم مرور أيام على اضطرار مايكل فلين مستشار الأمن القومى الأمريكى إلى الاستقالة بسبب ما أثير حوله من إجرائه اتصالات «نوعية» مع السفير الروسى فى واشنطن سيرجى كاسيلياك «أشار فيها إلى أن الرئيس الأمريكى الجديد سيلغى العقوبات المفروضة على روسيا من جانب الغرب» فإن القصة كلها تومئ إلى عدة نقاط لا أظنها تهدأ بمرور كل الأيام الفائتة منذ 13فبراير يوم استقالة مستشار الأمن القومى وهي:
أولا: هناك شرخ عميق فى الثقة تعمق بين ترامب وأجهزة الأمن فى المخابرات المركزية الأمريكية و«إف.بى.آى» أو مكتب التحقيقات الفيدرالى و«إن.إس.إيه» أو وكالة الأمن القومى وقد اتهمهم ترامب ـ صراحة ـ بأنهم وراء توزيع المعلومات على صحيفتى «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» كما يتم توزيع حلوى الأطفال، والحاصل أن هناك تضاغطا ـ بالفعل بين ترامب وبين الدولة العميقة وضمنها أجهزة الأمن وهو ما ينذر بمواجهة عقب استكمال ترامب تعيين أعضاء إدارته.
ثانيا: إن هناك ـ بالفعل ـ اتصالات واسعة بين مسئولى حملة ترامب ومسئولين روس حتى من قبل توليه الرئاسة وبينهم من انكشف اسمه مثل مانا فورث مدير حملة ترامب، ولكن هذه الاتصالات ليست دليلا على تجسس وغير الطبيعى ألا تحدث فى إطار رغبة عند الإدارة الجديدة فى التعاون مع الروس بعد ما نسف أوباما تلك العلاقات.
ثالثا: إن الرئيس ترامب هو الرئيس 45 للولايات المتحدة وقد جاء بعد 155 عاما من تأسيس الدولة مخالفا للتقاليد السياسية وللمؤسسة الحاكمة فى البلاد، ولكنه جاء بإرادة أعضاء المجمع الانتخابي، ولأن بداخلى يقين بأن المرحلة هى التى تختار رجالها، فإن على الجميع احترام هذه الحقيقة وأظن أن ذلك قد غاب فى مسألة مايكل فلين وسط الحمى التى اندلعت ضد ترامب بفعل القضايا الخلافية الكثيرة التى أثارها منذ تم تنصيبه.
رابعا: أجهزة المخابرات والإعلام لا تريد الاعتراف بوضعية ترامب كرئيس مختلف، وربما تكون عندى تحفظات على مواقف الرئيس الأمريكى بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ولكنه ـ فى النهاية ـ رئيس منتخب، ونجاحه فى فرض الاعتراف به كرئيس من نوع آخر، هو ـ أيضا ـ بحاجة الى ترويض أو تقويض الدولة العميقة فى موقفها منه.
لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع; رابط دائم: