رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قوة عدونا فى تمزقنا

عادت المشكلة الفلسطينية تتصدر واجهة الأحداث، بعد لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو، الذي بدا فخورا «برؤية» ترامب لحل أعقد قضية فى التاريخ، وكيف لا والرئيس الأمريكى الجديد يطالب الفلسطينيين والاسرائيليين بتقديم تنازلات، لتحقيق السلام!!! وهو ما يوجب سؤاله: أى تنازلات يمكن ان يقدمها الفلسطينيون يا سيد ترامب؟.. لقد داهمهم ملايين اليهود من جميع انحاء العالم، وبدعم بريطانى فى البداية. ثم تسليم الراية لأمريكا منذ منتصف القرن الماضى، وشردوهم، بدعوى «ارض بلا شعب، لشعب بلا أرض؟» فى أحقر أكذوبة، اعطى بها من لا يملك وعدا لمن لا يستحق، وكأن ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ارضهم وطردوا من منازلهم، كانوا يسكنون كوكبا بعيدا عن كوكبنا. ومن بين الاسئلة، فى رأيى، كيف لأكبر دولة فى العالم، والتى لا تكف عن تصديع رءوسنا بالتحدث كحامية للحريات والقانون الدولى وحقوق الانسان، ان تهدر حرية الفلسطينيين وحقوقهم وتزدرى القانون الدولى؟! فلا يشير رئيسها،مجرد اشارة،الى قرارات مجلس الأمن الدولى خاصة القرار 242، الذى طالب اسرائيل بالانسحاب الى خطوط، ما قبل عدوان يونيو 1967، والذى اعتبر القدس الشرقية ارضا محتلة، ومع ذلك «وعد» ترامب، وكأننا لا يكفينا وعد بلفور، بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، عاصمة اسرائيل «الموحدة»، كما هتف بحماس فى قلب الكينست الاسرائيلى سلفه باراك اوباما. والأدهى والأمر ان حكام اسرائيل ينتهكون حقوق الفلسطينيين يوميا بالتوسع فى بناء المستوطنات فوق اراضيهم وعلى انقاض منازلهم، التى لا يراها ترامب، ويا للغرابة، عائقا امام تحقيق السلام، واضافة الى ذلك يطلبون منهم الاعتراف بيهودية الدولة. أى يعترفون بشرعية نظام عنصرى بامتياز، ربما اعتى من نظام جنوب افريقيا الذى سقط لان سقوطه كان حتميا. ومطلوب إذن من الفلسطينى، المسلم أو المسيحى، ان يقبل بوضع المواطن من الدرجة الثانية فى الدولة اليهودية!! فهل ينتظر ترامب ان يُقر الفلسطينيون بأن دولتهم هى دولة «يهودية»؟، وعلى أى اساس قرر الرئيس الأمريكى، دون ان يرمش له جفن، التغاضى عن اقامة دولتين واحدة اسرائيلية بما ابتلعت من اراض والأخرى فلسطينية على ما تبقى من ارض فلسطين، والمهددة بدورها للابتلاع بسرطان المستوطنات، ولا يوجد عاقل فى الدنيا يتوهم إحلال سلام فى المنطقة دون حل الدولتين. والحقيقة ان امريكا التى قامت على أشلاء الهنود الحمر، سكان امريكا الاصليين،لا تدرك ان عدد سكان اسرائيل يبلغ نحو خمسة ملايين، بينما العرب يقدرون بأكثر من ثلاثمائة مليون نسمة وكما قال سميح القاسم.. مجنونة هى الجزيرة التى تعادى المحيط!!..ايضا اتمنى ان يقرأ الرئيس الامريكى ما كتبه منذ سنوات جاك اتالي، وهو فرنسى يهودى الديانة، والذى كان من اقرب مستشارى الرئيس الفرنسى الراحل فرانسوا ميتران حيث اوضح ان نهاية الحلم الصهيونى واقعة لا محالة فى الاحتمالات الثلاثة المنطقية، ففى حالة السلام فان اسرائيل ستذوب فى المحيط العربى، الاحتمال الثانى هو الحرب، لكن الحرب مستحيلة بسبب تداخل السكان، وفى حالة اللاسلم واللاحرب، سيعود اصحاب رءوس الأموال، الذين لم يحسبوا حساب مقاطعة الشعوب العربية، الى اوطانهم او من حيث اتوا..ففى كل الاحوال الحلم الصهيونى بالهيمنة على المنطقة، من الفرات الى النيل، غير قابل للتحقيق بل هو فى سبيله الى كتابة فصل النهاية. آما المحزن فعلا فهو التشرذم المفزع الذى وصلنا إليه، حيث لا توجد بقعة تقريبا فى الوطن العربى، لا يتقاتل فيها ابناء البلد الواحد والعقيدة الدينية المشتركة، ناهيك عن المختلفين فى الدين. وذروة الحزن هنا، هو ما حدث فى فلسطين نفسها، بعدما انفصلت غزة بقيادة حركة حماس، فشطرت المشطور وفتتت المفتت، فاختفى بالتالى اسم فلسطين تقريبا وبات الحديث عن الضفة وغزة واصبح كل طرف ينعت الآخر بأقسى الأوصاف ويكيل ما تيسر من اتهامات بالعمالة والخيانة، وكذلك بالكفر. وهنا لنا ان نتساءل، بفرض ظهور معجزة بوادر حل القضية هذا الشعب الذى تعرض ولايزال، لأفدح ظلم فى التاريخ: مع اى جهة نتفاوض؟.. السلطة الفلسطينية أم حركة حماس، المنشقة عنها؟..ان المأساة الفلسطينية شارك فى صنعها اجانب، لا شك فى ذلك، لكن الأكثر ايلاما ما الحقه بها العرب والفلسطينيون من ظلم وإجحاف.

لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى;

رابط دائم: