رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حرب فى الأفق بين إسرائيل وحزب الله

عاد السجال الساخن بين حزب الله اللبنانى وإسرائيل. تهديدات متبادلة استخدمت فيها تعبيرات وكلمات صريحة وحادة تكشف بعضا مما سيكون عليه الوضع إن تورط الطرفان فى مواجهة عسكرية، سواء كانت محسوبة بدقة أو تتم على عجل. ولم يعد بعيدا أن نشهد هجوما من حزب الله على مفاعل ديمونا النووى فى صحراء النقب، أو على منصات الغاز الإسرائيلية فى البحر المتوسط القريبة من الحدود مع لبنان بحرا وبرا، أو هجوم صاروخى على مصانع ومعامل تنتج مواد كيماوية خطيرة قريبا من حيفا وسط إسرائيل، وفى المقابل ليس بعيدا أيضا أن نرى هجوما جويا إسرائيليا ساحقا على البنية التحتية لدى لبنان وبما يعيده إلى العصور الوسطى حسب وصف رئيس الاستخبارات الإسرائيلي. هذه المشاهد المفزعة حتى على أطرافها أنفسهم صرح بها كل من الأمين العام لحزب الله اللبنانى حسن نصر الله، ويسرائيل كاتس رئيس الاستخبارات الاسرائيلية، ومن وراء ذلك تقارير لمراكز بحوث أمنية بعضها ذو صلة وثيقة بالجيش الإسرائيلى تتحدث بإسهاب عن تنامى قوة حزب الله الصاروخية إلى أكثر من الضعف عما كان عليه قبل العدوان الاسرائيلى الهمجى على لبنان صيف 2006، فضلا عن تنامى القدرات القتالية لأفراده ومسلحيه بسبب مشاركتهم الكثيفة فى الأعمال القتالية فى سوريا ضد الجماعات المسلحة الممولة والمدربة أمريكيا وتركيا وخليجيا. وحسب التقارير الإسرائيلية فإن الحزب يمتلك 130 ألف صاروخ وربما أكثر من أنواع مختلفة ومديات متعددة بعضها قادر على الوصول إلى أى بقعة فى إسرائيل، وهى صواريخ إيرانية وروسية وبعضها أمريكى.

ومن المرجح أن تبالغ التقارير الإسرائيلية فى قوة وعتاد حزب الله وربط ذلك بتنامى تهديد الأمن الإسرائيلى كنوع من التمهيد لدى الرأى العام وتطويعه لتأييد شن حرب واسعة المدى على حزب الله سواء فى لبنان أو فى سوريا، باعتبار أن ذلك حرب ضرورة لحماية البلاد من تهديد يزداد قوة وشراسة. لكن لا يمكن التقليل من قدرة حزب الله على الرد بقوة وبقسوة أيضا على أى حرب إسرائيلية أيا كانت حجتها الزائفة، وهنا تكمن المعضلة أمام صانع القرار الإسرائيلي، لاسيما وأن الحرب الشرسة التى شنتها إسرائيل على حزب الله ولبنان كله فى صيف 2006 لم تحقق هدفها المعلن آنذاك وهو إنهاء وجود حزب الله عسكريا وبالتالى زيادة أمن إسرائيل. إذ أثبت الحزب آنذاك رغم ضراوة الهجمات الإسرائيلية قدرة عالية على صد العدوان وإدارة عمليات عسكرية ناجحة أصابت الكثير من المعدات الإسرائيلية وأفراد الجيش معا. وبينما انتهى العدوان الهمجى بقليل من المكاسب الأمنية فقد بقى الحزب وظل سلاحه موجودا فى بقاع مختلفة من لبنان، بل زادت قوة الحزب وقدراته القتالية وتمرس أفراده فى أنواع مختلفة من القتال النظامى والقتال فى المدن والقرى والجبال بفعل مشاركته فى الحرب السورية.ومن المنظور الاسرائيلي، هناك عدة أسباب تدفع الى شن عدوان على لبنان فى هذا التوقيت، منها أن إدارة ترامب المؤيدة بقوة لتل أبيب لن تمانع من قيام اسرائيل بتقليم أظافر إيران الإقليمية، بل ربما تطلب مثل هذا الجهد الاسرائيلى باعتباره موجها الى إيران المصدر الاول للارهاب فى العالم وفقا لتصريحات ترامب وكبار معاونيه. وليس هناك ما يثبت أن هذا الامر قد تم بحثه فى الاجتماع الأخير بين ترامب ونيتانياهو فى واشنطن. وبوجه عام فالبيئة الامريكية الجديدة والداعمة بلا حدود للتصرفات الاسرائيلية غالبا ما تغرى شخصا مثل نيتانياهو ووراءه عتاة اليمين فى بدء هذه الحرب.

أما السبب الثانى فهو اقتناع قادة إسرائيل بصواب مبدأ الحروب الوقائية التى تستهدف القضاء فى المهد أو قبل ما يستفحل ما يعتبرونه مصدر تهديد مرجحا وخطيرا مثل حزب الله وأسلحته. وثالثا فإن مسارات التسوية السياسية فى سوريا لا تضمن خروجا لحزب الله من سوريا. والمعضلة الكبرى بالنسبة لإسرائيل تكمن فى إن تحرك الحزب من سوريا فسيعود الى لبنان، وهو ما سيؤدى إلى مساحة نفوذ أكبر فى الساحة اللبنانية، أما إذا استمر منتشرا فى كل من سوريا ولبنان فقد يعمد الى الاقتراب من هضبة الجولان المحتل وبما يشكل مصدر تهديد للاحتلال الاسرائيلى هناك. وفى كل الاحوال تجد إسرائيل حزب الله مشكلة كبرى تستدعى حلا عسكريا تحميه إدارة ترامب، ويبقى البحث فى التوقيت المناسب والذرائع التى سيتم بثها للرأى العام. ويمكن اعتبار الرسالة التى وجهها المندوب الإسرائيلى فى الأمم المتحدة الى الأمين العام وفيها اتهام مباشر للرئيس اللبنانى عون بسبب تصريحه القائل بأن سلاح حزب الله مكمل لسلاح الجيش وموجه لرد العدوان، بأنها تضفى شرعية لسلاح حزب الله مضادة لقرارات الأمم المتحدة خاصة القرارين 1701 و1559. ومثل هذه الرسالة ليست سوى تمهيد دولى لعمل حربى كبير قد لا يطول انتظاره.

لمزيد من مقالات د. حسن أبو طالب;

رابط دائم: