رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

توصيات صندوق النقد والدول النامية

أثناء أزمة الدولار التي مرت علينا العام الماضي والتي أدت الى تحرير سعر صرف العملة امام الجنيه المصري وخفض قيمة العملة المحلية، وجدت نفسي امام تحد ذهني ناتج عن مفهومي لغرض تأسيس صندوق النقد الدولي والتناقض المرتبط بمسألة خفض قيمة العملات امام الدولار لأن منذ انشاء صندوق النقد الدولي عام 1944، كان النظام الأساسي للصندوق يجعل قرار خفض قيمة العملة او التعويم محظورا إلا لعلاج الخلل في ميزان المدفوعات الخارجية لدى الدولة وبعد اخطار الصندوق وموافقته.

وعلى مدى التاريخ كانت الدول تتقدم للصندوق بطلب خفض قيمة عملاتهم، غالبا ما يتم رفض طلبها للحفاظ على قدرة الدول الكبرى على منافسة منتجاتهم، وعدم خروج الاستثمارات من هذه الدول، وفى حالة الموافقة على طلب تخفيض قيمة العملة، كان الصندوق يوافق بشرط ألا تتعدى النسب المسموح بها.

وهناك بحث منشور على الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي، يؤكد فيه خبراء الصندوق أن تخفيض قيمة عملات الدول النامية بنسب عالية يؤدي الى نتائج سلبية على اقتصاد تلك الدول وصعوبات معيشية تصيب أغلبية سكانها.

ومع ذلك ما شهدناه في تاريخنا الحديث من اشتراطات على الدول النامية بخفض قيمة عملاتهم للحصول على مساعدات الصندوق، كان عكس ما جرى سابقا. لذا سيظل الجدل حول قدرة الصندوق على مساعدة الدول النامية، والغرض من تأسيسه مستمرا.

في عام 1944 اجتمعت وفود من 44 دولة، وعلى رأسها الولايات المتحدة لصياغة مجمل نصوص نظام الصندوق الأساسي.كان الغرض الأول لإنشاء صندوق النقد الدولي هو الحفاظ على استقرار النظام المالي وإدارة أسعار صرف العملات العالمية لأن الدول الكبرى آنذاك كانت منزعجة بقيام بعض الدول بخفض قيمة عملاتهم لزيادة التصدير وضبط ميزانهم التجاري، وقد جرى التفاوض على بنود مسودة نظام عمل الصندوق خلال ثلاثة أسابيع في فندق ماونت واشنجطون في بريتون وودز بولاية نيو هامبشير الأمريكية، تم ذلك بشكل متسرع مما أدى إلى شكوى من الدول الصغيرة حول أسباب سرية اتخاذ القرارات واستعجال الدول الكبرى على التصديق على بنود التأسيس.

وهناك العديد من الشهادات حول الفوضى التي سادت أعمال هذا المؤتمر، وعدم فهم الوفود الحاضرة لمعظم البنود، وعدم اطلاعهم على المفاوضات الجانبية التي أدت الى النصوص النهائية لنظام عمل الصندوق.

وكان الغرض الثاني هو القضاء على ربط العملات بغطاء من الذهب، وفي نهاية المؤتمر أدت المفاوضات الى ربط كل العملات بالدولار، وتم ربط الدولار وحده بالذهب بقيمة 35 دولار للأونصة.

كانت نتيجة هذا القرار بحسب قول وزير المالية الفرنسي آنذاك فاليري جيسكارد ديستان، ان أمريكا قادرة على طباعة الدولارات مثلما تشاء، وأنها حازت على أفضلية ان تكون في حالة ازدهار اقتصادي دائم، وقد أكد رئيس تحرير شبكة سكاي نيوز الإخبارية، البريطاني إد كونوي في كتابه «المؤتمر»، ان الصندوق جاء لتكريس هيمنة أمريكا الاقتصادية على العالم.

كانت بريطانيا في عام 1949 هي أول دولة تطالب بخفض قيمة عملتها بعد إنشاء الصندوق وبنسبة عالية (30%)، وقد تسبب قرار التخفيض في انهيار قيمة الدخل الفردي البريطاني، وبداية ازمة اقتصادية بسبب افلاس الدولة بعد الحرب العالمية الثانية وعدم قدرة المنتج البريطاني على منافسة المنتج الأمريكي والألماني والياباني بعد إعادة تشغيل الدورة الانتاجية الالمانية واليابانية في بداية الخمسينيات.

عقب فشل نظام بريتون وودز، حدثت صدمة نيكسون عام 1971، حيث تم رفع الربط الدولاري للذهب، ولكن بعدما تمكنت الولايات المتحدة من تثبيت الدولار كأكثر عملة متداولة في العالم، وبعد اعتماد الدولار كالعملة الائتمانية الرئيسية لدى صندوق النقد الدولي الذي تتمتع الولايات المتحدة بأغلبية التصويت في مجلس إدارته، كما انها ترأس مجلس إدارة البنك الدولي.

كل ذلك يصب في الجدل حول طبيعة الصندوق لأن تجارب التاريخ تخبرنا ان الصندوق يعمل دائما في خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ونمطها الاقتصادي على حساب الدول الأخرى التي يتحمل مواطنوها تبعات تنفيذ برامج وخطط الصندوق. لذلك وجب على هذه الانتباه واليقظة لتحاشي السلبيات.


لمزيد من مقالات جمال خالد عبدالناصر;

رابط دائم: