رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

هل هو حقا سيدنا يوسف؟

أربع مرات في حياتي كلها.. اهتز مني الجسد وأحسست بقشعريرة وانتفض في صدري القلب وتسارعت دقاته.. وتصببت عرقا ونصبا وأنا أقف في حضرة نبي أو رسول كريم من رسل الله.. الذين أرسلهم بالهداية والنور لكل البشر.. الحافظون لسننه.. الذين قالوا قبل كل خلق الله لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وكنا له ساجدين شاكرين مسبحين بحمده أبد الدهر كله.. المرة الأولي إن كنتم تريدون أن تعرفوا.. كانت أمام قبر الرسول الكريم سيدنا محمد بن عبد الله آخر الأنبياء وخاتم المرسلين الذي نزل عليه آخر كتاب سماوي نزل بالحق والدين والهداية لكل البشر اسمه القرآن الكريم.. شعرت بكياني كله يهتز.. لأعرف وأدرك عن يقين أن الذي أقف خاشعا متضرعا في حضرته هو نبي كريم ورسول عظيم..



والمرة الثانية عندما ذهبت إلي الجامع الأموي في دمشق وفتحوا لي القبو الذي تستقر فيه منذ زمان بعيد رأس سيدنا يحيي بن زكريا ابن خال المسيح عيسي بن مريم بأناجيله ونوره الذي ملأ كل فجاج الأرض بالإيمان والهداية والخير لكل البشر.. وقد فقد سيدنا يحيي أو يوحنا المعمدان كما يطلقون عليه إخوتنا في الدين والوطن والهم.. من قبط مصر.. والذي عثرت أنا في عام 1968 علي رفاته ـ دون رأسه ـ في دير الأنبا مقار مع الأثري الكبير محمد عبد التواب طيب الله ثراه.. يومها شعرت بهزة في كياني كله.. في دمشق وليس في القاهرة..

أما المرة الثالثة.. فقد كانت عندما زرت قبر سيف الإسلام وحجته النابه المعروف باسم الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف في العراق الحبيب قبل أن يدمروه ويمزقوه إربا ويقتلوا من شعبه حتي الآن ما يزيد علي أربعة ملايين عراقي.. ومازالوا يفعلون.. والمسلمون في كل بقاع الأرض ـ ونحن منهم ـ يتفرجون ولا يتحركون!

أما المرة الرابعة.. فقد كان يرافقني .. والأصح إنني كنت يومها أرافقه من قبيل حفظ المقامات الدينية والدنيوية صديقنا وحبيبنا البابا الراحل شنودة الثالث بابا الاسكندرية.. زميل دراسة الصحافة التي كان يعشقها عندما حل علينا نحن طلبة قسم صحافة في كلية آداب جامعة القاهرة في أواخر الخمسينيات كطالب زائر ـ قبل أن يرتدي ثوب الكهنوت ـ وقد دعاني يومها لزيارة القبو المقدس الذي اختبأت فيه العذراء مريم مع طفلها كتاب الله في الأرض والمعجزة الإلهية التي اسمها المسيح عيسي بن مريم هربا من طغيان وبطش الحاكم الروماني هيرودوت ـ وأرجو أن يكون الاسم صحيحا ـ في كنيسة أبوسرجة ويومها شعرت بنفس القشعريرة.. حتي أن البابا شنودة نفسه سألني يومها بعبارة محببة: مالك يا عم عزت انت بردان..؟

وأذكر أنني قلت له يومها: هذه القشعريرة التي هزت كياني الآن.. تؤكد لي أن المسيح عيسي بن مريم قد اختبأ هنا طفلا صغيرا.. في حضن وحماية أمه أطهر نساء الخلق أجمعين العذراء مريم ابنة عمران.. وعين الله تحرسهما من شرور أهل الأرض!

......................

......................

ولكن هل هناك مرة خامسة؟

أسمعكم تسألون؟

وجوابي: نعم.. وكنت يومها برفقة العالم الأثري الجليل د. عبد العزيز صالح الملقب بأبو الأثريين أو شيخ الأثريين وقد قدمني إليه رفيق الطريق عالم المصريات د. زاهي حواس .. بوصفه أستاذه ومعلمه الأول..

وعندما عثر العالم الأثري الكبير علي البيت الذي كان يسكنه سيدنا يوسف عليه السلام في عين شمس.. وحدد أمامي العالم الكبير معالم البيت.. هذه حجرة نوم سيدنا يوسف وزوجته أسنات ابنة الكاهن فوطي فارع وأرجو أن تكون الأسماء صحيحة ـ وهذه أماكن مخازن غلاله التي أنقذ بها شعب مصر وشعوب المنطقة كلها من الموت جوعا.. قبل الزمان بزمان!

يومها.. سرت بنفسي القشعريرة التي تنتابني وتتملكني عندما أقف أو أدخل مكانا عاش فيه نبي أو دفن فيه نبي من أنبياء الله.. قد أكون مخطئا فلست أنا بالطاهر التقي الورع لكي يتملكني هذا الشعور العظيم.. وهذه الرعشة المقدسة الطيبة في زمان غلب عليه وشائج الخلق السيء والفجور والخطيئة وعظائم الأمور وظلم الإنسان لأخيه الإنسان وما خفي كان أعظم..

وقد يسأل سائل: هل شعرت بهذه القشعريرة عندما دخلت مقبرة الكاهن يويا الذي يؤكد الأثريون أنه هو نفسه سيدنا يوسف عليه السلام؟

والجواب: لم يحدث أنني دخلت قبر يويا وزوجته.. ولكن الذي دخل وعرف وشعر وأدرك انه أمام نبي عظيم هو عالم أثري عظيم اسمه الدكتور سيد كريم الذي أكن له كل حب وكل تحية لكل ما قدمه لمصر وللتاريخ من رائع الكشوفات وعظيم الكتابات.. واسمحوا لي أن أنقل هنا كلماته بالحرف وبالسطر من كتابه العظيم اخناتون..

ماذا يقول يا تري استاذنا ومعلمنا د. سيد كريم؟

هل كشف السر وما أخفي؟

لنقرأ معا.. ونري..

..............................

..............................

ولكن يبقي السؤال: هل يويا هو حقا سيدنا يوسف بمومياته ولحمه ودمه؟

يقول عمنا وتاج راسنا د سيد كريم بالحرف الواحد:

>> أثبتت الدراسة التي قام بها «تيودور ديفيز» مكتشف مقبرة «يويا» عام 1905 أن التشابه الكبير بين «يوسف الصديق» والوزير الفرعوني «يويا» ليس في الاسم فقط ولا في اللقب «أبي الفرعون» وهو الذي وصف به «يويا» في البرديات ووصف به «يوسف» في (سفر التكوين) بل كان «يويا» مثل «يوسف» يحمل لقب (حامل أختام الملك) مما يدل علي مسئوليته عن المخازن. وكان «يويا» مثل «يوسف» يحمل ألعاب «سمير الملك» والأب المقدس للملك، والحكيم والمشرف العام علي المواشي المقدسة بأخميم ومن جعله الملك مثيلا له. ومن يحب الرب ومن يتغني بعبده.. ليس هذا فقط بل هناك ما هو أهم:

>> جاء في (سفر التكوين) صحاح 41 «خلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد «يوسف».. وألبسه ثياب بوخي ووضع عقد ذهب في عنقه، وأركبه في مركبته الثانية».

>> وقد عثر «تيودور» في مقبرة «يويا» علي االعقد الملكي الذهبي والعربة التي أهداها فرعون «ليويا».

>> وقد أكدت دراسات «موميا يويا» أن صاحبها لم يكن مصريا وفقا للمواصفات الجسدية للمصريين القدماء كذلك الأنف المعقوف والشكل العام للجمجمة، وتؤكد الموميا أن صاحبها توفي في سن متقدمة ويؤكد هذا الشعر الأبيض الموجود، كذلك مات «سيدنا يوسف» في سن كبيرة.

>> «ثم مات يوسف وهو ابن مائة وعشر سنين» (سفر التكوين اصحاح 50) أما مومياء زوجته «تويا» فهي مصرية والمعروف أيضا أن «يوسف» تزوج «اسنات» المصرية ابنة «فوطي فارع» كبير «كهنة اون».

المتحدث مازال هو د. سيد كريم:

>> شخص واحد في المراحل التاريخية القديمة حصل علي لقب «أبا الفرعون» الذي نسبه سفر التكوين بالتوراة للنبي يوسف عليه السلام.

>> وتداعت الأفكار في ذهني، وبالبحث حاولت أن أجد علاقة بين هذه التسمية وبين اللقب الذي حصل عليه «يويا» وزير «أمنحتب الثالث» في الأسرة 18. والقصة كما وردت في التوراة تشرح أن «يوسف» بعد أن كشف عن حقيقة شخصيته لإخوته في مصر بعد أن كبر وأصبح وزيرا، أصابهم الخجل، وحاولوا الاعتذار عما فعلوه به عندما ألقوا به في الجب.. فكان جوابه لهم «إنها إرادة الله التي جعلته يأتي إلي مصر ليصير (ابا الفرعون).. وليست هذه بصفة عادية يصف بها «النبي يوسف» نفسه.. فلابد أن هناك علاقة بين االنبي يوسفب و«يويا».

وبالبحث تأكد لي أنه في 12 فبراير 1905 اكتشف عالم الآثار الانجليزي اتيودور ديفزب في وادي الملوك بالقرب من «مقبرة رمسيس الثاني عشر»، و«تحتمس الرابع» مقبرة صغيرة تتكون من غرفة واحدة بلا رسوم علي الجدران.. واتضح أنها مقبرة «يويا» وزوجته «تويا» وكانت المقبرة سليمة لم تمتد إليها يد عابثة سوي أنه علي ما يبدو أنه بعد دفن المومياء مباشرة دخلها سارق.. ويبدو أن كل ما أخذوه هو الخاتم من أصبع مومياء «يويا».

وعن علاقة «خاتم يويا» بالنبي يوسف يقول الأثري أحمد عثمان: حسب ما ورد بالقصة الدينية في التواراة أنه عندما استطاع «يوسف» تفسير حلم فرعون الخاص بالسبع بقرات، عينه الملك وزيرا له وأعطاه ثلاثة أشياء.. خاتم الملك وهو دليل علي تقلده لمسئوليته الجديدة في تولي شئون المالية ومخازن الفرعون.. كما أعطاه الفرعون العجلة الحربية الثانية التي كانت لديه وعقدا من الذهب الخالص.. وفي مقبرة «يويا» يوجد الدليل علي سرقة الخاتم.. ولكن العقد الذهبي والعجلة موجودان.

وهناك حقيقة أخري، ذكرت في التوراة ـ د. سيد كريم يتكلم ـ وهي أن «النبي يوسف» قد تزوج من امرأة مصرية عند تعيينه في مركزه الجديد.. وبفحص مومياء «يويا» وزوجته «تويا» التي ترقد بجواره هناك شبه إجماع بين علماء الآثار علي أن ايوياب لم يكن مصريا.. وهناك من يقول بأنه من أصل سامي.. وهذا يتضح من أنفه وتكوين جمجمة المومياء.. في حين أجمع العلماء أن زوجته مصرية تماما. فالآن ليس أنتم أسلمتموني إلي هناك، بل الله. وقد جعلني (أبا الفرعون) سفر التكوين والإصحاح 45.

........................

........................

مازلنا نبحث لنعرف ونستريح.. د. سيد كريم يقول لنا:

<< وتؤكد المراجع أن «يوسف» قد جاء إلي مصر مع قافلة التجار الذين اشتروه بعد إخراجه من الجب وباعوه بدورهم لعزيز مصر أيام الملك «أمنحتب الثاني».. وفي عهده حدثت قصة محاولة زوجة العزيز إغراءه ورفضه مخالفة تعاليم ربه، مما أدي إلي دخوله السجن.. أما الملك الذي عينه وزيرا له فهو «ابن امنحتب الثاني» واسمه «تحتمس الرابع».. ولم يدم حكم «تحتمس الرابع» طويلا، فقد أصابته المنية وهو في الثامنة والعشرين بعد حكم لم يتجاوز التسع سنوات وترك وراءه ابنه «امنحتب الثالث».

>> وازدادت أهمية «يويا» باعتلاء هذا الملك علي العرش، فقد تزوج الملك الجديد اطايب ابنة وزيره «يوسف».. وبسبب هذا الزواج حصل علي لقب «أبا الفرعون» فقد صار «يوسف» أبا لزوجة الملك الجديد، وهو «أمنحتب الرابع» الذي خلف والده في حكم مصر.

>> وهناك حقيقة علمية أو دليل آخر.. فيتضح من المومياء أن «يويا» أو «يوسف» قد مات في سن متأخرة كما تذكر كتب التاريخ ومازالت المومياء حتي الآن تحمل من الجلال والروعة والرهبة ما يدل علي أن صاحبها كان في شبابه وسيم الطلعة.

>> ومن الثابت في القرآن والتوراة أن «يوسف» قد عين في مركزمهم في مصر القديمة وهو ما يبدو أنه يكاد يكون متطابقا تماما مع الشخصية التاريخية للوزير «يويا» كما أن قصة السبع بقرات والسبع سنابل التي لم يستطع أحد تفسيرها لفرعون سوي «يوسف» تتفق مع قصة الوزير «يويا».

>> كما أن اسم «يويا» لم يكن له معني في المصرية القديمة، كما أن اختلاف الكتبة المصريين في طريقة كتابته أدي إلي الاعتقاد بأن صاحبه كان أجنبيا. ولما كانت الأسماء المصرية تنسب الإنسان للإله الذي يعبده، فإن الاسم الذي لقب به المصريون هذا الوزير «يويا» تنسبه إلي «يهوه» إله العبرانيين.. فهو «يوسف ابن يعقوب».

>> كما أن باليوت سميثا المشرح الذي قام بفحص مومياء يويا سنة 1905 أثار مسألة كونه من سلالة غير مصرية، وواضح من شكل الأنف المقوس أنه سامي.

>> كما أن الألقاب والوظائف التي يحملها «يويا» تشبه الألقاب والوظائف التي حملها ايوسفب وأهمها لقب وزير المالية. وهناك نقاط أخري لها دلالتها، مثل خلو جدران مقبرة «يويا» من الرسوم والكتابات إطلاقا.. وكون موميائه هي الوحيدة التي وصلت إلينا سليمة تماما.. حتي الملامح لم يصبها تلف أو سواد.!

..........................

..........................

أنا أسأل هذه المرة: ما سر التشابه بين اسم «يويا» أو يويوا و«يوسف» وأصل كليهما ايهواب وهو اسم الله عند العبرانيين؟

ولماذا يدفن في وادي الملوك بين ملوك مصر ولم يكن ملكا بل وزيرا فقط؟

ولماذا أيضا يدفن بين ملوك الفراعنة وهو لم يكن مصريا كيف تم تحنيطه تحنيطا ملكيا وهو لم يكن مصريا؟

د. سيد كريم يجيب: لقد عاش يوسف عليه السلام في أون وأنجب ولديه منسيا وافرايم وقال إنه أطلق علي ولده البكر اسم منسيا لأن الله أنساني تعبي في بيت أبي وأطلق علي الثاني اسم افرايم لأن الله جعلني مثمرا في أرض مذلتي كما جاء في التوراة.

وإذا كان سيدنا يوسف عليه السلام قد عاش في مدينة «أون» أقدم مدن الأرض، وتعلم في جامعتها القديمة القراءة والكتابة باللغة الهيروغليفية والحكمة والفلسفة والفلك.. فإن «أون» نفسها التي تحدثت عنها التوراة هي مدينة الحكمة والفلسفة والأديان منذ فجر التاريخ المكتوب.

منها عرفت الدنيا قديما قبل نحو 6 آلاف سنة وقبل نزول الأنبياء إلي الأرض بنحو 2000 سنة أن وراء هذا الكون خالقا واحدا أحدا هو الله!

المكان الذي عاش فيه سيدنا يوسف زمنا ليس بالقصير.. فيه تعلم القراءة والكتابة والحكمة.. وفيه جاءه وحي الله وأصبح نبيا.. وفيه حمل اسما مصريا جديدا هو «صفقات فعنبح» وفيه تزوج من أسنات ابنة فوطي فارع كاهن أون وفيه أنجب ابنيه منسيا وافرايم!

والمكان الذي عاش فيه يوسف وتعلم وتزوج قالت عنه التوراة إن اسمه «أون» أول عاصمة دينية وحضارية لمصر.. خرجت إلي الوجود قبل 60 قرنا..

تصفيق حاد للكلام ولعظمة مصر والمصريين عبر الحقب والأزمان.{

Email:[email protected]

Email:[email protected]
لمزيد من مقالات عزت السعدنى

رابط دائم: