تسعى المملكة المتحدة دائما لتأكيد إعتبارها مصر كأولوية لها وحرصها والتزامها الدائم نحو تطوير وتوطيد علاقاتها بمصر على كافة المستويات خاصة على المستوى الاقتصادي.
ولهذا جاء تعيين المملكة المتحدة مبعوثا تجاريا بريطانيا لمصر فى العام الماضى تأكيدا لذلك. ومنذ اختياره لتولى مهمة هذا المنصب، قام المبعوث التجارى البريطانى لمصر السير جيفرى دونالدسون بعدد من الزيارات لمناطق متعددة مثل القاهرة والاسكندرية وغيرهما. وفى زيارته الاخيرة، جاء دونالدسون على رأس وفد تجارى كبير ضم 40 شركة بريطانية عقدت على مدى أسبوع عددا كبيرا من اللقاءات مع ممثلى الشركات المصرية لبحث سبل زيادة الإستثمارات البريطانية فى مصر. وأكد دونالدسون فى حوار لــ «الأهرام» أن وجود هذا الوفد التجارى الكبير ليس فقط تأكيد الالتزام بريطانيا نحو مصر، بل يعكس أيضا ثقة المستثمر البريطانى فى الإجراءات الصعبة التى اتخذتها الحكومة المصرية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي. وأضاف ان خروج المملكة من الاتحاد الأوروبى سيؤثر بصورة إيجابية على تطور علاقاتها التجارية والاستثمارية مع مصر، حيث ستسعى بريطانيا للتركيز على زيادة تواجدها فى اسواق جديدة على رأسها مصر. وفيما يلى نص الحوار:
ما طبيعة البعثة التى ترأسها خلال زيارتك لمصر؟
لدينا حاليا ثلاث بعثات تجارية من المملكة المتحدة تقوم بزيارة لمصر،فهناك بعثة تجارية تضم عددا كبيرا من ممثلى الشركات البريطانية لعقد لقاءات مع أعضاء الغرفة التجارية المصرية ــ البريطانية، ولدينا بعثة ثانية من أيرلندا وثالثة من أسكتلندا والتى جاءت لبحث سبل الاستثمار فى مجال البترول والطاقة.
ويعكس وجود البعثات التجارية الثلاث مدى حرص المملكة المتحدة على ضرورة توسيع حجم اعمالها فى السوق المصرية.
وقد التقى أعضاء البعثات الثلاث مع عدد كبير من رجال الأعمال المصريين وممثلى الشركات المصرية لبحث فرص إقامة مشروعات واستثمارات مشتركة.
هل يعكس ذلك أيضا الثقة فى الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية؟
بالطبع فوجود تلك البعثات التجارية الموجودة حاليا فى مصر يعكس حقيقة أن الإجراءات والقرارات الصعبة التى اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا قابلها المجتمع الدولى باستحسان. وتعتبر المملكة المتحدة أكبر مستثمر فى مصر، وخلال السنوات الخمس الماضية استثمر عدد من الشركات البريطانية اكثر من 30 مليار جنيه إسترلينى فى السوق المصرية وهو حجم استثمارات أكبر بكثير مما تستثمره أى دولة أخرى فى مصر وهو دليل واضح على التزامنا تجاه مصر. ومع ذلك فنحن لا نعتزم الاكتفاء بذلك، بل على العكس فنحن نعتزم تقديم حجم اكبر من الاعمال داخل مصر. ولدينا ثقة كبيرة فى الاقتصاد المصرى الذى بدأ ينمو، ونحن على ثقة بأن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة ستؤتى ثمارها على المدى الطويل من ناحية جذب مزيد من الاستثمارات وإيجاد مزيد من فرص العمل للمصريين.
ما الانطباعات التى خرج بها ممثلو الشركات البريطانية خلال زيارتهم الاخيرة لمصر؟
جاءت انطباعاتهم إيجابية بدرجة كبيرة، فقد عقدوا لقاءات مع ممثلى رجال الأعمال المصريين فى القاهرة والاسكندرية والمنطقة الحرة فى قناة السويس، وأنا على ثقة بأن الكثير من الشركات البريطانية وجدت الفرص بالفعل للقيام بأعمال فى تلك المناطق. وهذا هو نوع النجاح الذى نرغب فى تحقيقه وهذا هو الالتزام الذى تلتزم به المملكة المتحدة تجاه مصر وهو زيادة حجم أعمالها واستثماراتها بالسوق المصرية وزيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وبريطانيا.
ولا يقتصر الأمر على الشركات الكبيرة فقط التى تمتلك بالفعل حجم استثمارات كبيرة فى مصر، فهناك أيضا شركات صغيرة ومتوسطة لديها مشروعات ناجحة جدا فى مصر، وذلك فى مجالات مختلفة ومتنوعة.
وهناك مجالات كثيرة تلفت انتباه الجانب البريطانى غير المشروعات الاقتصادية، مثل إقامة مشروعات مشتركة فى مجال الامن ومجال التعليم وصناعة الدواء وتكنولوجيا المعلومات. وقد ادركنا انه مع زيادة رغبة الشركات البريطانية للاستثمار فى مصر، كان هناك حاجة للاستفادة من أصحاب المهارات لذا هناك حاجة لتطوير مجال التأهيل المهنى لتحقيق اكتساب المهارات للراغبين فى الالتحاق بسوق العمل. ولهذا يرغب عدد من الجامعات البريطانية أيضا فى التواجد للمساهمة فى تطوير قطاع التعليم فى مصر.
هل تم الاتفاق على مشروعات محددة تقوم بها المملكة المتحدة فى منطقة قناة السويس الجديدة؟
نعم، لدينا عدد من الشركات البريطانية تقوم حاليا بالتفاوض من أجل القيام بعدد من المشروعات هناك، وفى هذا الإطار أحب أن أشير للنجاح الذى قام به الجانب المصرى فى الترويج للمنطقة الحرة لقناة السويس الجديدة ونتيجة لذلك هناك عدد من الشركات البريطانية أظهرت رغبتها فى الاستثمار فى هذه المنطقة وأعتقد أن ذلك سيسفر عن قيام العديد من الأعمال والاستثمارات البريطانية هناك.
ما متطلبات المستثمرين البريطانيين لدخول السوق المصرية؟
أعتقد أن أحد تلك المتطلبات كان اتخاذ الحكومة المصرية خطوات لتحقيق استقرار العملة المحلية وهو ما قام به الجانب المصرى بدرجة كبيرة وقوبل باستحسان وبإيجابية من قبل الشركات البريطانية. وسنستمر فى دعمنا للإصلاحات الاقتصادية التى تسعى مصر لتحقيقها خاصة لتكتسب قدرة اكبر على التنافسية فى مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري. وأعتقد ان الشركات البريطانية ترغب بشدة فى مزيد من التسهيلات للقيام بأعمال فى مصر مثل وجود تشريعات عادلة حتى يتأكد المستثمرون ان الاستثمار فى مصر سيعود عليهم بالنفع، وكلما أحرزت مصر تقدما فى ذلك المجال، زاد حجم إقبال الشركات البريطانية على السوق المصرية.
هل سيؤثر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى على أولوياتها لتطوير علاقاتها التجارية والاستثمارية مع مصر؟
نعم سيؤثر ذلك بصورة إيجابية على حرص المملكة المتحدة على تطوير علاقاتها التجارية والاستثمارية مع مصر، فمع حرص بريطانيا على الإبقاء على علاقاتها التجارية مع الدول الاعضاء بالاتحاد الأوروبى بعد خروجها منه، إلا أن بريطانيا تسعى أيضا لتطوير أسواق أخرى فى مناطق أخرى مختلفة أيضا وزيادة تواجدها فى تلك الاسواق. ولقد تم تحديد مصر باعتبارها إحدى أهم الأسواق التى تسعى بريطانيا لزيادة حجم تواجدها فيه ولهذا طلب منى باعتبارى المبعوث التجارى للمملكة المتحدة لمصر أن أعمل مع الشركات من الجانبين المصرى والبريطانى وذلك فى مناطق مختلفة فى القاهرة والإسكندرية وغيرهما وذلك لتحقيق زيادة فى التواجد البريطانى فى مصر. لذا فأنا أعتقد أن رغبة المملكة المتحدة فى التركيز على تواجدها فى الأسواق الخارجية حتما سيسهم فى زيادة حجم التعاون مع مصر وزيادة الحجم التجارى والاستثمارى بين الجانبين.
رابط دائم: